محافظ المركزي الجديد في ورطة.. خلافات دبيبة وصالح تنذر بعصف التوافق الليبي

0
108
ناجي عيسى - محافظ مصرف ليبيا المركزي

احتفى الليبيون على مدار أيام، بحل أزمة مصرف ليبيا المركزي، التي كادت أن تعيد البلاد إلى دوامة الاقتتال، لكن سرعان ما اندلعت خلافات جديدة بين الأطراف المختلفة، من شأنها تعكير صفو الأجواء.

وبدأ المحافظ الجديد للمصرف مهامه بإصدار قرارات خلال أول اجتماع لمجلس الإدارة الجديد ألغى بموجبها جميع القرارات الصادرة عن سلفه، والتي تقدر بنحو 70 قراراً، عائدًا بذلك إلى الوضع الذي كان سائدًا قبل اندلاع الأزمة في أغسطس الماضي.

لم تواجه هذه القرارات أي اعتراضات تذكر حتى أعلن مجلس إدارة المصرف يوم الاثنين عن فتح خدمة توفير العملات الأجنبية للأغراض الشخصية.

وأدى هذا القرار إلى ظهور خلافات جديدة بين الفرقاء الليبيين، حيث أكد المصرف عبر صفحته الرسمية على “فيسبوك” أن هذا الإجراء يأتي في إطار تعزيز الخدمات المالية وتلبية احتياجات المواطنين بشكل فعّال.

وتتمحور الخلافات الجديدة حول الضريبة المفروضة على سعر الصرف الرسمي للعملات الأجنبية، حيث يمثل طرفا الخلاف كل من مجلس النواب وحكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة.

وأصدر عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، قراراً بخفض الضريبة المفروضة على سعر الصرف من 27% إلى 20%، معتبرًا أن هذا الإجراء يهدف إلى تخفيف العبء عن المواطنين الذين يعانون جراء الأوضاع الاقتصادية السيئة.

وهو ما واجهه دبيبة بالرفض، حيث وجه رئيس حكومة الوحدة خطاباً لمحافظ مصرف ليبيا المركزي ناجي عيسى، طالبه فيه ببيع النقد الأجنبي الجميع الأغراض دون فرض الرسم عليه.

وأشار دبيبة، في خطابه إلى قرار رئيس مجلس النواب رقم (68) لسنة 2024، بشأن تعديل قيمة الرسم المفروض على سعر الصرف الرسمي الذي حدد قيمة هذا الرسم بنسبة 20% لكل الأغراض، وقال إن القرار يخالف أحكام القانون رقم (27) لسنة 2001 بتقرير بعض الأحكام في شأن الرسوم ومقابل الخدمات، الذي حدد الجهة المختصة بفرض الرسوم وهي ليست مجلس النواب أو رئيسه، كما أنه جاء تعديلا لقرار قد صدرت عدة أحكام قضائية بإلغائه مستغرب سرعة تنفيذه من قبل المحافظ.

وأضاف دبيبة، أنه وباعتبار أن هذا القرار وانعكاساته المباشرة تؤثر سلباً في معيشة المواطن نتيجة ارتفاع سعر السلع الأساسية اللازمة للمواطنين، المؤتمنة على توفيرها حكومة الوحدة، ومن منطلق واجبات حكومته واحترما لأحكام القضاء وتغليبا للصالح العام فالأمر يقتضي الاستمرار في بيع النقد الأجنبي الجميع الأغراض دون فرض الرسم المنوه عنه.

واعتبر مراقبون ذلك بمثابة أول اختبار لرئيس مصرف ليبيا المركزي للحفاظ على حياديته، وعدم الانجرار للصدامات السياسية، حيث لا يعترف مجلس النواب بحكومة الوحدة، وكذلك حكومة دبيبة لا تخضع لشرعية البرلمان.

ويتوقع مراقبون أن تكون هناك تداعيات إيجابية في حال استمر الاتجاه نحو تقليص الرسم الضريبي على العملة الأجنبية، فمن الناحية الاقتصادية، يُتوقع أن يكون هناك تحسن في القدرة الشرائية للمواطن الليبي، وهو ما قد يساهم في تعزيز الاستهلاك المحلي، وتحريك عجلة الاقتصاد، بالإضافة إلى استقرار سعر صرف الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية، مع اتخاذ تدابير مالية وإصلاحات أوسع نطاقاً تشمل تحسين الأداء الاقتصادي العام.

وثاني الملفات، هو ضبط الإنفاق العام، فقبل أيام أكدت هيئة الرقابة الإدارية أن إجمالي الإنفاق العام في ليبيا منذ عام 2012 وحتى 2023 تجاوز 722 مليار دينار، وأن إجمالي المصروفات العامة خلال الفترة نفسها بلغ 648 مليار دينار. كما أظهرت أن الدين العام منذ 2011 تخطى 154 مليار دينار، منها 84 مليار دينار في الثلاث سنوات الأخيرة من حكم حكومة الدبيبة.

وقال رئيس هيئة الرقابة الإدارية، عبدالله قادربوه، إن الهيئة حاولت من خلال تقريرها أن تضع إحصاءات وبيانات دقيقة مالية وإدارية حتى يستطيع المسؤولون في إدارة الدولة اتخاذ القرار الصحيح من خلال تشكيل لجان نوعية حتى تستطيع متابعة ملاحظات الهيئة وتصحيح الأخطاء والحفاظ على المصلحة العامة على المستوى الوطني.

ولاحظت الهيئة تسجيل اختلاف في الإيرادات النفطية والمصروفات خلال الفترة نفسها بين كل من مصرف ليبيا المركزي ووزارة المالية والمصرف الليبي الخارجي، مرجعة السبب في ذلك إلى اختلاف الإجراءات المتبعة من جميع الجهات المعنية.