استنساخ الفشل.. لجان البعثة الأممية بلا نجاح يذكر في ليبيا

0
203

فشلت الأمم المتحدة على مدار سنوات في معالجة الأزمة الليبية، على الرغم من عدة محاولات للتوصل إلى حلول سياسية منذ بداية الأزمة في 2011. 

ورغم الجهود المتواصلة للبعثة الأممية، ما زالت ليبيا تعيش حالة من الانقسام السياسي والعسكري الذي يعطل استقرارها، ويعرقل إجراء الانتخابات التي كانت جزءً أساسياً من الحلول المقترحة.

وأمس الأحد، أعلنت القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، ستيفاني خوري، عن بدء عملية سياسية جديدة تهدف إلى توحيد مؤسسات الدولة، وضمان الاستقرار، وتمهيد الطريق لإجراء الانتخابات. 

وتتضمن هذه العملية تشكيل لجنة فنية من خبراء ليبيين لمناقشة القضايا الخلافية في القوانين الانتخابية، بالإضافة إلى تسهيل حوار واسع يشمل جميع الأطراف الليبية، بما في ذلك الأحزاب السياسية والمكونات الثقافية.

لكن هذه المبادرة جاءت وسط شكوك كبيرة حول فعاليتها وقدرتها على تحقيق التوافق، خاصة في ظل ما شهدته الجهود السابقة من إخفاقات، كان أبرزها فشل “ملتقى الحوار السياسي الليبي” الذي عقد في 2020، والذي كان يهدف إلى تشكيل سلطة تنفيذية موحدة. 

ورغم أنه أدى إلى تشكيل حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد دبيبة، إلا أن هذه الحكومة فشلت في الوفاء بوعودها بتنظيم الانتخابات في الموعد المحدد في ديسمبر 2021، وهو ما أدى إلى مزيد من التوترات بين الأطراف السياسية المختلفة، وزادت مخاوف الليبيين من تكرار هذه الإخفاقات في العملية الجديدة. 

بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف من أن اللجنة التي سيتم تشكيلها قد تضم شخصيات متطرفة أو غير متوافقة مع بقية الأطراف الليبية، ومثل هذه الكيانات قد تؤدي إلى تعزيز الانقسامات السياسية، بدلاً من التوصل إلى حلول شاملة.

وفي يوليو 2021 وباعتراف الأمم المتحدة، أعلن منسق بعثة الأمم المتحدة في ليبيا ريزيدون زينينغا انتهاء جلسات ملتقى الحوار السياسي الليبي بجنيف، دون التوصل إلى أرضية مشتركة حول الانتخابات “بما لا يبشر خيرا”.

وقال زينينغا إن المشاركين لم يتوصلوا إلى اتفاق بشأن القاعدة الدستورية” التي ستجرى الانتخابات حسب قواعدها، وأضاف أن الشعب الليبي “يشعر بالخذلان”، وهو ما ينذر بفشل أي جهود طالما هناك أطراف تتمسك بمصالحها. 

وقال مستشار رئيس المجلس الرئاسي لشؤون الانتخابات والمجالس التشريعية، زياد دغيم، إن المجلس لديه العديد من التساؤلات والمخاوف بشأن آليات تنفيذ هذه المبادرة، حيث طرح تساؤلات حول معايير اختيار لجنة الخبراء المقترحة ضمن المبادرة، متسائلًا عن تعريف الخبراء وطريقة اختيارهم، خاصة إذا كانت البعثة الأممية هي من تتولى هذا الاختيار بدلاً من الليبيين أنفسهم. 

ويزداد القلق أيضاً من احتمالية عودة النزاع المسلح إذا رفضت حكومة دبيبة تسليم السلطة لحكومة جديدة، فقد سبق وأن شهدت طرابلس اشتباكات مسلحة في أغسطس 2022 عندما حاولت الحكومة المكلفة برئاسة فتحي باشاغا دخول العاصمة، مما يزيد من تعقيد الوضع الأمني في البلاد.

ويتمسك تيار ملتقى الحوار الليبي الذي دعم حكومة الوحدة والمجلس الرئاسي برفضه لأي حكومة أو مجلس رئاسي جديد، حيث تصر حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد دبيبة ترفض تسليم السلطة لحكومة جديدة، وهو ما يعكس التوترات المستمرة بين الأطراف المتنافسة على الشرعية، وهو ما يجعل من الصعب التوصل إلى حلول فعالة للجم الصراع المستمر. 

وعلى الجانب الآخر، فإن الهياكل السياسية الحالية في ليبيا مثل المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة فشلت في تحقيق الأهداف التي تأسست من أجلها، مثل إجراء الانتخابات وتحقيق الاستقرار. 

ويبقى السؤال مطروحاً: هل يمكن لهذه المبادرة أن تكون خطوة نحو حل سياسي شامل أم أنها ستفاقم الانقسامات الحالية وتزيد من تعقيد الوضع الليبي؟