الاستفتاء على الدستور في ليبيا.. هل ينهي الانقسام أم يزيده؟

0
200
الانتخابات الليبية
الانتخابات الليبية

يشهد ملف الدستور في ليبيا استمراراً للانقسامات الحادة بين الأطراف المختلفة، حيث يتجدد الخلاف حول أولوية الاستفتاء على مشروع الدستور الذي أُقر قبل سبع سنوات وهو توجه تقود حكومة الوحدة ورئيسها عبدالحميد دبيبة، أو إجراء تعديلات على المواد المثيرة للجدل. 

وتتباين المواقف بين دعوات لاعتماد المسودة الحالية كحل لإنهاء المرحلة الانتقالية وتنظيم الحياة السياسية، وبين من يطالب بإعادة النظر في بعض المواد لضمان توافق أوسع بين مكونات الشعب الليبي، بما يعكس حالة التعقيد في المشهد السياسي.

ويدفع المؤيدون للاستفتاء على المشروع الحالي باتجاه إجراء التصويت العام دون تعديلات، مستندين إلى أنه تم إقرار المشروع وفق النصاب القانوني المطلوب في الهيئة التأسيسية، وأن الشعب وحده هو صاحب القرار النهائي في هذه القضية. 

ويرى هذا الفريق أن أي محاولة لتعديل المواد ستفتح الباب أمام معارضة جديدة قد تُعقّد المسار الدستوري، مؤكدين أن الدستور الحالي يتماشى مع المعايير الدولية ويحقق الحد الأدنى من التوافق الوطني المطلوب.

في المقابل، يطالب آخرون بإدخال تعديلات على المواد التي أثارت الجدل، لاسيما تلك المتعلقة بمنع ترشح مزدوجي الجنسية والعسكريين للانتخابات الرئاسية، وهو محل الخلاف. 

ويرى هذا الفريق أن هذه التعديلات ضرورية لتحقيق صيغة توافقية أوسع تضمن رضا جميع الأطراف، مشيرين إلى أن التصويت الذي جرى عام 2017 كان مخالفاً للإجراءات القانونية وأثار اعتراضات واسعة، بالإضافة إلى إعادة النظر في قضايا تتعلق بحقوق الأقليات، حيث عبّر ممثلو بعض المكونات الثقافية واللغوية، مثل الأمازيغ، عن رفضهم للمشروع بصيغته الحالية، وذهب المجلس الأعلى للأمازيغ إلى التلويح بإجراءات أكثر تصعيداً في حال التعنت في الدعوة للاستفتاء من أي طرف كان. 

وفي عام 2018، أصدر مجلس النواب قانون الاستفتاء على الدستور المقترح في جلسة طارئة، وهو قانون يعتمد نظام تقسيم البلاد إلى ثلاث دوائر (أقاليم)، بدلاً من دائرة واحدة.

ويتزامن هذا الخلاف مع تحركات حكومة الوحدة الوطنية التي تؤكد على ضرورة الاستفتاء كخطوة أساسية لإنهاء المراحل الانتقالية، والدفع نحو تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. ودعا دبيبة في كلمته في ذكرى عيد الاستقلال، إلى اعتماد دستور ينهي المراحل الانتقالية، وينظم الحياة السياسية. 

وفي الوقت نفسه، تسعى أطراف سياسية أخرى إلى تشكيل حكومة جديدة تقود البلاد نحو هذه الانتخابات، مما يعكس استمرار الصراع بين مختلف الأطراف حول طبيعة الحلول المناسبة للأزمة، وهو توجه تدعمه بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ويقوده مجلسي النواب والأعلى للدولة، واتفقوا عليه في اجتماعات بوزنيقة الأخيرة. 

وعلى جانب آخر، يدفع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، نحو إتمام الانتخابات أولاً كحل للأزمة، ودعا لتشكيل حكومة موحدة، مهمتها إجراء الاستحقاقين الرئاسي والبرلماني، وتوفير احتياجات المواطنين.

ويعكس هذا الوضع تعقيدات المشهد الليبي، حيث لا يزال التوافق على الدستور يمثل تحدياً كبيراً أمام أي جهود لتحقيق الاستقرار.

وبينما يدعو البعض إلى الاحتكام للاستفتاء كوسيلة لإنهاء الجدل، يرى آخرون أن الحل يكمن في تعديل المواد الخلافية لضمان تحقيق رؤية مشتركة تُمهّد الطريق نحو بناء دولة مستقرة تستجيب لتطلعات الشعب الليبي.