تزايد قروض مصرف ليبيا المركزي: هل تقود السياسات الحكومية إلى أزمة اقتصادية؟

0
170
مصرف ليبيا المركزي
مصرف ليبيا المركزي

يشهد الاقتصاد الليبي تحديات مالية متفاقمة نتيجة السياسات الاقتصادية غير المستدامة التي تنتهجها حكومة الوحدة الوطنية، التي تعتمد على الاقتراض الحكومي لتغطية العجز المالي المتزايد. 

ومنح مصرف ليبيا المركزي قروضاً لحكومة الوحدة الوطنية في ظل تراجع الإيرادات النفطية الناتج عن الإغلاقات المتكررة للحقول والموانئ النفطية، كحل مؤقت، وهو ما أثار تحذيرات من خبراء الاقتصاد بشأن تأثيراتها السلبية على الاقتصاد الوطني، خاصة في ظل تراكم الدين العام المحلي وغياب خطط إصلاح مالي شاملة.  

وبعكس اعتماد الحكومة على الاقتراض لسد نفقاتها التشغيلية، ومنها رواتب الموظفين، عمق الأزمة المالية في ليبيا وعدم كفاية الإيرادات النفطية لتمويل الاحتياجات الأساسية، وهو ما يضعف استقرار الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية، ويزيد من الضغط على القوة الشرائية للمواطنين، في وقت تُعدّ فيه التنمية الاقتصادية شبه متوقفة. 

وأكدت وزارة المالية في حكومة الوحدة الوطنية عدم صحة الأخبار المتداولة بشأن غياب تغطية لرواتب الموظفين، موضحة أن الرواتب تُصرف بانتظام وبدون أي عراقيل، وفق ما جاء في بيان صادر عن مكتبها الإعلامي، رداً على ما أعلنه مصرف ليبيا المركزي الذي أشار إلى عدم تلقيه أي إيرادات منذ أشهر، مؤكداً أن رواتب شهر أكتوبر 2023 تم تمويلها عبر قرض قدمه المصرف.

وردت المؤسسة الوطنية للنفط على تصريحات المصرف المركزي، مؤكدة أنها حوّلت له 14.3 مليار دولار منذ بداية العام الجاري، وكان آخر تحويل بقيمة 300 مليون دولار يوم الإثنين الماضي، مشددة على أن بياناتها تُظهر أن شهر يونيو كان الأقل في الإيرادات النفطية بمبلغ 40 مليون دولار فقط، لكنها أكدت عدم تأخرها في تحويل الأموال وعدم تسببها في أي عرقلة لصرف رواتب القطاع العام. 

وأوضحت أن تراجع الإيرادات خلال الفترة السابقة يعود إلى أزمة البنك المركزي وإغلاق الحقول النفطية، بالإضافة إلى توقف الإنتاج في حقل الشرارة بجنوب البلاد.

المستشار المالي بوزارة المالية، عمر بسيسة أكد في تصريحات صحفية ما ذكره المصرف المركزي، مبيناً أن رواتب شهر أكتوبر تم تغطيتها بقرض، وطرح عبر صفحته على “فيسبوك” تساؤلات حول مصير رواتب شهر نوفمبر التي لم تُصرف حتى الآن. 

وأشار بسيسة إلى استعداد وزارة المالية لتحويل الرواتب، لكنه أكد الحاجة إلى دعم الحسابات المالية وضمان توفر التغطية اللازمة، مشيراً إلى غياب أي معلومات واضحة بهذا الشأن. 

كما تساءل المستشار المالي عن موعد تحويل المؤسسة الوطنية للنفط للإيرادات إلى المصرف المركزي لتسديد القرض الذي غطى رواتب أكتوبر، وتأمين رواتب الأشهر القادمة، مطالباً بتوضيح الآلية الزمنية لضمان استمرارية عملية الصرف.

وحذّر المحافظ السابق لمصرف ليبيا المركزي، الصديق الكبير، من تصاعد الإنفاق الحكومي الذي بلغ 420 مليار دينار ليبي (86 مليار دولار أمريكي) خلال السنوات الثلاث الأخيرة، مشيراً إلى أن أغلب هذا الإنفاق ذهب نحو نفقات استهلاكية على حساب المشاريع التنموية، مما أسفر عن ضغوط متزايدة على سعر صرف الدينار الليبي.

وشهدت الفترة الأخيرة استمرار تراجع العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية، حيث انخفضت قيمتها في آخر أسعار العملات في السوق الرسمية إلى 4.86 دينار، وفي السوق الموازية، إلى 6.26 دينار مقابل الدولار واليورو 6.48 والجنيه الإسترليني 7.50 دينار. 

وتأتي هذه التحديات الاقتصادية وسط تحذيرات من تفاقم تداعيات الإقراض الحكومي على استقرار الاقتصاد وتأثيراته السلبية على المواطنين.  

ووفق تقارير، فإن الحسابات المالية لا تكفي لتغطية الالتزامات الشهرية، وهو ما أثبتته البيانات الرسمية التي أظهرت عجزاً مالياً قُدّر بـ800 مليون بالعملة المحلية، وهو الأول من نوعه منذ سنوات. 

وفي ظل ذلك، تم اللجوء إلى تقديم تسهيلات مالية مؤقتة لتغطية العجز، الناتج بشكل أساسي عن توقف أنشطة حيوية في قطاع الطاقة، مما ألحق خسائر كبيرة تعادل تكلفة رواتب عدة أشهر.