تكررت دعوات الأمم المتحدة وممثلها بالنيابة لأمينها العام في لييبا ستيفاني ويليامز المطالبة بوضع حد للقتال في ليبيا والعودة إلى طاولة المفاوضات السياسية من أجل حل الأزمة الليبية المعقدة منذ ما يقارب الـ 9 السنوات في أعقاب إسقاط الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.
لكن هذه الدعوات المتجددة باستمرار لا يمكن أن تمحي من ذاكرة الليبيين مسؤولية الأمم المتحدة عن تعقيد الأوضاع الليبية بشكل أدى إلى تطويل أمد الأزمة، عندما فرضت على الشعب الليبي شرعية حكومة الوفاق الوطني رغم إنها لم تنل ثقة مجلس النواب الجهة الشرعية الوحيدة المنتخبة في ليبيا.
وقالت ستيفانى ويليامز، الممثلة بالنيابة للأمين العام للأمم المتحدة فى ليبيا أمس: «نحن نعمل تحت رعاية اتفاق برلين، من أجل إيجاد حل سياسى للأزمة الليبية والتحرك كذلك فى الشق الاقتصادي”، مضيفة عقب لقائها بالرئيس الجزائرى عبد المجيد تبون، خلال زيارتها للجزائر : «تلقيت اليوم ضمانات من الجزائر بدعمنا فى هذه المبادرة التى تتيح التوصل إلى وقف لإطلاق النار ووضع حد لهذا النزاع الذى طال أمده».
ويبدو لنا منذ الوهلة الأولى عند قراءة بيانات الأمم المتحدة المتكررة حول ليبيا، حرصها الدائم على عودة الأطراف الليبية إلى طاولة المفاوضات للاتفاق على حل سياسي يرضي الجميع، ولكن بالتدقيق في قراءة أسباب الأزمة بعمق سنلاحظ أن أول العوامل الرئيسية التي جعلت من ليبيا مشاعا للتدخلات الخارجية وفوضى السلاح والميليشيات وتصدر الإخوان المشهد هي الأمم المتحدة التي رعت اتفاق الصخيرات أنتج لليبيا قبل خمس سنوات، حكومة الوفاق التي أدت إلى مزيد من الأنقسام والاقتتال بين الليبيين.
لا يمكن تجاهل ما أفرزه اتفاق الصخيرات برعاية الأمم المتحدة من أزمات لليبيا، وبدلا من أن يكون (الاتفاق) سبيلا للتوافق كما أدعى من وضعوه كان سببا رئيسيا في تعميق الخلاف بين الليبيين، لاسيما وأن الحكومة التي فرضت بالأمر الواقع أممياً، بخلاف إنها لن تأخذ شرعيتها من مجلس النواب المنتخت قامت بتوطين وشرعنة الميليشيات بل وحتى تمكينها للسيطرة على مؤسسات الدولة.
وبدلا من يتم إقرار بنود الاتفاق الذي نص على إعادة انتشار الميليشيات خارج المدن ثم حلها، تصدرت الميليشيات والجماعات المتشددة المشهد وباتوا في الصفوف الأمامية لحكومة الوفاق التي تدعي رفع شعار الدولة المدنية والدفاع عن الشرعية والديمقراطية.
كل ذلك دون تحركات أممية واضحة ساعية إلى التراجع عن أخطاء الماضي أو إصلاحها، أو حتى إدانة شديدة، تستنكر ما تجترفه حكومة الوفاق بحق الشعب الليبي يوميا، لتترك لها “الحبل على السايب” كما يقول المثل وتقرر الأخيرة استدعاء طرف أجنبي (تركيا) وتوقيع معه اتفاقيات أمنية وأخرى بحرية وضعت لأنقرة قدما في ليبيا دون الرجوع لمجلس النواب، لتصبح البعثة الدولية طرفاً في الأزمة وليست وسيطاً للحل كما تدعي.
فضلا عن ذلك تغاضت الأمم المتحدة بقصد أو بدون الرفض الشعبي الليبي الدائم لممارسات حكومة الوفاق، كما كان هناك تجاهل واضح للتركيبة الجديدة للمجلس الرئاسي للحكومة الذي ضربت الاستقالات شرعيته أكثر ما جعله يسقط بحكم انتفاء اشتراط وجوده، بالإضافة إلى الصمت المريب تجاه صرف طرابلس أموال بالمليارات من الخزينة على الميليشيات والمسؤولين والسفارات وشراء الأسلحة، دون أن يصدر فيها قانون صرف أو اعتماد ميزانية من مجلس النواب.