عام 2024.. ليبيا غارقة في بحر من الفساد

0
114

اتهامات مبطنة بالفساد، لحكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية في ليبيا، خلال عام 2024، من خلال التوسع فيما يمكن وصفه بـ”الإنفاق الموازي”، وهو ما سلط الضوء على ما يمكن أن تقوم به الحكومة لإنفاق كل تلك الأموال في أقل من عام.

وظهر هذا الأمر جليا، بعد أن أصدر ديوان المحاسبة الليبي، تقريره السنوي عن العام 2024، كشف تقرير ديوان المحاسبة الليبي، حيث كشف عن تفاصيل كارثية وتجاوزات مالية خطيرة.

وسلط الضوء من خلال رصده للعديد من الأرقام، على إهدار للمال العام الليبي، ليشير بأصابع الاتهام نحو المسؤولين الليبيين، ومطالبا بشكل غير مباشر بمحاسبتهم عما وصل إليه الوضع في البلاد.

وضع تقرير الديوان خطا تحت نظام مقايضة النفط مقابل الوقود، موضحا أن نظام المقايضة مازال مستمرا، حيث بلغت تكلفت المقايضة 41 مليارا و261 مليونا و841 ألفا و360 دينارا.

وما زاد من خطورة هذا الجزء من التقرير، هو أن صرف هذا المبلغ من قبل حكومة الوحدة الوطنية، تم دون إثباته في سجلات وزارة المالية، وهو الأمر الذي شوه بيانات الدولة المالية، وأظهرها على غير حقيقتها، وكشف عن إهدار للمال العام، وسلط الضوء على أوجه إنفاق غير معلومة.

أما نظام المقايضة في حد ذاته، والذي فتح بابا واسعا للفساد في ليبيا، فإن عملية مقايضة النفط مقابل الوقود بدأت العام 2018 لتغطية الاستهلاك المتزايد للوقود وإنتاج الكهرباء من خلال آليات تنسيق معقدة بين شركات تسويق النفط وشركات إنتاج الطاقة، ولا تتولى مسؤوليتها المؤسسة الوطنية للنفط أو وزارة النفط.

الأمر الذي يعني أن الدولة لا تشرف بشكل كلي على تلك العملية ولا علاقة لها بهذا الأمر، وإنما وجودها شكليا فقط، وأن الأموال التي أنفقت على هذا البند غير معلومة وجهتها ولا يعلم أحد أين ذهبت تلك المليارات.

كما أظهر تقرير ديوان المحاسبة السنوي تناقص فائض الميزانية خلال العام 2023، ليحقق مليار و80 مليونا و24 ألفا و287 دينارا، مقابل 6 مليارات و278 مليونا و58 ألفا و822 دينارا في العام 2022.

وتعكس البيانات انخفاض الإيرادت المحققة في 2023 (175.08 مليار دينار)، مقابل 176.86 مليار دينار في العام 2022، في حين ارتفعت المصروفات في 2023 إلى 174.003مليار دينار مقارنة 170.588 مليار دينار في 2022.

وأشار التقرير أيضا إلى سداد الحكومة مبلغ قيمته 316.44 ألف دينار، في حجوزات فندقية لفترات طويلة لاشخاص دون توضيح صفاتهم أو تبعيتهم، مسلطا الضوء على مبالغة نائب رئيس الحكومة ومرافقيه في الإنفاق على إقامات فندقية لبضعة أيام في تونس وقطر والسعودية بقيمة 177 ألف دينار.

ووفقا للتقرير، فإن ديوان مجلس الوزراء أنفق 717 ألف دينار لشركة روائع الاتقان التموينية، مقابل خدمات إعاشة له استمرت بنفس الوتيرة حتى في شهر رمضان.

وأوضح التقرير، أن الحكومة أنفقت 289 ألف دينار مقابل تسيير رحلة خاصة لوفد من غرفة التجارة و الصناعة والزراعة مصراتة، بالإضافة إلى إنفاق 157 ألف دينار بالمخالفة مقابل توريد أثاث مكتبي، بالإضافة إلى 426 ألف دينار مقابل أجهزة إلكترونية لفوج الكشافة مصراتة.

وكشف التقرير، عن اعتماد ديوان مجلس الوزراء إنفاق 720 ألف دينار مقابل توفير طائرة نقل خاصة لموسى الكوني عضو المجلس الرئاسي لنقله إلى غينيا، تخصيص مبلغ 500 ألف دينار لهيئة رصد المحتوى و 2 مليون لمدينة طرابلس الإعلامية و 1 مليون دينار لصندوق دعم الاعلاميين.

وأنفقت الحكومة، وفقا للتقرير، 665 ألف دينار لشركة الواحة للمعارض لتجهيز حدث إحياء ليلة القدر في طرابلس بتكليف من الحكومة.

