المدنيون في غرب ليبيا بين قتيل ومصاب.. من يوقف فوضى الميليشيات؟

0
90
ميليشيات الزاوية _ ميليشيات

تعمّقت حالة الفوضى غرب ليبيا بفعل انتشار الميليشيات المسلحة التي تمارس نفوذها خارج إطار سلطة الدولة، مما أدى إلى تصاعد الأزمات الأمنية والسياسية والاقتصادية. 

وفرضت هذه الميليشيات سيطرتها على مناطق واسعة، معتمدة على شبكات معقدة من الولاءات المحلية والإقليمية، ما أعاق جهود بناء مؤسسات أمنية موحدة قادرة على فرض القانون. 

وتزايد تدخل الميليشيات في إدارة الموارد العامة وفي النزاعات المحلية، مما خلق بيئة من عدم الاستقرار وفقدان الثقة بين السكان والسلطات المركزية، وزاد من تعقيد المشهد السياسي في البلاد.  

وساهمت الانقسامات الداخلية والخلافات بين الفصائل المختلفة في تفاقم الوضع، حيث تستخدم الميليشيات القوة لتحقيق مكاسب سياسية ومادية، متجاهلة القوانين الدولية والمحلية. 

وفي ظل غياب آليات فعالة لضبط الميليشيات ونزع سلاحها، يبقى مستقبل الاستقرار في غرب ليبيا رهيناً بإيجاد توافق سياسي شامل يضمن إعادة بناء المؤسسات الأمنية وضمان سيادة القانون.

وتكررت حوادث وفاة وإصابة المدنيين في مدن غرب ليبيا في اشتباكات الميليشيات، وأمس الثلاثاء، قتل 3 أشخاص، وإصيب 5 آخرين، وتعرض بعض الممتلكات العامة والخاصة لأضرار، بعد اشتباكات مفاجئة اندلعت بين ميليشيات تابعة لحكومة الوحدة الوطنية. 

وتوقفت الاشتباكات، التي جرت بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، مساء الاثنين، في جزيرة الركينة، بالقرب من مصفاة الزاوية بالمدينة، التي تقع على بعد 45 كيلومتراً غرب طرابلس، بين مجموعة الكابوات التابعة لعثمان اللهب، آمر الكتيبة 103، المعروفة بكتيبة السلعة، ومجموعة الغويلات التابعة لآمر قوة الإسناد الأولى محمد بحرون، الملقب الفار، وأدت بحسب وسائل إعلام محلية إلى خسائر في الممتلكات العامة، وإصابة عدد غير معلوم من الأشخاص، بالإضافة إلى مسجد في منطقة القتال.

ولم تعلق حكومة الوحدة، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، أو وزارة داخليتها، على هذه الاشتباكات، التي تعد الأحدث من نوعها مؤخراً في المدينة، التي تشهد من حين لآخر اندلاع قتال مسلح بين ميليشياتها، المتنازعة على مناطق السيطرة والنفوذ.

وتوفي أمس الثلاثاء، مدير مدرسة صرمان المركزية، سيف الحق مصطفى سمهود، متأثراً بجراحه، بعد إصابته خلال الأيام الماضية، برصاص مسلحين مجهولين، وسط المدينة.

وأصيب سيف الحق بطلق ناري في الرأس، أثناء مروره بالطريق، خلال تبادل إطلاق نار بين شباب يستقلون سيارتين تويوتا مصفحتين. 

ويعد مقتل سيف الحق حلقة جديدة في مسلسل نزيف دم لا يتوقف في غرب ليبيا، في ظل سيطرة الميليشيات على المدن وضعف سيطرة حكومة الوحدة. 

المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، دانت وفاة مدير مدرسة صرمان المركزية، مطالبة حكومة الوحدة بضرورة إجراء تحقيق شامل في ملابسات الواقعة.

وقال بيان صادر عن المؤسسة: “تعرض المغدور به لإصابة بطلق ناري في الرأس، أثناء مروره بالطريق العام، خلال تبادل إطلاق نار بين شباب يستقلون سيارتين تويوتا مصفـحتين، وكما أعلنت مراقبة التربية والتعليم بمدينة صرمان غربي ليبيا، إيقاف الدراسة والعمل في كافة المؤسسات التعليمية حداداً على مقتل مدير مدرسة صرمان المركزية، على يد مسلحين مجهولين داخل المدينة”. 

