الفساد وانهيار السدين.. لماذا كانت ليبيا المتضرر الأكبر من إعصار دانيال بالمنطقة؟

0
203
إعصار دانيال

شهدت ليبيا في عام 2023 أضرارًا كارثية نتيجة عاصفة دانيال، أسفرت عن مقتل الآلاف وتدمير واسع للبنية التحتية، مما جعلها الدولة الأكثر تضررًا مقارنة بجيرانها، بالنظر لعوامل متعددة، أبرزها هشاشة البنية التحتية، استشراء الفساد، وانعدام جاهزية السلطات لمواجهة الأزمات.

وكشفت التحقيقات أن سوء الإدارة المالية وانتشار الفساد كانا عاملين رئيسيين في تعرض ليبيا لهذه الكارثة، فالمشاريع التي كان من المفترض أن تحمي المدن الساحلية من الفيضانات لم تنجز بالشكل المطلوب، والجاهز منها لم يتعرض للصيانة الدورية، في إهدار جسيم للمال العام، حيث أكدت تقارير أن العقود المبرمة كانت متضمنة تفاهمات مشبوهة وتحويلات مالية غير قانونية، مما أدى إلى تنفيذ رديء أو عدم تنفيذها إطلاقاً.

وساهمت الفوضى الإدارية في تفاقم الوضع، حيث لم يتم تفعيل أجهزة الإنذار المبكر بفاعلية. تأخرت السلطات المحلية في إخلاء المناطق المتضررة، مما أسفر عن ارتفاع عدد الضحايا، الذي قُدّر بحوالي 11,000 قتيل وفقًا للتقديرات الأمم المتحدة، بعدما كما تسببت الأمطار الغزيرة في انهيار سدود قديمة لم تخضع للصيانة منذ سنوات، مما أدى إلى فيضانات جرفت أحياء بأكملها إلى البحر المتوسط. 

وقال تقرير لمنظمة هيومان رايتس وتش، إن عاصفة دانيال أثرت بشكل رئيسي على مدينة درنة، وأسفرت عن مقتل 4,352 شخصا (وفيات مؤكدة) حتى 31 أكتوبر وأبلِغ عن فقدان 8,500 ونزوح 43,400، وفقا لـ “الأمم المتحدة”. 

وباشرت النيابة العامة الليبية تحقيقات شاملة حول الأسباب المباشرة لهذه الكارثة، وشملت التحقيقات مسؤولين عن مشاريع البنية التحتية والهيئات الحكومية المعنية بخطط الطوارئ، كما شرعت الأجهزة السيادية في تحقيقات لمعرفة دور الفساد في تعثر مشاريع البنية التحتية الحيوية.

وفي 25 سبتمبر من العام الماضي، أعلن النائب العام الليبي، حبس 16 مسؤولاً عن إدارة مرفق السدود في البلاد احتياطياً، بما في ذلك عبد المنعم الغيثي عميد بلدية درنة السابق، بعد تحريك سلطة التحقيق، الدعوى الجنائية في حادثة فيضان المدينة.

وقال الصديق في بيان، آنذاك إن هؤلاء لم يقدموا ما يدفع عنهم مسؤولية إساءة إدارة المهمات الإدارية والمالية المنوطة بهم، وإسهام أخطائهم في وقوع كارثة فقد ضحايا الفيضان، وإهمالهم اتخاذ وسائل الحيطة من الكوارث، وتسبّبهم في خسائر اقتصادية لحقت البلاد، وأن عميد بلدية درنة، فشل في الدفاع عن إساءة استعمال سلطة وظيفته، وانحرافه عن موجبات ولاية إدارة الأموال المخصَّصة لإعادة إعمار مدينة درنة، وتنميتها.

وأكدت الكارثة أن غياب الحوكمة الرشيدة، وضعف المؤسسات، جعل ليبيا عرضة للتأثر بالكوارث الطبيعية بشكل أكبر من الدول الأخرى. بينما نجت بعض الدول المجاورة من التأثر الحاد، دفعت ليبيا الثمن الأكبر نتيجة الفوضى الإدارية وعدم الاستعداد الكافي.

وأظهرت التقارير أن هذه السدود شُيدت منذ عقود دون صيانة أو تحديث، رغم تخصيص ميزانيات كبيرة لذلك، وأشارت الأدلة إلى أن العقود المتعلقة بهذه المشاريع لم تُنفذ بشكل صحيح، أو جرى تحويل الأموال المخصصة بطرق غير قانونية، ما ترك المدن الساحلية مكشوفة تمامًا أمام قوة العاصفة.

وسلطت كارثة عاصفة دانيال الضوء على ضرورة الإصلاح الشامل في ليبيا، خاصة في ما يتعلق بمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية، في ظل حاجة ليبيا إلى مؤسسات قوية تضمن الاستعداد للكوارث المستقبلية وحماية المواطنين من تكرار مثل هذه المآسي.