مشاهد مكررة لانعدام الأمن والاستقرار كل عام في ليبيا، فمع سيطرة الميليشيات على مساحات كبيرة ومدن عدة في المنطقة الغربية، توسعت اشتباكات “فرض السيطرة” بينهم، لتطال المدنيين العزل، وكان لعام 2024، نصيب الأسد من تلك المهزلة الأمنية.
حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية، والتي تسيطر على الغرب الليبي، تقف موقف المتفرج لتشاهد القصف المتبادل بين الميليشيات، التي اعتمدت عليها بشكل كامل، في تشكيل منظومتها الأمنية والعسكرية، واحتمت بها خوفا من السقوط أو الإطاحة بها.
الصلاحيات الكبرى التي منحها رئيس حكومة الوحدة، عبد الحميد دبيبة، لقادة الميليشيات وآمريها، أعطت لهم الضوء الأخضر لممارسة ما يحلو لهم، دون أن يسألهم أحد عما يفعلونه، أو يطالبونهم حتى بتبرير ما يحدث.
زيادة سيطرة الميليشيات واستمرار الحالة العدائية بينها، زاد من عمليات الاغتيال، التي باتت طبيعية وسط هذا الكم من الفوضى وانعدام الأمن، فلا يخلو يوم، دون أن يسمع الشعب عن اغتيال أحد أفراد أو قادة تلك الميليشيات، بغرض الانتقام وتقليل السطوة.
وكان آخر تلك الاشتباكات، في مدينة الزاوية، والتي اندلعت قبل بضعة أيام، واستمرت حتى اليوم التالي بين مجموعات مسلحة، وأسفرت عن سقوط قتيل واحد على الأقل وإصابة عشرة أشخاص، في مشهد يعكس التدهور المستمر في بنية الأمن الليبي.
ونشبت الاشتباكات بين مجموعة محمد كشلاف، الملقب بـ”القصب”، ومجموعة أخرى تنتمي لقبيلة الشرفاء، هذه المواجهات المسلحة لم تقتصر على الخسائر البشرية، بسقوط قتيل و10 مصابين – وفق تقارير – بل امتدت آثارها لتشمل القطاع النفطي.
ما زاد من آثارها الكارثية، هو تسببها في حرائق كبيرة بخزانات مصفاة الزاوية لتكرير النفط، وهو ما دفع المؤسسة الوطنية للنفط إلى إعلان حالة الطوارئ، بالإضافة إلى تعطيل الدراسة.
واندلعت المواجهات في محيط المصفاة والطريق الساحلي الممتد من كوبري سوق الخضار إلى إشارة المرور في منطقة الحرشة، بالإضافة إلى طريق المصفاة شمالاً، مما عطل الحركة وأدى إلى حالة من الرعب بين السكان المحليين.
ودفع استمرار التوتر إلى تدخل أعيان ومشايخ وأهالي المنطقة لاحتواء الوضع وتهدئة الأطراف المتنازعة، وهو ما ساهم في استعادة هدوء حذر وعودة تدريجية للحياة الطبيعية، دون تحرك من حكومة الوحدة أو تعليق.
وفي نوفمبر الماضي، شهدت العاصمة طرابلس، اشتباكات في منطقة النجيلة وتحديداً عند بوابة الكتيبة 55 مشاة أثناء مرور رتل أمني مشترك لجهازي دعم الاستقرار والردع، حيث وقعت مشادات بين الجانبين وحدث إطلاق نار.
وأدت الاشتباكات إلى مقتل 3 عناصر من السرية الثالثة أولاد عيسي، وقتيلين من جهاز الردع وقتيل من كتيبة 55 مشاة وقتيل من جهاز دعم الاستقرار وعدد 5 جرحى.
وقالت كتيبة 55 مشاة عبر حسابها بموقع فيسبوك عقب الاشتباكات، إن آمر الكتيبة معمر الضاوي، أتفق مع آمر جهاز الردع عبد الرؤوف كارة، على تسليم المجموعة التابعة لجهازه المتسببة في إطلاق النار للنائب العام.
