تشهد المنطقة الغربية في ليبيا حالة من الفوضى المستمرة نتيجة الصراعات بين التشكيلات المسلحة، ما يعكس غياب سيطرة الدولة على الأوضاع الأمنية.
وصارت الفوضى نمطاً مألوفاً في العديد من المدن، حيث تتكرر الاشتباكات المسلحة التي تهدد حياة المواطنين وتزيد من تعقيد الوضع الاقتصادي والأمني.
وكانت مدينة الزاوية آخر محطة لهذه الصراعات، إذ اندلعت اشتباكات عنيفة ليلة السبت واستمرت حتى صباح الأحد بين مجموعات مسلحة، وأسفرت عن سقوط قتيل واحد على الأقل وإصابة عشرة أشخاص، في مشهد يعكس التدهور المستمر في بنية الأمن الليبي.
ونشبت الاشتباكات بين مجموعة محمد كشلاف، الملقب بـ”القصب”، ومجموعة أخرى تنتمي لقبيلة الشرفاء، هذه المواجهات المسلحة لم تقتصر على الخسائر البشرية، بسقوط قتيل و10 مصابين – وفق تقارير – بل امتدت آثارها لتشمل القطاع النفطي.
وتسببت الاشتباكات في حرائق كبيرة بخزانات مصفاة الزاوية لتكرير النفط، وهو ما دفع المؤسسة الوطنية للنفط إلى إعلان حالة الطوارئ، بالإضافة إلى تعطيل الدراسة.
واندلعت المواجهات في محيط المصفاة والطريق الساحلي الممتد من كوبري سوق الخضار إلى إشارة المرور في منطقة الحرشة، بالإضافة إلى طريق المصفاة شمالاً، مما عطل الحركة وأدى إلى حالة من الرعب بين السكان المحليين.
ودفع استمرار التوتر إلى تدخل أعيان ومشايخ وأهالي المنطقة لاحتواء الوضع وتهدئة الأطراف المتنازعة، وهو ما ساهم في استعادة هدوء حذر وعودة تدريجية للحياة الطبيعية، دون تحرك من حكومة الوحدة أو تعليق.
ورغم السيطرة على الحريق الذي طال خزانات المصفاة، إلا أن الأضرار التي لحقت بالمنشأة كانت بالغة، فقد أكدت شركة الزاوية لتكرير النفط تضرر أربعة خزانات للبنزين والديزل وخزان للنفط الخام وخزانات أخرى للزيوت والمخلفات، بالإضافة إلى تسربات طالت الخزانات المتبقية، ما استدعى إيقاف العمل في المصفاة بالكامل لتقييم حجم الأضرار.
هذا التصعيد كشف مرة أخرى عن هشاشة المنظومة الأمنية في ليبيا، حيث لا تزال الميليشيات المسلحة تتحكم بمفاصل الحياة، مستغلة غياب الحلول الجذرية من قبل الحكومة.
ودعت مؤسسة النفط حكومة الوحدة إلى التحلي بمسؤولياتها، بينما حملت مصادر بشركة الزاوية لتكرير النفط الحكومة مسؤولية الكارثة، مشيرة إلى أن المجموعات المتنازعة تابعة للحكومة وأنها لم تتخذ أي إجراءات فعالة لمعالجة الانفلات الأمني.
وتعزيز هذه الاتهامات الشعور العام بأن التحالف بين الحكومة والميليشيات يقوض فرص استعادة الاستقرار، خاصة في ظل انتشار الوحدات الأمنية والعسكرية التي تبقى عاجزة عن السيطرة على الأوضاع.
وبعكس استمرار الصراع في مدينة الزاوية صورة أعمق لفشل الدولة في فرض سيطرتها على المناطق الغربية، حيث أصبحت هذه المدن تحت رحمة صراعات النفوذ بين التشكيلات المسلحة.
ويشكل استمرار هذا الوضع تهديداً مباشراً للأمن الوطني ويعطل قطاعات حيوية كقطاع النفط، ما يزيد من أعباء الأزمة الاقتصادية والاجتماعية.