الحكومة الليبية: موقف “الرئاسي” من المحكمة الدستورية يعرقل توحيد المؤسسات

0
208

دعت الحكومة المكلفة من مجلس النواب برئاسة أسامة حماد مكتب النائب العام إلى اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه المجلس الرئاسي بعد مطالبة الأخير بإلغاء القانون رقم (5) لسنة 2023 بشأن إنشاء المحكمة الدستورية، معتبرة أن المجلس منتهي الولاية.

وقالت الحكومة، في بيان لها، فجر اليوم الأحد، إن كتاب المجلس الرئاسي الموجه إلى مجلس النواب، والمتداول عبر وسائل الإعلام، الذي اعترض فيه على قانون المحكمة الدستورية تضمن جملة من المغالطات والتناقضات، فهذا القانون صدر من جهة تشريعية مختصة، ويرسخ رقابة الدستور على كل القوانين والتشريعات في مؤسسة قضائية مستقلة عن القضاء العادي على غرار دول الجوار والعالم، التي تتبنى نظام المحاكم الدستورية العليا. 

واعتبر البيان رقم (18) لسنة 2024، أن موقف المجلس الرئاسي يقوض كل الجهود المبذولة من جميع الأطراف لتوحيد مؤسسات الدولة، ولا يعبر إلا عن نظرة شخصية ضيقة لصاحبه، ولا يستند لأي معايير قانونية أو أسباب منطقية. 

ودعت الحكومة المكلفة الجهات القضائية والرقابية للتحقيق حيال هذه الوقائع التي ترتقي لمصاف الجنايات وفتح تحقيق بشأنها تمهيدا لإحالة مرتكبها للقضاء المختص، معتبرة أن الخطاب محاولة جديدة لتعميق الشقاق والانقسام بين مؤسسات الدولة الرسمية وأهمها مجلس النواب، الجهة الوحيدة المنتخبة من الشعب الليبي.

وعدد البيان حالات إصدار المجلس الرئاسي في قرارات وصفتها بالمخالفة للتشريعات السارية والاتفاق السياسي، مشيراً بشكل خاص إلى اختلاق أزمة المصرف المركزي، التي تسببت في انهيار الاقتصاد الوطني لفترة معينة، مضيفاً: رغم ذلك لم تتم محاسبته قانونا عن هذا العبث، الذي أثر في المركز المالي والتصنيف الائتماني للمؤسسات المالية بالدولة. 

وأشار البيان إلى إصدار المجلس الرئاسي قرارا بتشكيل وخلق جسم مواز للمفوضية العليا للانتخابات وهو ما أطلق عليه مسمى المفوضية الوطنية للاستعلام والاستفتاء الوطني، دون أن يكون مخولا بذلك، متابعاً: “لا يخفى على الجميع ما سيترتب على ذلك من إضاعة الفرصة لإنجاز الاستحقاقات الانتخابية، عبر مؤسسة رسمية معترف بها لدى جميع الأطراف المحلية والدولية منبثقة عن مجلس النواب وهي المفوضية العليا للانتخابات”. 

واعتبرت الحكومة المكلفة أن المجلس الرئاسي لم ينجز المهام المحددة الممنوحة له وأهمها ملف المصالحة الوطنية، والتي لم يبذل فيها أي جهود حقيقية على أرض الواقع، مشيرة إلى أن الرئاسي أمعن واستمر في ارتكاب تصرفات من شأنها زعزعة الأوضاع وخلق الفوضى من خلال التشكيك في شرعية استمرار مجلس النواب، وأن مجلس النواب هو الجهة الوحيدة المنتخبة حالياً. 

كما اعتبرت أن رئيس المجلس الرئاسي يخالف- بسبب هذه الممارسات- نص المادة الأولى من القانون رقم 13 لسنة 2023 م، والتي قررت عقوبة السجن لمدة لا تقل عن عشر سنوات لكل من مارس مهام وظيفة انتهت ولاية تكليفه بها، مشيرة إلى أن العقوبة تكون مشددة إذا كانت الوظيفة المقصودة من الوظائف العليا. 

واستطردت: “كما أنه يخالف النصوص الواردة بالقانون رقم 2 لسنة 1979 بشأن الجرائم الاقتصادية وكذلك النصوص العقابية الواردة بقانون العقوبات، التي تجرم انتحال الصفات والوظائف، وتقرر العقوبات المشددة لها”.

وشدد البيان على أن تصرفات المجلس الرئاسي تقوض كل الجهود المبذولة من كافة الأطراف لتوحيد مؤسسات الدولة، و”لا تعبر إلا عن نظرة شخصية ضيقة لصاحبها، ولا تستند لأي معايير قانونية أو أسباب منطقية”.

وأمس، بعث رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، بخطاب لرئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، طالب خلاله المجلس بإلغاء القانون الخاص بإنشاء المحكمة الدستورية، وتجميد ومراجعة جميع القوانين التي لا تتطلبها المرحلة الانتقالية أو المخالفة للاتفاق السياسي.

وقال المنفي في خطابه، إن مجلس النواب يحاول الهيمنة المستمرة على السلطة القضائية، من خلال أداة التشريع في غياب النصاب الدستوري والقانوني عن جلسات البرلمان، وانعدام الشفافية والإفصاح.

ورفض المنفي إدخال مجلس النواب بتعديلات غير مبررة – على حد وصفه- على القوانين المنظمة السلطة القضائية، والتعدي على اختصاصات تنفيذية واختصاص النشر بالجريدة الرسمية. 

كما اعتبر هذا الأمر يخل بالتوازن والتكامل المنشود بين السلطات، مشيرا إلى تعيين تعيين البرلمان مستشارين، وأداء اليمين القانونية لأعضاء محكمة دستورية بموجب قانون إنشاء أحادي وغير دستوري قضت المحكمة العليا ببطلانه.

كما حذر المنفي من أن الاستمرار في عدم احترام أحكام القضاء وازدرائه، يهدد استقرار ووحدة السلطة القضائية، ويمهد إلى انهيار الدولة، واندلاع الصراعات دون حكم يمكن الاحتكام إليه.

وقال المنفي في خطابه: “البرلمان لا يملك الولاية القانونية والشرعية لإنشاء المحكمة الدستورية التي تختص بطرح الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور على الشعب في دستور دائم”.

وفي 26 سبتمبر الماضي، دعا المجلس الرئاسي مجلس النواب إلى ضرورة إعادة النظر في قانون المحكمة الدستورية استنادا إلى حكم صادر عن المحكمة العليا، قبل أن ترد الجمعية العمومية للمحكمة العليا ببيان في الأول من أكتوبر حذرت فيه من إخطورة المسلك الذي انتهجته السلطة التشريعية تجاه السلطة القضائية بإقدامها على افتتاح مبنى ما أسمته المحكمة الدستورية. 

وفي ذات اليوم، رد مجلس النواب، قائلاً إن المحكمة العليا لا ولاية لها في نظر الطعون الدستورية؛ بينما مكان المجلس قد أقر قانون إنشاء المحكمة الدستورية العليا في 29 مارس 2023.

ويرى مجلس النواب أن قانون المحكمة الدستورية العليا هو الأولى بالصدور في المرحلة الانتقالية، لأن إنشاء قضاء متخصص في هذه المرحلة من شأنه أن يضبط الأمور في البلاد، ولا تتكرر الأخطاء، ولتجنب إصدار أحكام على قوانين قبل أن تولد.