مرضى الأورام في ليبيا: بين نقص العلاج ومعاناة السفر للخارج

0
137

تعكس الوقفة الاحتجاجية لعائلات مرضى الأورام في مدينة الزاوية بغرب ليبيا أزمةً صحيةً متفاقمة تعاني منها هذه الفئة التي تفتقر إلى إمكانيات العلاج الكافية داخل البلاد، مما يدفع العديد من الأسر إلى البحث عن الرعاية في دول مجاورة مثل تونس ومصر. 

ويعاني القطاع الصحي الليبي من تدهور مستمر نتيجة الانقسام السياسي منذ عام 2014، حيث أثر هذا الوضع على فرص تلقي الرعاية الصحية لمرضى الأورام. 

ورغم تأكيد السلطات في شرق وغرب ليبيا على الجهود المبذولة لتحسين الخدمات الصحية، لا يزال الكثير من المرضى يضطرون للسفر للخارج نظراً لضعف الإمكانيات وارتفاع تكاليف العلاج.

وفي ظل تصاعد المخاوف من انتشار مرض السرطان، قامت حكومة الاستقرار في يوليو الماضي بتشكيل لجان علمية لدراسة أسباب انتشار الأورام. 

كما حاولت وزارة الصحة طمأنة المواطنين بتقديم إحصاءات تُظهر أن معدل الإصابة بالأورام في ليبيا (97 مريضاً لكل مائة ألف نسمة) يعد أقل من المعدل العالمي.

وعبر المرضى وعائلاتهم عن استيائهم من تقاعس الحكومة عن توفير العلاج المجاني اللازم، مشددين على ضرورة توفير حل عاجل، مؤكدين أنهم يلجؤون لبيع ممتلكاتهم لتغطية تكاليف العلاج خارج ليبيا. 

وناشد المحتجون الجهات المسؤولة بضرورة توفير رعاية طبية كافية وإحالة الحالات المستعصية إلى مستشفيات متقدمة في الخارج.

وتعكس تصريحات بعض المرضى جانباً آخر من المعاناة؛ حيث يعاني الكثير من صعوبات في استخراج الأوراق اللازمة للسفر وارتفاع تكلفة الجرعات العلاجية، التي قد تصل إلى 23200 دينار ليبي كل 21 يوماً.

وتشير الإحصاءات الصادرة عن الهيئة الوطنية لمكافحة السرطان حتى مايو 2024 إلى أن عدد المسجلين من مرضى الأورام في ليبيا بلغ 12513، بينما تفيد مصادر حكومية بوجود 22056 مريضاً، مما يؤكد حجم التحدي الصحي. 

ورغم افتتاح مركز للعلاج الإشعاعي في العاصمة طرابلس مؤخراً، يستمر نقص الأدوية ويزداد عدد المرضى الذين يتلقون العلاج خارج ليبيا، مما يبرز الحاجة إلى تحسين مستوى الرعاية الصحية المقدمة لهذه الفئة داخل البلاد.

وبالتزامن مع تصاعد الأزمة، وجّهت عائلات المرضى في وقفاتها الاحتجاجية دعوات للحكومة بضرورة الاستجابة السريعة لمطالبهم. 

وشددت العائلات على أن أوضاع أبنائهم تتفاقم نتيجة نقص الأدوية وارتفاع أسعار الجرعات، حيث أصبح توفير الجرعات الأساسية عبئاً ثقيلاً يرهقهم مادياً، خاصة أن العديد منهم يضطر لبيع ممتلكاته لضمان استمرار علاج ذويهم. 

وفي ظل ضعف الخدمات الصحية المحلية، تجد الأسر نفسها أمام معاناة مستمرة ومكلفة في السفر إلى الخارج للعلاج، حيث تتضاعف التكاليف لتشمل الإقامة وتلقي الجرعات الكيميائية وإجراء العمليات اللازمة، ما يجعل العبء المادي على كاهل الأسر لا يطاق.

وتعلن حكومة الوحدة بشكل متكرر عن جهودها لدعم مراكز علاج الأورام، حيث أُنشئ حديثاً مركز للعلاج الإشعاعي في العاصمة طرابلس، ووعدت بتحسين خدماته لتوفير رعاية شاملة لجميع المرضى من مختلف أنحاء البلاد. 

كما أكدت وزارة الصحة على تسلُّم شحنات جديدة من أدوية الأورام وتوزيعها على المستشفيات لتلبية الاحتياجات المتزايدة، غير أن هذا الدعم يبقى غير كافٍ بالنظر إلى تزايد أعداد المرضى وتصاعد معاناتهم. 

يرى الأهالي أن الجهود الحالية لا ترقى إلى مستوى التحدي، مطالبين بحلول جذرية تضمن للمرضى حقوقهم في العلاج داخل وطنهم، دون الحاجة للسفر وتحمل أعباء مادية إضافية.