أما عن تقرير هيئة الرقابة الإدارية، الذي صدر في أكتوبر المنقضي، فكان كارثيا، حيث رصد مخالفات مالية وإدارية حررت بها 470 قضية، تم إحالة 450 قضية منها إلى التحقيق، فيما وصل عدد المتهمين في جميع القضايا إلى 1233 شخصاً.

وتوزعت تلك القضايا إلى 55 قضية محالة إلى غرفة الاتهام، متهم فيها 190 شخصاً، بالإضافة إلى إحالة 74 قضية إلى المحاكم الجزئية، لمقاضاة 193 شخصاً.

كما تلقت المجالس التأديبية الخاصة ومجلس التأديب الأعلى 118 قضية، متهم فيها 168 شخصا، في حين جرى حفظ 57 قضية.

وأشار تقرير هيئة الرقابة الإدارية إلى أن القضاء أصدر إدانة في 82 قضية من بين القضايا المحالة إليه من هيئة الرقابة الإدارية من العام 2017 حتى العام 2023، من بينها أربع قضايا خلال العام الماضي فقط.

كما رصد تقرير هيئة الرقابة الإدارية عدم تقيد عدد من الجهات الخاضعة لرقابة الهيئة بأحكام لائحة العقود الإدارية رقم 563 للعام 2007 عند تنفيذها المشروعات من حيث آليات وإجراءات التعاقد عند إبرامها لتلك العقود التي تقل قيمتها عن خمسة ملايين دينار.

وانتقد تقرير الهيئة التوسع في عمليات التعاقد بالتكليف المباشر، وهو أسلوب قالت إنه يفرغ التعاقد والتنافس من مضمونه، ويفتح الباب على مصراعيه للفساد والتلاعب بالمشروعات وقيمتها وجودتها بالمخالفة لأحكام لائحة العقود الإدارية.

كما أظهر التقرير، تسجيل اختلاف في الإيرادات النفطية والمصروفات بين كل من مصرف ليبيا المركزي ووزارة المالية والمصرف الليبي الخارجي، مرجعة السبب في ذلك إلى اختلاف الإجراءات المتبعة من جميع الجهات المعنية.

كما كشفت البيانات التي تصدر عن مكتب النائب العام الليبي، حجم الفساد ومحاولات ملاحقة المتورطين فيه، وأبرزهم واقعتي استيلاء على مبالغ من حسابات مصرف الصحاري فرع الماية، تقدر بنحو 119 مليون دينار.

وفتحت النيابة تحقيقا في واقعة الاستيلاء على 116 مليونا من الحسابات، حيث اختصمت مدير سابق للفرع لعدم امتثاله للإجراءات، إضافة إلى تسعة موظفين.

وتوصل التحقيق إلى أن المتهمين حصلوا على منافع مادية غير مشروعة؛ بتعمدهم تزوير القيودات المحاسبية؛ وإجراء تحويلات مالية إلى حسابات تخضع لسيطرتهم.

واكتشفت النيابة واقعة مماثلة، متهم فيها المدير نفسه، الذي تعمد استعمال بطاقات الخصم المباشر “فيزا” المخصصة لأرباب الأسر؛ فحصَّل على نقد أجنبي يعادل ثلاثة ملايين و85 ألفاً و677 ديناراً؛ دون أن يقابل ذلك إيداع القيم المالية المقابلة بالنقد الوطني.

كما أعلنت النيابة أيضا في وقت سابق، عن حبس مسؤول إدارة الخدمات الصحية في بلدية القره بوللي، بتهمة الفساد المالي.

وأجرى نائب النيابة تحقيقات في مخالفات منسوبة إلى المسؤول، وأثبت صرفه مبالغ مالية مخصصة لعقود التأمين على أخطار مهنتي العناصر الطبية والطبية المساعدة، بالمخالفة للقانون.

كما أصدرت النيابة العامة الليبية، أمراً بحبس مسؤول المراجعة الداخلية في مراقبة الخدمات المالية ببلدية الجفارة بتهمة التزوير وملاحقة المشاركين معه في الواقعة.

كما أمرت النيابة بحبس مسؤول الشأن المالي في جهاز الإمداد الطبي، وملاحقة آخرين لاستخدامهم 1.5 مليار دينار، من الأموال المخصصة لتوريد الأدوية، في سداد مديونيات.

وقال المكتب الإعلامي للنائب العام في بيان إن جهة تمويل الأجهزة والمؤسسات العامة في عام 2023، خصصت 4.5 مليار دينار، لغرض إدارة الجانب المالي المتعلق بإجراء المناقصات العامة والمحدودة، والممارسات المرتبطة بعقود توريد الأدوية على اختلاف تصنيفاتها.

وتعد تلك المخالفات وسلسلة الملاحقات التي تجريها النيابة العامة والجهات القضائية في ليبيا للفاسدين والفساد، هي جزءا مما يحدث الآن في ليبيا، وجانبا بسيطا من الأوضاع حاليا فيها.