اقتصاد ليبيا في 2024: إنتاج النفط يستعيد عافيته والدينار يترنح

0
137
مصرف ليبيا المركزي
مصرف ليبيا المركزي

شهد الاقتصاد الليبي خلال عام 2024 تقلبات كبيرة نتيجة الأزمات السياسية والصراعات بين الأطراف المختلفة، مما أثر بشكل مباشر على إنتاج النفط، العمود الفقري للاقتصاد الليبي. 

وانخفض الإنتاج بشكل حاد في الربع الثالث من العام إثر أزمة مصرف ليبيا المركزي وإغلاق حقول النفط، حيث تراجع إلى 0.54 مليون برميل يومياً في سبتمبر، قبل أن يرتفع تدريجياً ليصل إلى 1.42 مليون برميل يومياً مع نهاية العام، وهو أعلى مستوى له منذ أكثر من عقد، الأمر الذي عزز الآمال بتحقيق نمو اقتصادي خلال السنوات المقبلة، خاصة مع التوقعات التي تشير إلى إمكان وصول الإنتاج إلى 1.5 مليون برميل يومياً في 2025.

ويمثل النفط نحو 97% من الصادرات الليبية و68% من الناتج المحلي الإجمالي، ويوفر 90% من عائدات الضرائب، مما يعكس اعتماداً شبه كامل على هذا القطاع، وبالتالي فإن الاقتصاد الليبي يعاني من خطر التركز، لذا فإن أي هزة في هذا القطاع تمثل هذا في الاقتصاد الليبي ككل. 

وفي المقابل، تعاني القطاعات الأخرى من إهمال كبير، حيث بلغت مساهمة الصناعة التحويلية 4% فقط من الناتج المحلي الإجمالي، والزراعة 2.8% بين عامي 2004 و2022، بينما يسيطر قطاع الخدمات على 70% من العمالة، والزراعة على 9.2%، ما يشير إلى انخفاض كبير في الإنتاجية، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع معدل البطالة إلى 18.5%، نصفها تقريباً بين الشباب، مما يزيد من تفاقم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية.

وفي ظل هذا الكم من الأزمات، شهد الدينار الليبي تراجعاً حاداً في قيمته خلال 2024، ليصل إلى في تعاملات السوق الرسمية اليوم الأربعاء، 25 ديسمبر، 4.91 دينار، وذلك للسياسات غير القانونية التي استنزفت السيولة وأثرت سلباً على الأوضاع المالية، في وقت يحاول فيه مجلس إدارة المصرف وقف نزيف العملة المحلية، ومنع تفاقم الأزمة النقدية. 

وفي الوقت ذاته، أشارت التوقعات إلى استقرار معدلات التضخم عند 2.6% في 2025، مما يعكس تحسناً طفيفاً مرتبطاً باستقرار أسعار الغذاء العالمية.

وقدّر البنك الأفريقي للتنمية معدل النمو المتوقع للاقتصاد الليبي بـ6.2% في 2025، مستنداً إلى استثمارات إضافية في قطاع النفط والاتفاقيات مع الشركات الأجنبية لزيادة إنتاج المواد الهيدروكربونية. 

وفي المقابل، حذر البنك الدولي من استمرار انكماش النمو بنسبة 2.7% في 2024، مشيراً إلى أن مستقبل الاقتصاد الليبي يظل رهينة للوضع السياسي والانقسامات الحادة بين الأطراف المتنازعة.

وفي نفس السياق، يظل الفساد المستشري بالمؤسسات الليبية أحد أكبر المعوقات، أمام تحقيق التنمية الاقتصادية، حيث تشير تقارير إلى خسارة ليبيا حوالي 600 مليار دولار منذ 2015 بسبب الفساد وسوء الإدارة. 

وتعتمد الموازنة الليبية بشكل كبير على نفقات الأجور والدعم، التي تستهلك أكثر من نصف الإيرادات، مما يحد من القدرة على الاستثمار في القطاعات الإنتاجية، أضف إلى ذلك العقود الوهمية وسياسة الأمر المباشر، والتهريب، اللذين يستنزفان الموارد، ما يعوق جهود الإصلاح ويزيد من تدهور الاقتصاد.

على الرغم من التحسن الأخير في إنتاج النفط، لا يزال الاقتصاد الليبي يعاني من ضعف شديد في الحوكمة وغياب التنويع. يمثل الاعتماد الكلي على النفط تحدياً مستمراً، حيث تظل أغلب التوقعات مرتبطة بمستوى الإنتاج وأسعار النفط العالمية. 

ويرى مراقبون أن تحقيق أي تحول اقتصادي يتطلب سياسات واضحة لتنويع مصادر الدخل والاستثمار في القطاعات الأخرى، بالإضافة إلى تعزيز الاستقرار السياسي ومكافحة الفساد، لخلق بيئة اقتصادية أكثر توازناً واستدامة.