انتفاضة الشرق لتوزيع إيرادات النفط في ليبيا بشكل عادل.. هذه الأسباب

0
429
نفط ليبيا
نفط ليبيا

تنتفض الأجهزة الحكومية في مدن شرق ليبيا، لضمان توزيع عادل للثروات الليبية، وعلى رأسها إيرادات النفط والتي تستحوذ عليها حكومة الوحدة الوطنية بتسهيل من مصرف ليبيا المركزي. 

وتأتي مطالبات مدن شرق ليبيا بعد تقارير رسمية عن وقائع فساد بالملايين في كافة المؤسسات، ناهيك عن إهدار للمال العام أكدته هيئة الرقابة الإدارية. 

أمس الإثنين، أكد القائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، أن الأوضاع الاقتصادية في ليبيا متفاقمة ويجب التحرك لوقف نهب ثرواتها وتوزيعها بشكل عادل على مدن ليبيا.

وقال حفتر في كلمة خلال لقاء مع القيادات العسكرية بمناسبة عيد الأضحى، إن القيادة العامة للجيش الوطني الليبي تقوم بواجبها وبإمكانيات محدودة جداً مقابل استمرار الحظر الدولي مشيراً إلى إن الجيش الوطني الليبي يسيطر على أكثر من ثلثي مساحة ليبيا وهو في مواجهة الجماعات الإرهابية وكذلك وأعداد الهجرة غير الشرعية ويتصدى لشبكات مهربين مخدرات والبشر.

وتحدث المشير خليفة حفتر عن تفاقم الوضع الاقتصادي في البلاد، لافتاً إلى ضرورة معالجة أسباب الانهيار الاقتصادي في ليبيا ومؤكداً أن الحاجة أصبحت ملحة أكثر من أي وقت ما بعد لاتخاذ خطوات عملية لكي يتم توزيع عوائد النفط بشكل عادل على كافة مناطق ومدن ليبيا.

وأشار إلى أن تقارير جهاز الرقابة الإدارية والمالية في طرابلس عن سنوات 21/ 2022 كشفت أن حجم الفساد صادم الذي ضرب كافة المؤسسات العامة حيث تشير هذه التقارير إلى العبث بمقدرات الشعب الليبي لأكثر من 200 مليار دينار خلال هاتين السنتين وما زالت الأموال العامة تهدر وتختفي بشكل يومي.

كما تحدث حفتر، عن جرائم مصرف ليبيا المركزي بطرابلس، مشيراً إلى أن بيانات مصرف ليبيا المركزي أوضحت بأن الاعتمادات المستندية لبعض الشركات الخاصة خلال العام 2022 بلغت قيمة 10 مليار دولار تقريبا تم توزيعها تعالي 1664 شركة كان نصيب المنطقة الشرقية 7% ولم تتحصل المنطقة الجنوبية – حيث ينتج النفط- إلا على نسبة 2% من مجموع هذه الاعتمادات من سنتين وقفزت استخدامات النقد الأجنبي إلى 29 مليار دولار خلال عام 2022 وأعلن رسميا مصرف ليبيا المركزي بطرابلس بأن إنفاق الحكومة خلال عام 2022 بلغ 122 دينار في حين بلغت الإيرادات النفطية والسيادية 135 مليار.

وقال إن الحقائق والأرقام مفزعة وتكشف بأن هناك نهب للمال العام لم يحدث في تاريخ ليبيا المعاصر وما مع عجز الرقابة والقضاء عن فعل أي شيء لوقفه نزيف وسرقت المال العام جهارا نهارا وفي المقابل أصبح الليبيون يتضورون جوعا ويزدادون فقراً يوماً بعد يوم.

وتابع: بناء على ما تقدم فإن أبناء الشعب الليبي بكافة شرائحه لا يمكن له السكوت عن هذه التصرفات غير المسؤولة ولن ينصت أو يلتفت المسؤولون لكل نداءات والمطالبات المتكررة بشأن التوزيع العادل لثروة النفط ولم تحكمهم تغيرهم بأن هناك ليبيون أصبحوا يستغيثون ويعيشون تحت خط الفقر حتى في المناطق القريبة من طرابلس العاصمة.

