“خوري” لمجلس الأمن: سأطلق عملية سياسية جديدة بليبيا لتحقيق الاستقرار وإجراء الانتخابات

0
179

قدمت القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا ستيفاني خوري، اليوم الاثنين، الإحاطة الدورية لمجلس الأمن الدولي عن تطورات الأوضاع في ليبيا.

وبدأت خوري، إحاطتها بتهنئة الشعب الليبي على نجاح الانتخابات البلدية التي انتخب بموجبها 426 ممثلاً في 16 نوفمبر ضمن المجموعة الأولى من انتخابات البلديات البالغ عددها 58 بلدية في أنحاء البلاد.

وأشارت إلى أن عملية الانتخابات كانت سليمة من الناحية الفنية أشرفت علي تنظيمها المفوضية الوطنية العليا للانتخابات بدعم من قوات الشرطة والأمن التي حرصت على إجراء يوم الاقتراع في ظل مناخ سلمي.

ولفتت إلى أن إجراء هذه الانتخابات البلدية جاء كتذكير برغبة الشعب الليبي في ممارسة حقه في اختيار من يحكمه، وحثت جميع السلطات على الاستمرار في توفير الدعم للمجموعة الثانية من الانتخابات البلدية والتي تتألف من 60 بلدية وستنظم في الشهر المقبل.

وقالت خوري، أنه وبعد مدة تربو عن أسبوع بقليل، ستستحضر ليبيا ذكرى مرور ثلاث سنوات على تأجيل انتخابات 2021 الوطنية إلى أجل غير مسمى، ومع استمرار الإشكاليات التي لم يتوصل إلى حل بشأنها في تعطيل العملية السياسية، تظل الوحدة الوطنية لليبيا وسلامة أراضيها في خطر.

وأضافت أنها وعلى مدار الأشهر الثمانية الماضية، التقيت بليبيين من جميع المشارب أعربوا لها مراراً وتكراراً عن شعورهم بالحاجة الملحة لإجراء الانتخابات الوطنية، مشيرة إلى أن الليبيين يتخوفون مما يضمره المستقبل لبلدهم، وأن الوضع القائم لم يعد قابلاً للاستمرار وقد طال أمده لفترة طويلة للغاية.

وقالت إن الإجراءات أحادية الجانب التي تتخذها النخب السياسية، أمعنت في تقويض المؤسسات الليبية وحولتها إلى هياكل موازية تتصارع فيما بينها، مشيرة إلى الأزمة الأخيرة حول قيادة مصرف ليبيا المركزي، والتي كشفت عن مدى هشاشة الاستقرار الظاهري الذي يغلف الجمود السياسي الذي طال أمده في ليبيا، الأمر الذي يعيد إلى الأذهان بأن الوقت قد أزف لتأسيس ليبيا لمؤسسات قوية تتصدى لمسألة الإنفاق غير المنضبط والعجز المالي الذي يلوح في الأفق مع احتمال انخفاض أسعار النفط العالمية.

وتابعت: يُعد استمرار الانقسامات حول رئاسة المجلس الأعلى للدولة حائلا دون تمكن المجلس من الاضطلاع بمهامه. وهذا مثال آخر على تداعي البنيان الانتقالي في ليبيا تحت وطأة الاستقطاب السياسي وغياب مشروع واضح لنظام دائم للحكم. كما أن الانقسامات السياسية والحلقة المفرغة من التسابق بين المؤسسات باتت تقف أمام مجهودات المصالحة الوطنية.

وعن اشتباكات الميليشيات قالت خوري: ما يزال التسابق بين الأطراف المسلحة المتعددة لبسط سيطرتها على المناطق ووضع أيديهم على الموارد يهدد استقرار ليبيا. فقبل يومين، اندلع قتال بين مجموعتين مسلحتين في الزاوية. كما اندلعت اشتباكات طفيفة مرة أخرى في صحراء الحمادة الزاخرة بالحقول النفطية في 24 أكتوبر و6 و9 أكتوبر. صحيح أن حدة التصعيد قد خفت إلا أن هذه الوقائع تبرز حجم المخاطر الناجمة عن التحركات الأحادية والمفتقرة للتنسيق للقوات والمؤسسات الأمنية المنقسمة.

وذكرت خوري، في الإحاطة أنها طرحت في ليلة البارحة أمام الشعب الليبي خطة البعثة لمبادرة سياسية شاملة ليبية-ليبية لتجاوز الانسداد السياسي الحالي والخروج من الوضع القائم نحو إجراء الانتخابات الوطنية وتجديد شرعية المؤسسات الليبية المنتهية ولايتها.

