الانتخابات الليبية حلم صعب المنال في 2024

0
141
الانتخابات الليبية
الانتخابات الليبية

مضى عام 2024 وظلت الأزمة السياسية في ليبيا دون حل، ولم يستطع الليبيون بعد إلى التوصل إلى صيغة من شأنها إتمام الانتخابات الليبية، والتي صارت حلمًا بعيد المنال مع مرور الوقت دون تحقيق أي تقدم ملموس في هذا الملف.

وبينما يتطلع الليبيون إلى استحقاق انتخابي يعيد الاستقرار ويعزز الشرعية، لا تزال الأطراف الفاعلة تراوح مكانها في مفاوضات ومبادرات لا تقدم جديدًا، مما يعمق الشعور بالإحباط لدى الشعب، رغم العديد من المبادرات والمفاوضات الرامية لإعادة إحياء العملية الانتخابية، إلا أنها لم تُترجم إلى خطوات عملية، والتي لم تترجم إلى خطوات فعلية.

ورغم أن عام 2023 انتهى بموافقة مجلس النواب الليبي، بالإجماع على إصدار قانون انتخاب رئيس الدولة وقانون انتخاب مجلس الأمة الذي أنجزته لجنة (6+6)، حسب التعديل الدستوري، قال المجلس إنه لا يقصي أحدا ممن تتوفر فيه الشروط المعروفة للترشح، ولكل مواطن الحق في الترشح مدنيا أو عسكريا دون إقصاء لأحد، غير أن الاختلافات التي تفاقمت خلال عام 2024.

وفي أبريل الماضي، أعلن رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، عن جاهزية المجلس لإجراء الانتخابات الرئاسية في ليبيا قبل نهاية العام، مشدداً على أن البلاد جاهزة لهذا الاستحقاق ونطالب المجتمع الدولي بالدعم والتشجيع.

وقال صالح، إن “القاعدة الدستورية وقانون انتخاب الرئيس وقانون انتخابات البرلمان صدروا، وأن مفوضية الانتخابات جاهزة، وآلية انتخاب رئيس الحكومة موجودة، ونريد من المجتمع الدولي أن يشجعنا”.

لكن على الأرض حال التوافق بين الفرقاء في إتمام أي انتخابات، حيث تظل الخلافات بين المجلس الأعلى للدولة والبرلمان الليبي، أحد أهم تعقيدات المشهد السياسي التي تحول دون التوصل إلى أي توافق على خارطة الطريق، الأمر الذي يفرض ضرورة تسوية هذه الخلافات أولا، للبناء على أي خطوة تمهد للانتخابات.

وخلق نجاح الانتخابات البلدية في ليبيا في مرحلتها الأولى، والتي أجريت لأول مرة منذ 10 سنوات، حالة من التفاؤل بشأن استعداد الليبيين للانتخابات، حيث أظهرت النتائج الرسمية تجاوز نسبة المشاركة 77.2 %، وهي الأعلى في تاريخ المحليات.

وقال رئيس مفوضية الانتخابات إن نسبة التصويت هي أعلى نسبة تسجلها المفوضية، مشيراً إلى أن نسبة المشاركين من الرجال في عملية التصويت بلغت 71.3 %، و29% من النساء، وعد هذه الأرقام دلالة قطعية على ارتفاع مستوى الوعي بأهمية العملية الانتخابية.

وفي سياق متصل، كثفت البعثة الأممية جهودها خلال عام 2024 لمحاولة تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة وإحياء العملية الانتخابية، عقدت البعثة اجتماعات متعددة مع ممثلي مجلسي النواب والدولة، وطرحت مبادرات لتوحيد المؤسسات وتنفيذ الانتخابات على مراحل، مع العمل على إشراك أطراف دولية وإقليمية لتوفير الضمانات اللازمة، لكنها واجهت البعثة تحديات كبيرة نتيجة تعنت الأطراف المحلية واستمرار التدخلات الخارجية، مما جعل فرص تحقيق تقدم فعلي نحو الانتخابات محدودة للغاية.

وخلال شهر ديسمبر، أعلنت القائمة بأعمال البعثة الأممية ستيفاني خوري، عن مبادرة جديدة، تهدف إلى معالجة القضايا العالقة التي تعرقل العملية السياسية وإجراء الانتخابات الوطنية المنتظرة منذ عام 2021، لكن كما اعتاد الليبيون شهدت الساحة السياسية ردود فعل متباينة بين مؤيد ورافض أعربت أطراف أخرى عن تحفظات حادة حيال مضمون المبادرة، وسط استمرار الانقسام السياسي وغياب الثقة في المسار الأممي.

وعلى النقيض تماماً، تبنت حكومة الوحدة الوطنية، برئاسة عبد الحميد دبيبة، موقفاً رافضاً لبعض التحركات المتعلقة بالانتخابات، خاصة تلك التي قد تُقصيها من المشهد السياسي، وتشكيل حكومة تنفيذية موحدة من شأنها التجهيز للانتخابات البرلمانية والرئاسية، في محاولة منها لإطالة أمد بقائه في السلطة وتعطيل الانتخابات، بينما في وقت آخر زعمت أنها مستعدة لإجراء الانتخابات فور التوافق على قاعدة دستورية متفق عليها، لكنها اتهمت مجلسي النواب والدولة بعرقلة هذا التوافق.

وفي ظل هذا التخبط السياسي في ليبيا، تظل الانتخابات الليبية حلمًا مؤجلاً مع تعثر الجهود الوطنية والدولية لتحقيق توافق بين الأطراف المتنازعة، ومع غياب الإرادة السياسية والتمسك بالمصالح الفئوية، يبدو أن عام 2024 لن يكون مختلفًا عن الأعوام السابقة، مما يترك الليبيين في حالة انتظار مستمرة لمستقبل قد لا يأتي قريباً، طالما لم يتفق أعضاء مجلسي النواب والدولة والبعثة الأممية على تشكيل حكومة تنفيذية جديدة، وتمكينها، وإتمام العملية السياسية في ليبيا.