تعد الميليشيات المسلحة في غرب ليبيا أحد أهم العوائق التي تقف في طريق عودة الاستقرار إلى البلاد وحل الأزمة الليبية التي دخلت عامها الثالث عشر.
وحل الميليشيات مطلب أساسي للشعب والمجتمع الدولي لإنهاء الفوضى التي تحدثها في البلاد من خلال الاشتباكات التي تدور فيما بينها بين الحين والآخر وتقع خلالها خسائر في الأرواح والممتلكات العامة، بالإضافة إلى الجرائم التي ترتكبها بحق المواطنين من عمليات سلب ونهب وقتل على الهوية.
ومع تولى رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد دبيبة السلطة في مارس 2021 أكد على ضرورة حل الميليشيات بشكل شامل، ودمج عناصرها في القوات الأمنية أو الشرطية أو هياكل الدولة المدنية.
وكان دبيبة، وصف في وقت سابق قادة الميليشيات في ليبيا، بالـ“الشلافطية”، مؤكداً أنهم لا وجود لهم وأن السلطات الأمنية في البلاد، وأن القوات الأمنية تنحصر بين الجيش والشرطة فقط، ومن هم دون ذلك غير مرحب بوجودهم.
ولكن تبدلت مواقف دبيبة، من النقيض إلى النقيض وأصبح الآن يدافع عن وجود الميليشيات بل ويدعي أنهم هم من يحمون حدود البلاد.
وقال دبيبة في حديثه عبر برنامج “أثير” التابع لشبكة الجزيرة القطرية، الذي أذيع مؤخراً، إن أفراد “الميليشيات أبناؤنا وهم فلذات أكبادنا، دخلوا في الشوارع ودافعوا عن أعراضنا ومقدساتنا وشوارعنا من الغازي والذي يريد تخريب هذه البلاد”.
وأضاف دبيبة: “هذه القوات نسبياً دخلت في المجال العسكري والمجال الأمني، وبدأت تتدرب على سلاحها وكيفية التعامل مع المواطن سواء كانوا في الجيش أو الشرطة، ولا بد يرافق هذه المرحلة بعض الخروقات هنا وهناك، ونحن صابرون على أبنائنا ولا يمكن التخلي عنهم”.
وأشار دبيبة، إلى أنهم “في الأساس بنوا على أساس ميليشياوي لكنهم اليوم جزء مهم من الأمن في ليبيا”.
ودافع دبيبة خلال حديثه عن أفراد الميليشيات قائلاً: “إن الذين يقولون عليهم ميليشيات هم من يحمون الحدود الليبية، نحن نقودهم ونوجههم ويحترمون أوامرنا تبعاً للجيش الليبي ورئاسة الأركان ويستمعون للقائد الأعلى ووزير الدفاع، ومن يقول إنهم قوات منفلتة فهو يحلم بما كان في السابق، ولكننا تجاوزنا هذه الخطوط”.
وحول انتشار السلاح العشوائي، أقر دبيبة بهذا الأمر، لافتاً إلى أنه بدأ من الطرف اللي كان في العام 2011، مشدداً على أنه لا يمكن اللوم على من يقتني السلاح اليوم.
ولم يقوم دبيبة بفعل أي شيء في ملف حل الميليشيات في غرب ليبيا عقب توليه السلطة، ولكن بعد فشل حكومته في إجراء انتخابات ديسمبر 2021 وإعلان مجلس النواب الليبي انتهاء ولاية حكومته، تحالف مع الميليشيات ليستمر في السلطة بالقوة وقدم لهم دعماً مالياً كبيراً حتى كبرت وتغولت بشكل كبير.
وإلى جانب الفوضى والخراب تتعدد أنشطة الميليشيات في غرب ليبيا لتحقيق مكاسب مالية، والذي يعد التهريب أحد أهم مصادرها وتستغل سيطرتها على الموانئ والمطارات في توجيه عمليات التهريب، فحتى إذا لم تكن متورطة مباشرة، فهي تفرض ضريبة على المهربين للسماح لهم بالتحرك في مساحة سيطرتها.
كما تستغل الميليشيات خطوط الهجرة غير الشرعية المنطلقة من دول في أفريقيا إلى أوروبا، في خلق تجارة هي الأسوأ، وهي تجارة البشر.