13 عاماً مضت والليبيون عالقون بين الاحتفال بـ”ثورة التحرير” والانقسام والفوضى

0
297

مضت الآن 13 عاماً على ذكرى التحرير، التي انتهت معها حقبة الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، لكن تظل هذه الذكرى محل خلاف وانقسام بين الليبيين حول مدى فعاليات، وهو انقسام صار سمة عامة في مؤسسات الدولة أيضاً.

تعاني ليبيا من انقسام حاد على مستوى المؤسسات والمجتمع منذ ثورة 17 فبراير، حيث تنعكس حالة التشتت هذه في تقييم الليبيين لمدى فعالية الثورة وتأثيرها على مستقبل البلاد. 

وفي كل عام، يحيي ليبيون ذكرى “عيد التحرير” في 23 أكتوبر، والتي كانت رمزًا لانتهاء عهد النظام السابق، ويرفضها آخرون، وهو ما يكشف عن تفاوت كبير في المشاعر والآراء بين الليبيين، ما بين من يعتبرها محطة تاريخية للتحرر وبين من يراها لحظة فقدت معناها في ظل التحديات المستمرة.

وهناك قطاع واسع من الشعب الليبي يشعر بأن الثورة لم تحقق أهدافها المرجوة، ويرى هؤلاء أن الثورة، ورغم إسقاط النظام السابق، لم تجلب الاستقرار الموعود، حيث تعيش البلاد حالة من الانقسام السياسي والمؤسسي، حيث تراجعت الخدمات الأساسية، وتدهورت الأوضاع الاقتصادية مع زيادة معدلات الفقر والبطالة، وهو ما جعل الكثيرون يشعرون بخيبة أمل تجاه ما تم تحقيقه منذ الثورة.

على الجانب الآخر، هناك من يعتبر أن الصعوبات التي تمر بها ليبيا هي نتيجة طبيعية لفترة انتقالية بعد أي تغيير جذري، وأن الحلول لا تأتي بين ليلة وضحاها، ويشير هؤلاء إلى أن التحديات التي تواجهها ليبيا شبيهة بما حدث في دول أخرى شهدت ثورات وتغييرات عميقة في نظامها السياسي. 

ووفقاً لهذا الرأي، فإن المسار الذي تمر به البلاد قد يكون عسيرًا، لكنه جزء من عملية تحول طويلة الأمد، يتطلب التعاون بين مختلف الأطراف لتجاوز المرحلة الحالية والوصول إلى الاستقرار المنشود.

في ظل هذه الآراء المتباينة، تظل ليبيا عالقة بين طموحات الثورة والتحديات الواقعية التي تواجهها، ومع استمرار هذا الانقسام حول فعالية الثورة، يبقى الحل مرهونًا بقدرة الليبيين على تجاوز خلافاتهم والعمل بشكل جماعي نحو مستقبل يضمن الاستقرار والعدالة للجميع، بعيداً عن الاستقطاب الذي عمّق من حالة الانقسام داخل المجتمع والمؤسسات.

وتفاقمت أوضاع المعيشة في ليبيا منذ الثورة، إذ يعاني المواطنون من تدهور ملحوظ في جودة الحياة، فقد ارتفعت تكاليف المعيشة بشكل غير مسبوق، وأصبحت الأسعار غير قابلة للتحكم، ما أدى إلى زيادة معاناة الليبيين.

وخلق ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية، إلى جانب ضعف القدرة الشرائية، حالة من الإحباط واليأس لدى شرائح واسعة من المجتمع، التي كانت تطمح إلى تحسين مستوى المعيشة بعد الثورة، خاصة مع تفاقم مشكلات الاقتصاد الليبي من مشكلات هيكلية زادت من صعوبة الأوضاع. 

ويعاني المواطنون من ضعف القدرة على الوصول إلى السلع والخدمات الأساسية، وسط تضخم الأسعار وضعف الاستثمارات الداخلية والخارجية، كذلك، ساهمت الفوضى الاقتصادية في تدهور قيمة الدينار الليبي، ما أدى إلى تفاقم الأزمة المعيشية التي يعاني منها المواطنون يوميًا.

ويلعب الانقسام المؤسسي دورًا أساسيًا في تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، حيث تعمل المؤسسات الحكومية بشكل متوازي، وكل طرف يسعى للسيطرة على الموارد والسياسة العامة، وهو ما أدى إلى تعطل العديد من المشاريع الحيوية التي كانت تهدف إلى تحسين البنية التحتية والخدمات العامة، كذلك، عرقل عمل الأجهزة الأمنية، مما جعل مواجهة الأزمات الاقتصادية والسياسية أكثر تعقيداً.

وبعد كل هذه السنوات، يطمح الليبيون للانتخابات الرئاسية، باعتبارها السبيل الوحيد للخروج من المأزق الراهن، ولكن تأجيلها المستمر زاد من حالة الانقسام وأضعف ثقة المواطنين في المؤسسات السياسية، فغياب عملية ديمقراطية حقيقية جعل الليبيين يشعرون بأن البلاد تدور في حلقة مفرغة، حيث تستمر الأزمات دون أفق حقيقي لحل مستدام.

وتستمر معاناة الشعب الليبي مع تصاعد هذه الأزمات، في وقت يظل فيه الحل السياسي بعيد المنال، في ظل ترسخ الانقسام المؤسسي، وغياب الاستقرار الاقتصادي، وتأخر الانتخابات الرئاسية كلها عوامل تساهم في تعميق مشاعر الإحباط لدى المواطنين.

وتبقى ليبيا عالقة بين ماضي الثورة وتحديات الحاضر، وسط تساؤلات حول مستقبل يمكن أن يحقق السلام والاستقرار في ظل استمرار تلك الأزمات.