وطالبت المُؤسسَّةِ الوطنيّة لحُقوق الإنسَّان، وزارة الداخلية ومكتب المحامي العام بمحكمة استئناف الزاوية بفتح تحقيق شامل في ملابسات الواقعة، وضمان ملاحقة المتهمين في إرتكابها، وتقديمهم للعدالة، مؤكدة: “على وزارة الداخلية وحكومة الوحدة بتحمل مسؤوليتهم القانونيّة حيال ما يتعرض له السكان في بلديات الساحل الغربي من مدينة الزاوية وصرمان ويبراتة والعجيلات والجميل من تفشي للجريمة والجريمة المنظمة وحوادث الاختطاف والقتل خارج إطار القانون وانتشار تجارة المخدرات والمؤثرات العقلية. 

واستطرد: “لابد من العمل على ضباط الأمن وتحقيق الإستقرار ومقاومة الجريمة بكافة أشكالها وفرض الأمن وتحقيق الإستقرار بمدن الساحل الغربي، والقضاء على أوكار الجريمة وعصابات التهريب وعصابات الجريمة والجريمة المنظمة وشبكات تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر والمخدرات والمؤثرات العقلية، التي تنشط في منطقة الساحل الغربي وبشكلٍ خاص بمدن ومناطق صياد والزاوية والمطرد وصرمان وصبراته وزوارة والعجيلات”. 

والسبت الماضي، قال رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد دبيبة، إن حكومته تعمل على معالجة الخلافات والاشتباكات بين المجموعات المسلحة، وما زلنا ضاغطين لتأهيل أبنائنا من حملة السلاح حتى لو أعطيناهم رتباً، مع التأكيد أن هدفهم حماية البلاد ومواجهة الجريمة، وهؤلاء الشباب منهم الآن وزراء، فوزير الداخلية (عماد الطرابلسي) كان زعيم ميليشيا مثلا وهذا الأمر حقيقة، لكنه اليوم عنده مسؤولية ومزايا واردة. 

وأضاف: “الوزير اليوم عنده مسؤولية ويضبط في الأمن، غير الحديث اللي هدرز عليه الفترة اللي فاتت وهو أسهب وسرح في الهدرزة، فقرار حماية الآداب لا يوجد فيه أي شيء يمس الحريات، وأسسنا إدارة للآداب العامة لمن يفسدون في الأخلاق والذوق العام لنكون لهم بالمرصاد.. لكننا لن نكّون هيئة أمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو من يجلدون الناس، فهذا لا يمشي مع الليبيين الذين هم أكثر شعب دينيا ملتزم”.

وسبق لرئيس أركان قوات حكومة الوحدة الوطنية، الفريق أول محمد الحداد، أن دعا في مايو 2023 إلى الإسراع بدمج المسلحين في الأجهزة العسكرية والأمنية. 

وطالب الحداد، بالاهتمام بالشباب المقاتلين، وتعويضهم عمّا تعرَّضوا له خلال السنوات العشر الماضية، مؤكداً أن هؤلاء يحتاجون إلى مشروعات وطنية ناجحة، تحتويهم بعد تعليمهم وتطويرهم، وتخليهم عن السلاح. 

وقالت البعثة الأممية إنها تركز حالياً على تعزيز الوحدة وتيسير الحوار وتعزيز التعاون بين جميع الأطراف الليبية؛ وذلك بهدف بناء الثقة ومنع النزاع وإرساء الأساس للسلام الدائم. 

وفي أغسطس الماضي، قتل تسعة أشخاص وأصيب 16 آخرون بجروح في اشتباكات عنيفة بين الميليشيات المسلحة في ضاحية تاجوراء شرق العاصمة طرابلس، وذلك بين ميليشيا “رحبة الدروع” بقيادة المدعو بشير خلف الله الملقب بـ”بشير البقرة” وميليشيا “صبرية” المدعومة من مفتي ليبيا المعزول الصادق الغرياني. 

ودفعت الاشتباكات، بعض التشكيلات المسلحة للانخراط في هذه المواجهات حيث انضمت مليشيا “قوة الردع” إلى جانب ميليشيا رحبة الدروع، في المقابل توجهت تشكيلات مسلحة تتبع القوة المشتركة مصراتة إلى العاصمة طرابلس لدعم ميليشيا الصبرية في الاشتباكات.