رغم عدم وجود بيانات رسمية، إلا أن خطابات مسربة بين الجهات الليبية انتشرت على المواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً، تفيد بتوقف عملية تبادل النفط بالمحروقات بدءاً من مارس المقبل، ما يثير مخاوف الليبيين من تعرض البلاد لأزمة وقود وعودة الزحام لمحطات الوقود وتأثر إنتاج الكهرباء.
ووجه النائب العام الليبي المستشار الصديق الصور، خطاب إلى رئيس وأعضاء لجنة إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، طالب فيه بوقف أسلوب تبادل النفط الخام بالمحروقات واستحداث آلية تعاقد تعزز شفافية الإنفاق على المحروقات من الناتج الإجمالي.
وجاء طلب الصور، بناءً على أبحاث أجرتها النيابة العامة لبحث الآثار المترتبة عن تنامي نشاط الجماعات التي تمتهن تهريب المحروقات إلى خارج البلاد، والتي كشفت عن تعقيدات حالت دون انتظام إجراءات توريد المحروقات والرقابة عليه بسبب بعد جهة الإدارة عن إبرام العقود الزمنية والاكتفاء بأسلوب مقايضة النفط الخام رغم تنافر هذا الأسلوب مع ما يكفل المصلحة العامة المتمثلة في الهدف من استخدام المال العام، وكذلك إبرام عقود توريد فورية لم تكفل الصالح العام بسبب إبرامها مع شركات غير مصنعة للمحروقات.
ودعا الصور مؤسسة النفط إلى استحداث آلية تدعم جهود النيابة العامة في التصدي للأثار الاقتصادية الضارة الناجمة عن تجاوز القواعد التي تكفل صيانة المال العام بإبرام عقود زمنية يستيسر فحصها وبحث عدالتها.
كما وجه رئيس مؤسسة النفط المكلف مسعود سليمان، خطاب إلى وزير الدولة لشؤون رئيس الحكومة ومجلس الوزراء بحكومة الوحدة، أفاد فيه بأن المؤسسة الوطنية للنفط ستتوقف عن العمل بنظام المبادلة لتوريد المحروقات بداية من شهر مارس المقبل، بناءً على مطالبة من ديوان المحاسبة، داعياً إلى ضرورة توفير الميزانيات المطلوبة لعمليات التوريد.
وأشار سليمان إلى أن المؤسسة لا تتحمل مسؤولية عودة ظاهرة الازدحام أو أي انقطاعات في محطات الكهرباء وغيرها من المرافق الحيوية لنفاد الأرصدة بسبب تعثر أو تعطل الدفع، مشيراً إلى وجود متسع من الوقت لاعتماد آلية السداد من الجهات المختصة للعمل بها منذ بداية شهر مارس 2025.
ولفت سليمان، إلى أنه حصل على موافقة شفهية من ديوان المحاسبة على استمرار العمل بنظام المقاصة للصادرات النفطية لتلبية احتياجات السوق المحلية خلال شهر فبراير فقط، إلى أن يستكمل مصرف ليبيا المركزي جاهزيته لتوفير الميزانيات المخصصة للمحروقات.
كما ذكر سليمان أن مؤسسة النفط ستوقف اعتباراً من الأول من شهر مارس 2025 السداد بآلية الدفع العيني لشركاء الواحة وشركة إيني لتزويد الغاز، وإيقاف مقاصة الخام بالمحروقات امتثالاً لكتاب ديوان المحاسبة.
وسبق أن أكدت مؤسسة النفط أن قيمة التقديرات الشهرية لاحتياجات البلاد من المحروقات تصل إلى 750 مليون دولار أميركي، تشمل تكاليف تزويد الغاز الطبيعي للمحطات الكهربائية.
وكان ديوان المحاسبة طالب بضرورة إيقاف العمل بنظام المبادلة لتوريد المحروقات اعتباراً من بداية العام 2025، لكن مؤسسة النفط أكدت صعوبة التوقف عن استخدام نظام المبادلة بداية العام، نظراً لأن التوريدات لشهر ديسمبر كانت قد جرى تخصيصها بالفعل وفقاً لهذا النظام، واقترحت الاستمرار موقتاً حتى يتمكن المصرف المركزي من تفعيل آلية السداد عبر الاعتمادات المستندية.
كما دعا رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، في نوفمبر الماضي، إلى ضرورة إنهاء عملية المبادلة للنفط بالوقود، ووضع آليات فعالة لحماية موارد ليبيا، مشيراً إلى سعيه لتشكيل لجنة فرعية من اللجنة المالية العليا تتولى الإشراف على تسويق النفط ومشتريات الوقود.
وكان المحلل الاقتصادي عبد الهادي الأسود، قال إن مبادلة النفط بالوقود في ليبيا والتي بدأت منذ عام 2021 قد حلت بشكل أساسي مشكلة أزمة المحروقات في الأسواق المحلية، حيث لم تشهد طوابير طويلة على محطات الوقود، مؤكدا وفرة الوقود المحلي.
وأضاف المحلل الاقتصادي في تصريحات نقلها “العربي الجديد” أنه يمكن لهذه المقايضة أن تضمن تأمين احتياجات السوق المحلية من الوقود والمنتجات النفطية الأساسية مثل البنزين والديزل، خصوصا إذا كانت الدولة تعاني من عجز في الإنتاج المحلي.
وأوضح الأسود أن نظام مبادلة النفط بالوقود يساهم في تخفيف العبء المالي على الدولة، إذا كانت تعاني من مشكلات في ميزان المدفوعات أو عجز في الحساب الجاري، يمكن أن تساعد المقايضة في تقليل الحاجة إلى دفع الأموال نقداً مقابل المنتجات النفطية.
وتشير التقديرات إلى أن ما يقرب من ثلث إنتاج ليبيا من النفط يتم بيعه بالمبادلة ولا يتم بيعه بالدولار مما يتسبب في ضياع المليارات من العملة الصعبة، وقد بلغت قيمة مقايضة النفط بالمحروقات خلال العام 2024 حوالي 9 مليار دولار، كما أوجد نظام المقايضة فروقا وتراجعا في الإيرادات العامة للدولة من العملة الصعبة.
ويرى مراقبون أن من الممكن أن تحدث أزمة في توفير الوقود بليبيا إذا فشلت مؤسسة النفط في تسويق وبيع النفط الذي كان يتم تبديله بالوقود، ومن ثم عدم قدرتها على توفير إيرادات كافية للمصرف لشراء المحروقات.
- طقس ليبيا اليوم الثلاثاء.. أجواء مستقرة والحرارة تصل لـ 14 درجة
- حكومة الوحدة تناقش ترتيبات علاج 29 مريضاً بضمور العضلات خارج ليبيا
- الخطوط الليبية: لا صحة لاندلاع حريق في طائراتنا المتجهة إلى إسطنبول
- إيقاف مبادلة النفط بالمحروقات بدءاً من مارس.. هل تشهد ليبيا أزمة وقود جديدة؟
- صحيفة إيطالية: أسامة نجيم اعتقل بموجب مذكرة من المحكمة الجنائية الدولية