وأوضحت أنها تيسير هذه العملية بناءً على الأهداف والمبادئ التالية: (1) في المقام الأول الحفاظ على الاستقرار على الأرض (2) ثانياً: ضمان الملكية الليبية من خلال البناء على الأطر الليبية القائمة. (3) ثالثاً: المساعدة في توحيد المؤسسات وتعزيز شرعيتها. (4) رابعاً: شمول القوى السياسية الليبية والمكونات الثقافية. وأعتزم كذلك تيسير هذه العملية بانتهاج منهجية تدريجية تتسم بالمرونة وذلك لكي يتسنى بناء توافق مضطرد. وهذه المنهجية التدريجية معدة على نحو لا يحدد مسبقاً أي قرارات سيتخذها الممثل الخاص للأمين العام المقبل بحيث يمكن تعديلها حسب الاقتضاء.

وتابعت: اتساقاً مع الفقرتين الثانية والخامسة من قرار مجلس الأمن 2755 (2024)، تعتزم البعثة تشكيل لجنة استشارية لإعداد خيارات لحلحلة المسائل المعلقة في الإطار القانوني للانتخابات وتمهيد السبيل المفضي إلى إجراء انتخابات عامة وإنشاء حكومة واحدة لجميع الليبيين.

ولفتت: على ضوء تشاوري مع الليبيين من جميع أنحاء البلاد، فإن الأولوية بالنسبة لي تكمن في معالجة النقاط الخلافية التي تشوب الإطار القانوني المنظم للانتخابات. وصحيح أن الإطار الموجود حالياً هو نتاج إيجابي لعصارة جهود ليبية-ليبية وأساس جيد إلا أنه ما يزال محل خلاف كبير في أوساط الليبيين، ومن غير المرجح أن يفضي إلى استحقاق انتخابي سلمي وقابل للتطبيق دون وضع بعض اللمسات عليه.

وأشارت إلى ضرورة الأخذ في الاعتبار تجارب الماضي وبالأخص تعثر انتخابات 2021، ولذلك تعتزم تشكيل لجنة استشارية محددة بإطار زمني تناط بها مهمة البحث في المسائل المعلقة ضمن الإطار الانتخابي والخروج بمقترحات وخيارات قابلة للتطبيق لخريطة طريق شاملة لإجراء الانتخابات. وسيكون قوام اللجنة من خبراء وشخصيات تحظى بالاحترام والقبول وتعكس كافة أطياف القوى السياسية الليبية، والمكونات الاجتماعية والثقافية والجغرافية.

وقالت: في خضم الجدل الدائر حول السلطة التنفيذية، يجب أن نضع في اعتبارنا الحكومات الانتقالية المتعاقبة والترتيبات المؤقتة المفتوحة التي استمرت لعقد من الزمن في ليبيا. لذا أعتقد أن أي حكومة جديدة قد تنبثق عن مفاوضات ليبية-ليبية، يجب أن تلتزم التزاماً صارماً بالمبادئ والضمانات والأهداف والآجال الزمنية للوصول بالبلاد إلى الانتخابات، كشرط لشرعيتها وللاعتراف بها دولياً.

وأضافت: استناداً إلى المجهودات المتواصلة التي يبذلها الليبيون، تعتزم البعثة أيضاً عقد حوار مهيكل مع الشركاء الليبيين لتوحيد التوافق حول رؤية وطنية موحدة لمستقبل البلاد. ذلك أن محركات الصراع طويلة الأمد لم تتم معالجتها، ما حال دون تقدم ليبيا نحو نظام حكم دائم يقوم على رؤية مشتركة حول القضايا الأساسية والعلاقات بين الأفراد والدولة.

وتابعت: سيظل ضمان المشاركة الكاملة والعادلة والحقيقية لجميع شرائح المجتمع، وبالأخص المرأة والشباب، أولوية بالنسبة للبعثة وذلك لتعزيز الشمول وبناء وحدة وطنية والنهوض بشرعية العملية السياسية. وآمل أن تسهم هذه العملية في إرساء إرث مُهم وأن تدعم استكمال عملية إعداد الدستور مستقبلاً.

وأكدت أن البعثة مستمرة في دعم الجهود الليبية للمضي قدماً في الإصلاحات الاقتصادية التي تعود بالفائدة على الشعب الليبي. وستواصل البعثة أيضاً العمل على المساعدة في إحراز تقدم لتوحيد المؤسسات العسكرية والأمنية، والدفع قُدما بالمصالحة الوطنية بمعية الاتحاد الإفريقي والشركاء الليبيين.

وذكرت أنه وعلى مدى الأسابيع القليلة الماضية، طرحت المعالم الرئيسية لمبادرتنا على الأطراف الليبية الفاعلة، إضافة إلى الشركاء الإقليميين والدوليين. وأعرب عن امتناني للتفاعل الإيجابي وردود الفعل البناءة التي تلقيتها من جميع الأطراف. وردود الأفعال هذه تدفعني لتفنيد المغالطات التي تدور حول المرحلة الأولى من المبادرة: اللجنة الاستشارية ليست بمجموعة حوارية تصدر القرارات وإنما هي لجنة تخرج بخيارات يمكن الاستفادة منها في مرحلة المتابعة من قبل صناع القرار الليبيين.