وفي الوقت نفسه، شهدت مدينة الزاوية اشتباكات مسلحة في منطقة الحرشة بعد ما تم استهداف سيارة أحد عناصر ما يسمى جهاز التهديدات الأمنية وتفجير سيارته.
وقبلها بأسبوع فقط، اندلعت اشتباكات بين ميليشيات تابعة لحكومة الوحدة في جزيرة الركينة، بالقرب من مصفاة الزاوية قتل فيها 3 أشخاص، وأصيب 5 آخرين، كما تعرضت بعض الممتلكات العامة والخاصة لأضرار.
وجرت الاشتباكات بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، بين مجموعة الكابوات التابعة لعثمان اللهب، آمر الكتيبة 103، المعروفة بكتيبة السلعة، ومجموعة الغويلات التابعة لآمر قوة الإسناد الأولى محمد بحرون، الملقب الفار.
وفي أكتوبر الماضي، شهدت مدينة الزاوية، اشتباكات بين مسلحين تابعين لمجموعة “الكابوات” التابعة لعثمان اللهب آمر الكتيبة 103 المعروفة بـ”كتيبة السلعة”، ومجموعة ربيع فانوطة.
واندلعت الاشتباكات التي استمرت لساعات بالقرب من طريق مصفاة الزاوية وأدت إلى إغلاق الطريق الساحلي بالمدينة أمام المارة.
وفي سبتمبر الماضي، اغتيل عبد الرحمن ميلاد، المعروف باسم “البيدجا”، وهو ملاحق دولياً في جرائم تتعلق بالتهريب والإتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية، في كمين أعده له مسلحون يوم السبت الماضي، بالقرب من الأكاديمية البحرية التي كان يقودها بمنطقة جنزور غرب العاصمة طرابلس.
وأثار مقتل “البيدجا”، توترات شديدة بين الميليشيات في غرب ليبيا، وفي مدينة الزاوية تحديداً، بعد ما كشفت التحقيقات أن جميع المشتبه بهم في قتله، عناصر تابعة لجهاز مكافحة التهديدات الأمنية الذي يقوده محمد بحرون الملقب بلقب بـ”الفأر”.
وفي أغسطس الماضي، شهدت منطقتي تاجوراء والقره بوللي، اشتباكات مسلحة شديدة العنف، أسفرت عن مقتل 9 أشخاص وإصابة 16 أخرين، حرب أدارتها وخططت لها ميليشيا “رحبة الدروع” و”صبرية”، استمرت ساعات، قبل أن تتوقف بعد سيطرة عناصر “رحبة الدروع” على مقر الكتيبة الأخرى.
وفي أبريل الماضي، اندلعت وسط العاصمة طرابلس اشتباكات مسلحة بين عناصر تتبع جهاز دعم الاستقرار الذي يترأسه عبدالغني الككلي الشهير بغنيوة، وأخرى تتبع قوة القضائية التابع لجهاز الردع بقيادة عبد الرؤوف كارة.
وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي في ليبيا مقاطع فيديو تظهر تحركات الميليشيات، وفرار العائلات التي كانت تتنزه في الحدائق العامة، في ثاني أيام العيد.
ومع بداية عام جديد، لا يوجد حل عملي وسريع وحاسم لأزمة الميليشيات في غرب ليبيا، في ظل تنامي قدراتها العسكرية، ورغبتهم المستمرة في التسليح للسيطرة على أكبر مساحة ممكنة من الأراضي الممتلكات والثروات.
- تسجيل أكثر من 461 ألف ناخب بالمرحلة الثانية للانتخابات البلدية في ليبيا
- ليبيا.. القبض على 3 أشخاص وضبط 5 كيلوغرامات من الحشيش في طبرق
- مفوضية الانتخابات الليبية تتيح تسجيل الناخبين عبر رسائل الهاتف خلال عطلة العيد
- انخفاض طفيف في معدلات إنتاج النفط الليبي
- ليبيا.. المنفي يتلقى برقية تهنئة بعيد الفطر من رئيس جيبوتي