اتفاقات الليبيين في بوزنيقة.. مكملة للمبادرة الأممية أم منفصلة عنها؟

0
98

في انفراجة جديدة، أعلن أعضاء مجلسي النواب والأعلى للدولة، أمس الأربعاء، في منتجع بوزنيقة المغربي، نتائج اجتماعهم الذي خُصص لمناقشة كيفية تجاوز الجمود السياسي الراهن، وخلص إلى تشكيل خمس لجان مشتركة، للعمل على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية وملفات أخرى.

وتوصل المجتمعون، إلى تشكيل مجموعة من اللجان الخمسة المشتركة بشأن إعادة تكليف سلطة تنفيذية جديدة، والنظر في المسار الاقتصادي والمالي والحكم المحلي، الملف الأمني، واستكمال إعادة تكليف المناصب السيادية، ومتابعة ملف الأموال المهربة وغسل الأموال.

وأعلن الوفدان، في مؤتمر صحفي، اتفاقهما على المرحلة التمهيدية لإجراء الاستحقاق الانتخابي، وذلك انطلاقا من الإعلان الدستوري وتعديلاته، والاتفاق السياسي، وقرارات مجلس الأمن ذات العلاقة، وبالإشارة إلى اتفاق المرحلة التمهيدية الموقع بين الأطراف الليبية في جنيف، واستنادا على القوانين الانتخابية المنجزة من قِبل لجنة (6+6)، واعتدادا بالوثيقة الصادرة عن لقاء القاهرة بين أعضاء مجلسي النواب والدولة.

ويأتي اتفاق أعضاء مجلسي النواب والأعلى للدولة بمدينة بوزنيقة بعد أيام من إعلان المبادرة الأممية التي أطلقتها ستيفاني خوري خلال إحاطتها بمجلس الأمن.

وقالت مبعوثة الأمم المتحدة إلى ليبيا ستيفاني خوري: قدّمت إلى الشعب الليبي خطّة بعثة الأمم المتحدة من أجل مبادرة سياسية شاملة بين الليبيين، ستساعد على تخطي الجمود السياسي الحالي والمضي قدما نحو إجراء انتخابات وطنية وتجديد شرعية المؤسسات الليبية المنتهية الصلاحية.

ووفق خوري، فإنّ بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا ستُنشئ لجنة استشارية للمساعدة في حلّ القضايا الانتخابية وتمهيد الطريق لانتخابات عامة. ولم يتمّ تقديم تفاصيل بشأن تاريخ إجراء الانتخابات

وحتى اللحظة لم تعلق بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا على ما توصلت له اجتماعات بوزنيقة، ما يطرح تساؤلاً حول ما كانت اجتماعات بوزنيقة مكملة لمبادرة خوري أم منفصلة عنها؟

كثيرة هي التقارير التي تحدث عن أن اجتماعات بوزنيقة هي لمناقشة مبادرة البعثة الأممية، غير أن البيانات الرسمية الصادرة عن مجلس النواب والمؤتمر الصحفي أمس الأربعاء، لم تشر من قريب أو بعيد لهذه المبادرة، ما يعني أنها خطوة منفصلة.

حيث اتفق أعضاء المجلسين على أن يُعاد تشكيل السلطة التنفيذية تأسيسا على المادة (4) من الاتفاق السياسي الليبي، والمعتمد بقرار مجلس الأمن رقم 2259 لسنة 2015، بهدف إنجاز الاستحقاق الانتخابي وفق القوانين الانتخابية، التي أقرتها لجنة (6+6)، وذلك من خلال لجنة عمل مشتركة يشكلها المجلسان بشأن إعادة تكليف سلطة تنفيذية جديدة.

وتكون مهمة اللجنة التواصل مع البعثة الأممية ومختلف الأطراف المحلية والدولية بخصوص تشكيل السلطة التنفيذية، ومراجعة آلية الاختيار المقترحة بلقاء القاهرة بين المجلسين، وتقديم مقترحات للتعديل في حال حقق ذلك مزيد التوافق، وتقديم مقترح بالضوابط الكفيلة، لضمان عمل الحكومة وفق معايير تدعم الشفافية واللامركزية، وتدعم مسار الانتخابات

ويتعارض ذلك مع اللجنة الاستشارية التي تنوي البعثة الأممية تشكيلها، ولم تعلن لها أي ضوابط، وهو الأمر الذي علق عليه مستشار رئيس المجلس الرئاسي زياد دغيم، متسائلاً عن طبيعتها وآليات اختيار أعضاءه.

