الليبيون بين مطرقة الدولار وسندان ارتفاع الأسعار.. الدينار ينهار والتحذيرات الدولية تتصاعد

0
75
ارتفاع الأسعار في ليبيا

تستمر الأزمة الاقتصادية في ليبيا في التأثير سلباً على حياة المواطنين، حيث يعاني الليبيون من ارتفاع ملحوظ في أسعار السلع الغذائية، مع تدهور قيمة الدينار أمام الدولار. 

وكشف برنامج الأغذية العالمي عن زيادة بنسبة 2.8% في أسعار الغذاء بين يوليو وأغسطس، ما يبرز التداعيات السلبية للصراعات السياسية والإدارية على الاستقرار الاقتصادي.

وتشير البيانات إلى أن المناطق الجنوبية تعاني من أكبر الضغوطات، حيث شهدت أسعار السلع ارتفاعاً كبيراً نتيجة الظروف العسكرية والتوترات المحلية.

وتتعاظم المخاوف من استمرار تدهور الوضع الاقتصادي في حال عدم التوصل إلى حل للأزمة المستمرة في مصرف ليبيا المركزي، والتي قد تؤدي إلى عدم قدرة البلاد على تأمين احتياجاتها الأساسية من الغذاء والدواء.

وقال برنامج الأغذية العالمي، إن الأزمة المستمرة حول إدارة مصرف ليبيا المركزي لها تأثير فوري على زيادة أسعار السلع الغذائية محلياً، بنسبة زيادة 2.8% في متوسط أسعار الغذاء خلال شهري يوليو وأغسطس الماضيين. 

وبحسب التقرير، يمثل ذلك امتداداً لاتجاه صعودي ثابت لسعر سلال الغذاء المسجل منذ يناير العام 2024 في ليبيا، مع زيادة الأسعار بشكل عام بنسبة 17.8% مقارنة بالأسعار المسجلة في بداية العام الجاري.

ورصد تقرير برنامج الأغذية العالمي، التابع للأمم المتحدة، زيادة كبيرة في الأسعار في شهر أغسطس الماضي بمناطق ليبيا الثلاث (الشرقية والغربية والجنوبية).

وشهدت المنطقة الغربية الزيادة الأكبر في نسبة الارتفاع بـ4.2%، إذ زادت تكلفة سلة الغذاء الأساسية إلى 956.39 دينار، في حين ارتفعت الأسعار في المنطقة الشرقية 2.5%، ليصل سعر سلة الغذاء إلى 924.87 دينار، بينما سجلت الأسعار في المنطقة الجنوبية ارتفاعاً بـ1.3%، لتصل تكلفة سلة الغذاء إلى 975.42 دينار.

وأظهرت بيانات البرنامج الأممي أن المنطقة الجنوبية هي الأعلى تكلفة مقارنة بباقي المناطق، متأثرة بالتعبئة العسكرية والصراعات عند معبري غدامس والدبداب الحدوديين.

وحلت مرزق محل الكفرة باعتبارها السوق الأكثر تكلفة في شهر أغسطس، حيث أدت زيادة بـ5% في الأسعار بمرزق إلى ارتفاع الحد الأدنى لسلة الغذاء إلى مستواه الأعلى عند 1128 ديناراً.

وسجلت مدن مصراتة وسرت وزوارة والزاوية في المنطقة الغربية، الزيادة الأكبر في الأسعار بنسب تراوحت بين 9.1% و10.8% على الأقل، بسبب النزاع المستمر منذ شهر تقريبا على إدارة مصرف ليبيا المركزي.

وأكد برنامج الأغذية العالمي أن النزاع الراهن حول إدارة المصرف المركزي، وما تبعه من وقف الإنتاج النفطي في الحقول والموانئ بالمنطقة الشرقية، له تأثير فوري على أسعار السوق المحلي.

ولفت التقييم الأممي إلى استمرار الضغوط على الأسعار بسبب تدفق قرابة 97 ألف لاجئ سوداني إلى مدينة الكفرة منذ أبريل العام 2023، فضلاً عن العواصف الرعدية غير المسبوقة والأمطار الغزيرة التي شهدتها المنطقة في الآونة الأخيرة، والتي فاقمت من سوء الوضع.

ويأتي التقرير في وقت يواصل فيه سعر الدينار الليبي انهياره بشكل كبير أمام الدولار الأمريكي والعملات الأجنبية الأخرى، متأثراً بأزمة مصرف ليبيا المركزي التي دخلت شهرها الثاني.

ووصل سعر الدولار في السوق الموازية بليبيا إلى 7.95 دينار أمس الاثنين في حين وصل سعره أمس الأول الأحد إلى 8.14 دينار، بزيادة قدرها 1.35 دينار مقارنة بسعره في بداية أغسطس الماضي والذي كان 6.79 دينار.

ويأتي هذا مع استقرار سعر الدولار في السوق الرسمية عند 4.75 دينار، في حين يصل سعره المشمول بالضريبة المقدرة بـ27% إلى 6.03 دينار.

وبأت أزمة مصرف ليبيا المركزي بدأت منتصف الشهر الماضي عندما قرر رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، تغيير مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي برئاسة الصديق الكبير، وتكليف مجلس آخر، وهو ما رفضه مجلسي النواب والدولة لعدم اختصاص المجلس الرئاسي بتعيين منصب المحافظ.

ومع اقتحام مقر مصرف ليبيا المركزي في طرابلس من قبل قوات حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد دبيبة، وتسليم المجلس المكلف من المجلس الرئاسي إدارة المصرف بالقوة أعلنت الحكومة الليبية المكلفة برئاسة أسامة حماد، عن وقف إنتاج وتصدير النفط للحفاظ على موارد الدولة.

ويعتمد اقتصاد ليبيا بنسبة 95 ٪ على عوائد النفط، كما يعتمد عليه أيضاً لتوفير العملة الصعبة لاستيراد مختلف السلع حيث تستورد نحو 80٪ من احتياجاتها من الخارج.

ويأتي ارتفاع سعر الدولار والعملات الأجنبية الأخرى بسبب توقف صادرات النفط المصدر الوحيد للإيرادات في البلاد، مشيرين إلى أن الدينار قد يتراجع أكثر إذا استمرت الأزمة.

والخميس الماضي، حذر رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، من ارتفاع سعر الدولار ليتجاوز الـ 10 دينار ما لم تحل أزمة المصرف المركزي وارجاع الأمور إلى وضعها الطبيعي، مشيراً إلى أن ما تم محاولة تفاديه من ارتفاع سعر الصرف من خلال وضع ضريبة العملية 27%، هدمه المجلس الرئاسي بقراراته الخاطئة المنعدمة والتي لا آثر قانوني لها.

وتثير أزمة المصرف المركزي مخاوف في ليبيا من أن يجعل هذا الوضع البلاد غير قادرة على تغطية نفقاتها، وغير قادرة على استيراد الغذاء والدواء بسبب عدم وجود العملة الأجنبية.

والإسبوع الماضي، قال محافظ مصرف ليبيا المركزي المقال من المجلس الرئاسي الصديق الكبير، إن 29 مؤسسة دولية رئيسية أوقفت تعاملها مع مصرف ليبيا المركزي، مشيراً إلى أن الأطراف الدولية غير مستعدة للتعامل مع جهة جلبها قرار معيب وهم على دراية بالاتفاق السياسي والوضع في ليبيا.