طفرة اقتصادية منتظرة.. هل تستمر زيادة معدلات إنتاج النفط في ليبيا؟

0
222
نفط ليبيا
نفط ليبيا

يشهد قطاع النفط الليبي، الذي يمثل حوالي 98% من نشاط الاقتصاد، تحولاً إيجابياً مع الزيادة الأخيرة في الإنتاج، حيث تجاوز الإنتاج اليومي 1.3 مليون برميل، وهو مستوى لم يُسجل منذ عدة سنوات.

أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط، اليوم الأحد، ارتفاع إنتاج ليبيا من النفط الخام والمكثفات ليصل إلى مليون و368 ألفاً و28 برميل يومياً، مع إنتاج الغاز الذي بلغ 200,690 برميل نفطي يومياً، ليصبح إجمالي الإنتاج من النفط والغاز 1,568,718 برميل يومياً.

ويدعم هذا الارتفاع استقرار نسبي في ليبيا، ما يفتح آفاقاً جديدة لاستقطاب استثمارات الشركات الأجنبية التي كانت قد تراجعت عن العمل في ليبيا منذ عام 2014 بسبب التوترات السياسية والأمنية.

ويأتي ذلك مع استعداد ليبيا لطرح أول مناقصة لعقود التنقيب منذ 2007، في خطوة تهدف إلى إعادة إحياء قطاع الطاقة ورفع مستويات الإنتاج، وتتضمن هذه الجولة مواقع برية وبحرية للتنقيب في أحواض سرت ومرزق وغدامس، وفقاً لتصريحات وزير النفط المكلف خليفة عبد الصادق.

ومن المتوقع أن يتم طرح هذه العطاءات إما في نهاية هذا العام أو في أوائل 2025، حيث تسعى ليبيا لجذب الشركات النفطية الكبرى للعودة إلى السوق الليبي بعد انسحابها نتيجة سنوات من عدم الاستقرار وإغلاق الإنتاج.

وتمتلك ليبيا احتياطيات نفطية ضخمة تقدر بحوالي 48.8 مليار برميل و1.4 تريليون متر مكعب من الغاز، مما يعزز من مكانتها كدولة ذات إمكانيات واعدة في قطاع الطاقة.

وبالفعل، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط الليبية في 26 أكتوبر الماضي أن كلاً من شركتي “إيني” الإيطالية و”بريتش بتروليوم” البريطانية قد استأنفتا أنشطتهما الاستكشافية في ليبيا بعد توقف لسنوات، بينما تستعد شركات أخرى للعودة، منها “ريبسول” الإسبانية و”أو إم في” النمساوية، وكذلك “سوناطراك” الجزائرية التي ستبدأ الحفر في وقت لاحق من هذا العام أو مطلع العام المقبل.

وتخطط ليبيا لتنفيذ مشاريع بتكلفة إجمالية تبلغ حوالي 17 مليار دولار خلال السنوات القادمة، تشمل تطوير الحقول وتحديث البنية التحتية لتعزيز القدرة الإنتاجية.

ومن بين أهداف هذه المشاريع، الوصول إلى إنتاج 1.4 مليون برميل يومياً بنهاية هذا العام ورفع الإنتاج تدريجياً ليصل إلى مليوني برميل يومياً بحلول عام 2028، ضمن خطط طموحة للمؤسسة الوطنية للنفط.

ويحذر خبراء من أن حالة عدم الاستقرار السياسي المستمر تشكل عائقاً أمام جذب الاستثمارات في قطاع النفط والغاز، حيث يتطلب تحقيق الأهداف الطموحة تعزيز الاستقرار المؤسسي في البلاد وتوفير بيئة تشريعية واقتصادية داعمة.

ورغم التحديات، تؤكد المؤشرات أن قطاع النفط الليبي في طريقه لاستعادة عافيته تدريجياً، مما يعزز من قدرة الاقتصاد الليبي على تمويل الميزانية وتلبية احتياجات التنمية المستدامة.

وتبرز أهمية الاستقرار السياسي كشرط رئيسي لنجاح الخطط المستقبلية واستقطاب الشركات الكبرى التي تبدي حالياً اهتماماً حذراً بالعودة للعمل في ليبيا.

ويدعم عودة هذه الشركات قرار المؤسسة الوطنية للنفط الليبية بالتعاون مع كبرى شركات الطاقة العالمية، التي تسعى إلى تعزيز استثماراتها في مناطق تعتبر من بين الأغنى بالموارد النفطية في إفريقيا.

وترى المؤسسة الوطنية للنفط الليبية أن تحقيق الأهداف الإنتاجية يتطلب تطوير الحقول وتحديث البنية التحتية واستكمال مشاريع التنقيب التي توقفت، بهدف الوصول إلى مستويات إنتاج تتجاوز مليوني برميل يومياً بحلول 2028.

وبحسب التقارير، ستستفيد ليبيا من هذه المشاريع عبر زيادة صادراتها النفطية وتحقيق إيرادات مالية تساهم في تمويل القطاعات الحيوية مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية، والتي عانت من نقص حاد في التمويل خلال العقد الماضي.

وتعتبر ليبيا من بين الدول التي تعتمد بشكل شبه كامل على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات، إذ تشكل صادرات النفط حوالي 96% من إيرادات الخزينة العامة، بينما بلغ إجمالي الإيرادات النفطية نحو 20.7 مليار دولار في عام 2023، ما يعكس أهمية القطاع كداعم رئيسي للاقتصاد الوطني.

وفي ظل زيادة الإنتاج واستقرار أسعار النفط عالمياً، تأمل ليبيا في تجاوز الأزمات المالية وتعزيز النمو الاقتصادي الذي توقف بسبب الصراعات السياسية والأمنية.

ويشير خبراء الاقتصاد إلى أن تحقيق أهداف التنمية في ليبيا يتطلب جهوداً شاملة لتحقيق وحدة مؤسسات الدولة وتطوير سياسات اقتصادية تسهم في تحسين البيئة الاستثمارية وتقديم الحوافز للشركات العالمية لتوسيع أنشطتها، دون إغفال دور المؤسسات الوطنية في إدارة الموارد النفطية بشكل أكثر كفاءة وشفافية لضمان تحقيق التنمية المستدامة وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين الليبيين.