غير أن اتفاق بوزنيقة تجاوز خطوات البعثة الرامية للانتخابات، أعلن عن خطوات فعلية، لإزالة العوائق أمام تنفيذ الانتخابات، واتفق المشاركون على أن تخصص الموارد اللازمة للبدء في تنفيذ مشروع التعداد الوطني العام، ومشروع انطلاقة لإعادة تنظيم الرقم الوطني.

وأيضاً اتفق المجتمعون في بوزنيقة على لجان أشمل لمعالجة معوقات الأزمة السياسية في ليبيا، فنصت المادة الرابعة من اتفاق المشاركين في بوزنيقة على أن تُشكل لجنة عمل مشتركة للنظر في المسار الاقتصادي والمالي والحكم المحلي، تتولى وضع معايير وآليات شفافة للتوزيع العادل لبرامج وميزانيات التنمية على وحدات الإدارة المحلية، بما يضمن توازن بين المخصصات المركزية للمشاريع الاستراتيجية والمشاريع ذات الطابع المحلي.

كذلك وضع إطار عام لمعالجة الخلل في الناتج القومي الإجمالي، ومراجعة أداء القطاعات الإنتاجية، ووضع آليات لدعم كفاءة الهياكل المحلية في تنفيذ مخصصات التنمية، ومقترحات لدعم الشفافية ومحاربة الفساد ودعم اللامركزية، ومراجعة التشريعات المرتبطة بالنظام الاقتصادي والمالي، بهدف الإصلاح والتطوير.

وضمت اللجان المقترحة لجنة عمل مشتركة بشأن الملف الأمني تتولى متابعة تنفيذ نتائج الاجتماع المشترك بين لجنتي الدفاع والأمن القومي بالمجلسين الذي عقد في أغسطس 2024، ومتابعة عمل لجنة (5+5)، والعمل على إزالة العوائق والتحديات أمام استكمال مهامها، وتقديم خطة عمل بالتنسيق مع الجهات المختصة بالأمن القومي بشأن استتباب الأمن وفرض سيادة الدولة، وتقديم خطة عمل بالتنسيق مع اللجنة لإعادة سيطرة الدولة على الحدود والموانئ والمعابر.

أما المادة السادسة من الاتفاق فقد نصت على أن تشكل لجنة عمل مشتركة، لاستكمال إعادة تكليف المناصب السيادية، تتولى إعادة النظر في معايير الترشح لتولي المناصب المشار إليها، ووضع آلية لتقديم طلبات الترشح، وآلية للاختيار تضمن تحقق التوافق المنصوص عليه في الاتفاق السياسي الليبي

كما نصت المادة السابعة من الاتفاق على أن تشكل لجنة مشتركة بين المجلسين، لمتابعة ملف الأموال المهربة وغسل الأموال، تتولى اقتراح التشريعات ومتابعة تنفيذها.

وشددت المادة الثامنة على ضرورة أن تقدم تلك اللجان تقاريرها النهائية للاعتماد من قِبل المجلسين خلال شهر من تاريخ أول اجتماع لها، ويكون الاجتماع المقبل للمجلسين بمدينة درنة نهاية يناير 2025

وسريعاً دعا رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب أسامة حماد، إلى وجود رعاية وإشراف دولي على مخرجات حوار أعضاء مجلسي النواب والأعلى للدولة في بوزنيقة بالمغرب، مرحباً بما توصل له المجتمعون في بوزنيقة، خصوصا فيما يتعلق بإنشاء سلطة تنفيذية جديدة من مجلس رئاسي وحكومة جديدين

وأشار إلى ضرورة مشاركة مجموعة من الجهات في الإشراف على تنفيذ مخرجات بوزنيقة، وعلى رأسها الاتحاد الأفريقي، إضافة إلى الدول الأخرى الشقيقة والصديقة، الداعمة لحل النزاع في ليبيا وإنهاء الانقسام السياسي وهي (مصر والإمارات والمغرب والولايات المتحدة وتركيا وإيطاليا وفرنسا وبريطانيا).

ولم يعلق حماد على مبادرة ستيفاني خوري من قريب أو بعيد، في وقت رفض فيه مجلس النواب، الخطة واعتبرها إعادة تدوير لمواقف سابقة لا ترقى إلى تطلعات الليبيين.

وفي بيانه، هاجم البرلمان استمرار التدخلات الدولية التي وصفها بغير المسؤولة، محذراً من أن هذا المسار يفاقم الأزمة ويمدد معاناة المواطنين، بالإضافة إلى أن مبادرات البعثة الأممية تفتقد آليات واضحة وقابلة للتنفيذ على الأرض.

ويبقى السؤال: هل تعدد مبادرات الحل السياسي في ليبيا لصالح الليبيين؟ أم أن هناك مزيد من الانقسام ينتظرهم؟     .. .     .   .