تراث في مهب الريح ويد اللصوص.. آثار ليبيا تواجه السرقة منذ الحرب العالمية التانية

0
615

شهدت ليبيا على مدار السنوات الماضية وتحديداً منذ أحداث فبراير 2011، سرقات وتبديد للتراث والآثار، التي تعد تراثاً وطنياً في عرضة للضياع. 

ورغم محاولات عديدة من قبل الحكومات المتعاقبة للحفاظ على التراث الليبي، إلا أن غالبية هذه الجهود لم تؤت أكلها ولم تنجح في عودة الآثار المسروقة في سنوات الفوضى الأمنية. 

أخر الجهود المعلنة، تقودها وزيرة الثقافة والتنمية المعرفية بحكومة الوحدة الوطنية، مبروكة توغي، والتي حضرت الأحد، الاجتماع الاول للّجنة التراث الوطني، بحضور أعضاء اللجنة المكونة من عدد من الهيئات والمؤسسات المعنية بشأن التراث الوطني.

وأكدت أن هذا العمل يؤسس هذه اللجنة المعنية بالتراث الوطني المادي واللامادي، موضحةً أن آلية عمل اللجنة تتمثل في حصر التراث الليبي، والعمل على إنشاء سجل وطني للتراث المادي وجمعه وتوثيقه، موضحة أنه بقدر ما يزخر التراث الليبي بالتميز والتنوع، إلا انه مهدداً بالسرقة وهو ما يجعل تسجيله في المنظمات الإقليمية والدولية أمر مستعجل.

وناقشت اللجنة آليات عملها ومهام لجنة التراث الوطني، وتحديد النظام الداخلي لها، وعرض الآراء والمقترحات التي من شأنها المحافظة على التراث الثقافي وصونه، واعداد قائمة وطنية للتراث الليبي وترقيمه وتسجيله وفق المعايير الدولية.

رئيس مصلحة الآثار الليبية محمد فرج محمد، كشف في تصريحات يونيو الماضي، تفاصيل أكبر سرقة أثرية في التاريخ، وهو عبارة عن مجموعة من القطع الأثرية صغيرة الحجم تعود إلى فترات تاريخية مختلفة، نقلت منذ الحرب العالمية الثانية إلى عدة أماكن في المنطقة الشرقية، ثم وصلت إلى المنطقة الغربية، ثم إلى إيطاليا قبل أن تعود إلى ليبيا، وتستقر داخل المصرف العام 2012، حينما سرق جزء كبير، نحو 8 آلاف قطعة أثرية فضية وبرونزية وذهبية، ولا يزال البحث عنها مستمراً.

كذلك متحف بني وليد، تعرض للسرقة مرتين وفقد نحو 127 قطعة، من بينها أواني دفن الموتى أو ما يعرف بالقرن، وأدوات جنائزية رخامية، ولا وهو الأمر الذي تكرر في متحف سلطان. 

وأوضح رئيس المصلحة، أن تلك الكنوز وصلت إلى العديد من الدول الأوروبية وأمريكا وغيرها، حتى أن هناك بعض القطع وصلت أيضاً إسرائيل، عبر بعض المحطات والبلدان لعبور هذه القطع قبل الوصول إلى دول أوروبا وأمريكا وغيرها، ويجري استصدار شهادات ملكية مزورة، لعرضها داخل قاعات الفن لبيعها.

وفي عام 2022، نجحت الأجهزة في ليبيا استرجاع تمثال “فوستينا الصغرى” من النمسا، وهي إحدى القطع الأثرية المهمة، التي عادت إلى بيئتها الأصلية في متحف سوسة، حيث سرقت في أربعينيات القرن الماضي من قبل الجنود الألمان، إبان الحرب العالمية الثانية، لتجد طريقها إلى النمسا.

وفي مايو 2022، رفضت شركة عقارية ممثلة للملكة إليزابيث الثانية تسليم آثار ليبية تعود للعصر الروماني، مسروقة منذ أكثر من مائتي عام.

وقدم المحامي الليبي، محمد شعبان، المقيم في لندن طلباً رسمياً لاستعادة الآثار القديمة من فسيفساء خشبية في حديقة “وندسور جريت بارك”، التي جلبت إلى هذا المكان العام 1816 وقال ممثلو الملكة: “طلب منا عميلنا إبلاغك بأن الأعمدة لن يتم إرجاعها إلى ليبيا”. 

وتضمنت الكنوز الحجرية 22 عموداً من الجرانيت، و15 عموداً رخامياً، و10 تيجان، و25 قاعدة، وسبعة بلاطات مفكوكة، و10 قطع من الكورنيش، وخمس بلاطات منقوشة وأجزاء مختلفة من المنحوتات الشكلية والحجر الجيري الرمادي.

ومن بين الآثار المسروقة والتي مجحت الأجهزة في استعادتها، كان آخرها رأس أسكليبيوس، وهي قطعة أثرية مهمة والذي يمثل أحد آلهة الطب عن الإغريق، يعود إلى 400 عام قبل الميلاد، وتم سرقته من ليبيا منذ قرابة 30 عاماً، وبيعه إلى أحد أباطرة التهريب في البرازيل. 

وأكدت السفارة الليبية في البرازيل في مارس 2022 أن الشرطة البرازيلية تمكنت العام الماضي، من ضبط تمثال رأس أسكليبيوس، خلال القبض على شبكة تهريب آثار بولاية ريو جراندي دي سول، في مدينة بورتو أليجري. 

ومنذ عام 2016، تسعى السلطات الليبية لاسترداد تلك القطعة التي تم تهريبها عقب ثورة فبراير، حتى امتدت مجهوداتها إلى الفترة ما قبل الثورة، وتمكنت من استرداد بعضها مثل الرأس الرخامي للإمبراطورة فوستينا الصغرى، من المتاحف النمساوية، فضلاً عن رأس المرأة المحجبة التي كانت تُعرض في أحد المتاحف الأمريكية.

وبحسب تقرير للجمعية الأمريكية للبحوث الخارجية، يُقدر عدد الآثار المفقودة في ليبيا خلال الفترة من 2011 إلى 2022، بنحو 9800 قطعة من مواقع متنوعة، على رأسها بعض القطع من القطع بمنطقة قوريا وقصر الأعمدة بطلميثة، فضلا عن 2433 قطعة نقدية فضية، و4484 برونزية، و364 ذهبية.