ذكرى 17 فبراير.. هل تعمد الغرب تدمير ليبيا؟

0
1998

تحل علينا اليوم، ذكرى أحداث 17 فبراير في ليبيا، ذلك الحدث الذي أدى إلى سقوط نظام العقيد معمر القذافي، لتبدأ ليبيا عصر جديد من الانهيار على كافة الأصعدة.

وجاءت أحداث فبراير في ليبيا، ضمن سلسلة من الاحتجاجات عام 2011 التي اجتاحت الوطن العربي، والتي بدأت بتونس، ثم مصر، حتى وصلت شرارتها إلى ليبيا.

استغل الغرب الأحداث التي شهدتها ليبيا في تلك الآونة، ودخل على خط الأزمة، لتندلع مواجهة مباشرة بين حلف شمال الأطلسي ونظام القذافي، أدت إلى الإطاحة به، ليسيطر بعدها الفكر الإسلامي المتطرف على البلاد.

فما أن اندلعت أحداث ثورة 17 فبراير، إلا وتحولت إلى معارك عنيفة، وبدأت الجماعات المسلحة “الميليشيات” في الظهور، لتصبح جزءا من العراك الداخلي مع النظام الليبي السابق، وبسقوط النظام، سيطرت تلك الجماعات على كافة الأوضاع، ولقبهم البعض بـ”الثوار”.

ففي 17 مارس 2011، وبعد أيام من الاحتجاجات، سمحت الأمم المتحدة إلى الغرب بشن عملية عسكرية بحجة حماية المواطنين العُزل، وكانت تلك العمليات خير داعم إلى الميليشيات المسلحة، وساعدهم في إسقاط النظام والقبض على القذافي وقتله.

وبعد يومين فقط من قرار الأمم المتحدة، بدأت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا الغارات الجوية ضد قوات القذافي، وفي 31 مارس، تولى حلف شمال الأطلسي الناتو قيادة العمل العسكري هناك.

وما حدث بعد ذلك كان مروعا، حيث شن حلف الناتو هجوما كاسح تضمن 26500 طلعة جوية بنها 9700 قصف جوي، كما دمرت أكثر من 5900 هدف بما فيها الأهداف العسكرية والمدنية، وأكثر من 400 مدفعية وقاذفات صواريخ، وأكثر من 600 دبابة أو عربة ومدرعة.

ولم يمرسوى أشهر قليلة على هذا العدوان، وتمكنت المعارضة المتمثلة في المسلحين من السيطرة على سرت، وقتلوا معمر القذافي بعد أن أسقطوا ما تبقى من نظامه، في مشهد يدل على أن الوضع الأمني فيما بعد سيكون منهارا.

الكثير من التحليلات السياسية تناولت ما حدث في فبراير 2011، وتطورات الأحداث في فيما بعد، حيث تحدث المحللة السياسية، عفاف الفرجاني عن تلك الفظائع وشرحت المخطط التي أدخل ليبيا في نفق مظلم لم تتمكن من الخروج منها حتى الآن.

وقالت إن الغرب متمثلا في حلف الناتو، ارتكب جرائم حرب في ليبيا، وتعمدت القوى الغربية مد المعارضة بالسلاح مما أتاح مجالا مثاليا للمجموعات المتطرفة للسيطرة على الأوضاع، موضحة أن السبب وراء ذلك عداء قديم بين الغرب ومعمر القذافي.

وكشفت عن خطة أمريكية خبيثة، تضمت الدفع بمجموعات موالية للولايات المتحدة من أجل إحداث الفوضى، وكان من بين الأهداف السيطرة على ثروات ليبيا، وهو ما يفسره الوضع الراهن، الذي تمد فيه أنابيب الغاز إلى أوروبا دون حسيب ولا رقيب.

وترى الفرجاني، أن هدف الغرب كان تدمير ليبيا من أجل السيطرة على ثرواتها عبر الأجسام الموالية، وهو ما قامت به الحكومات، وأخرها حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد دبيبة.

ومن بين جرائم الحرب التي أرتُكبت بداعي حماية المدنيين في ليبيا في تلك الفترة، قيام قوات الناتو في 8 أغسطس 2011، باستهداف منزلين بقرية ماجر، قتل على إثرها 34 شخصا، منهم 8 أطفال ومثلهم من النساء، بالإضافة إلى إصابة آخرين غيرهم.

بينما قتلت الغارات 13 شخصاً مدنياً في غارة واحدة في بني وليد في 18 من نفس الشهر، وفي 15 سبتمبر 2011، قتل 56 مدنيا في مدينة سرت في عملية قصف مزدوج، كما قامت طائرات الناتو باستهداف عشرات المدنيين في منطقة العرقوب جنوب مدينة البريقة.

منظمات حقوقية على رأسها “هيمون رايتس ووتش” نشرت إحصائية للمدنيين الذين سقطوا نتيجة هذا العدوان الغاشم، حيث كشفت وفاة 72 شخصاً على الأقل في غارات جوية على أهداف وصفها بغير الواضحة.

ومنذ 17 فبراير وحتى اليوم، مازالت الجماعات المسلحة تسيطر على مجريات الأمور ليبيا، بل أنها تغولت وانتشرت حتى تولى آمريها مناصب قيادية في الجهات الأمنية والعسكرية الحساسة في عهد حكومة عبد الحميد دبيبة، وتفاقمت الأوضاع واتجهت نحو الأسوأ.

ومازالت ليبيا حتى اليوم، لم تحقق أي هدفا مزعوما من تلك الأحداث، حيث لم تنجح الحكومات المتعاقبة في ظل هذا الانهيار الأمني وانتشار الجماعات المسلحة وسيطرة اليمين الإسلامي المتطرف، في إجراء انتخابات رئاسية حقيقية تأتي بحاكم للبلاد.