وقالت خوري: أعي تماماً التحديات المتزايدة التي لا بد من التغلب عليها. وبعد شهرين ونصف من حل أزمة إدارة مصرف ليبيا المركزي، أشعر بالتفاؤل إزاء الخطوات المتخذة لتحسين الحوكمة في إدارة موارد البلاد، مشيرة إلى أن إعادة تشكيل مجلس إدارة المصرف المركزي في 21 أكتوبر إنجاز مهم، تحقق بعد تعليق عمله لأكثر من عقد من الزمان.

ولكي يتمكن المصرف من تنفيذ سياسة نقدية فعالة والمساهمة في الاستقرار الاقتصادي، فإنه ينبغي أن تتمتع قيادته ومجلس إدارته بحرية التصرف باستقلالية وشفافية ونزاهة، دون تضارب في المصالح بالتنسيق مع المؤسسات الرقابية.

وكأولوية مباشرة لدعم جهود استقرار مصرف ليبيا المركزي، أحثُّ صناع القرار الليبيين على الإسراع في الاتفاق حول إطار للإنفاق في العام 2025 يحدد حدوداً متفقاً عليها للإنفاق والرقابة.

وأكدت مرة أخرى على الأهمية القصوى لحماية استقلال المؤسسات الرقابية في ليبيا، كما حثت السلطات الليبية على الالتزام بمبادئ الحوكمة المتمثلة في الشفافية ومكافحة الفساد، كما ورد في الاتفاق السياسي الليبي والقرارات المتعاقبة الصادرة عن هذا المجلس.

وقالت خوري في الإحاطة: إن الاعتقالات التعسفية والاحتجازات ما تزال مستمرة في مختلف أنحاء البلاد. وعلى الرغم من التقدم في مجال بناء القدرات والدخول الجزئي إلى مرافق الاحتجاز إلا أنني أناشد السلطات الليبية للسماح للبعثة بدخول كافة مرافق الاحتجاز دون عراقيل. إذ أنني قلقة جداً إزاء حالات الوفيات أثناء الاحتجاز. ومنذ آخر إحاطة لي أمام المجلس، فارق أربعة ليبيين الحياة أثناء الاحتجاز، من بينهم امرأتان. هنالك حاجة لإجراء تحقيقات تتسم بالشفافية في هذه الوقائع ولمحاسبة المسؤولين عنها.

وأضافت: كان لانعدام الاستقرار في المنطقة الأثر الكبير على ليبيا. ومنذ اندلاع النزاع في السودان في 2023، عبر عدد يتزايد باضطراد من اللاجئين السودانيين الحدود إلى ليبيا، بمعدل يقارب 500 وافد في اليوم.

وتابعت: تبقى قضايا حقوق الإنسان وحماية المهاجرين واللاجئين في صميم عملنا الإنساني في ليبيا. وأجدد دعوتي لجميع الأطراف المعنية لضمان سير إدارة الهجرة وفقاً لمبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان. وستظل الأمم المتحدة ملتزمة تجاه تقديم المساعدة.

وقالت خوري: فوهات البنادق في ليبيا بقيت صامتة في الغالب، إلا أن البلاد لا تزال لا تنعم الاستقرار أو السلام. في ظل استمرار التدخل الأجنبي، وتغير التوازنات الإقليمية، وتفاقم التحديات الاقتصادية، عليناً جميعاً أن نغتنم هذه الفرصة للتوصل إلى تسوية سياسية دائمة.

وأضافت: إن لأعضاء هذا المجلس، والجهات الإقليمية والدولية المؤثرة، فرصة حقيقية وواجب لدعم الليبيين في الوصول إلى حل لخلافاتهم السياسية وإعادة توحيد مؤسساتهم، والتقدم نحو نظام حكم ديمقراطي قائم على سيادة القانون. فليبيا تتمتع بإمكانات هائلة تؤهلها لأن تصبح منارة للاستقرار والازدهار في منطقة البحر الأبيض المتوسط وخارجها تعود بالنفع على شعبها.

وتابعا: إن نجاح العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة يتطلب قبل كل شيء إرادة سياسية صادقة والتزاماً من الأطراف الليبية بالامتناع عن الإجراءات الأحادية التي تُعمق الانقسامات وتزيد من الاستقطاب المؤسسي.

وأشارت إلى أن توحيد الجهود وتنسيق الدعم من الشركاء الإقليميين والدوليين لليبيا له نفس القدر من الأهمية. وقد أظهر الشعب الليبي أنه لا يرغب في التغيير فحسب، بل أن لديه أيضا القدرة على التوصل إلى اتفاقات من خلال التسوية وإحراز تقدم دائم. وهو بحاجة للدعم الموحّد من قبلكم.