وقال حفتر: تلقينا مئات المذكرات والمراسلات من مناطق مختلفة من أبناء الشعب الليبي يطالبون بضرورة تشكيل لجنة عليا للترتيبات المالية تضم شخصيات مالية وقانونية قادرة على إدارة المال العام بطريقة عادلة على كافة ربوع البلاد، فيجب تشكيل هذه اللجنة خلال المدة القليلة القادمة وتباشر أعمالها المطلوبة وإذا تعذر انطلاق عمل هذه اللجنة لأي سبب كان فسيكون أبناء الشعب الليبي ومن جميع المناطق والمدن في الموعد للمطالبة بحقوقهم المشروعة من ثروات النفط حتى ينعم أبناء شعبها بخيرات بلادهم التي حرموا منها بفعل الانتقائية والمزاجية والعبث المتعمد بثرواته ومقدراته التي يجب إعادة النظر في كيفية توزيعها بشكل عادل ودائم.

وأشار إلى أنه سيتم منح وقت لإنجاز هذه اللجنة لأعملها في مدة أقصاها نهاية شهر أغسطس القادم من هذا العام 2023 وفي هذا الصدد يجب أن تكون القوات المسلحة على أهبة الاستعداد للقيام بالمهام المنوطة بها في الوقت المحدد.

كما أشار حفتر في كلمته إلى تطاول بعض سفراء الدول الأجنبية في ليبيا وفي مقدمتهم السفير الأمريكي ريتشارد نورلاند، فهؤلاء أثبتوا فشلهم الذريع في تحقيق أي نتائج نتيجة تساهم في حل الأزمة الليبية بقدر ما أنهم ساهموا في تعميق الخلافات بين أبناء الشعب الليبي الواحد الذين يطالبون هؤلاء السفراء بضرورة الابتعاد عن التدخل في الشأن الليبي، فلا يحتاج الليبيون إلى دروس ومواعظ.

ووجه حفتر كلامه للسفراء: ابعدوا دفع أنوفكم في مشاكل الليبيين وسوف يتفقوا أبناء ليبيا أصحاب الأرضي وأصحاب القضية والهوية، ويجب عليكم احترام أنفسكم وعدم تجاوز حدودكم فأنتم من ساهم في ما نحن فيه الآن وزرعت بالفتن بين الليبيين، مؤكداً أن ليبيا لن تنهض إلا بهمم رجالها ونسائها وشبابها وستبقى القوات المسلحة درع الواقعي وحامي حماها رغم كيد كيدين.

وتطرق المشير خليفة حفتر في ختام كلمته إلى تصريحات رئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك أن ليبيا جاءت من بين الـ 6 دول الأكثر فسادا في العالم.

وذكر أن شكشك أوضح في تصريحاته التليفزيونية أن كل ملاحظات تقرير دول محاسبة 2021 صحيحة مؤكداً أن الخلافة مع مصرف ليبيا المركزي يتكرر كل عام لأننا لن نراجع الحساب الختامي.

كما أشار رئيس الديوان إلى أن الصناديق الاستثمارية أصبحت ملاذا للكسب غير المشروع موضحا أن صندوق الاستثمار الداخلي خسر العام الماضي أكتر من 25 مليون دينار وأن رأس ماله كان 9 مليار دولار والآن أصبح 3 مليار دولار.

الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب رحبت بتصريحات المشير حفتر، والتي جاءت في إطار تحركاتها لتشكيل لجنة لتوزيع الثروات بشكل عادل. 

وأكد نائب رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب على فرج القطراني ضرورة التفكير بجدية في كيفية الوصول إلى اتفاق بشأن عدالة توزيع الثروة والدخل، وإعطاء كل منطقة ومدينة ليبية ما تستحقه، وتوزيع المنافع المادية في المجتمع، وتحقيق أكبر قدر من المساواة في توزيع الثروات في مجتمع ديمقراطي، وتوفير متساوٍ للاحتياجات الأساسية.  

وأشار في بيان اليوم الثلاثاء، إلى أن الملف أصبح مهما نتيجة احتكار قوى سياسية واقتصادية الموارد، مما جعل مدن ومناطق وطبقات اجتماعية مهمشة سياسيا واقتصاديا، والتي قد تضطر بمرور الوقت إلى التعبير عن إرادتها ومصالحها خارج الإطار القانوني والمجتمعي.

والأسبوع الماضي، استقبل رئيس الحكومة الليبية المكلفة أسامة حماد، رئيس المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة، لبحث آليات تطبيق قرار مجلس النواب رقم (49) بخصوص توزيع الثروة الوطنية، وتشكيل لجنة معنية بالخصوص تضم وزارة التخطيط والمالية والمصرف المركزي وهيئة الرقابة الإدارية وديوان المحاسبة.

ويقضي قرار مجلس النواب الليبي رقم 49 لعام 2023 بتشكيل لجنة برئاسة رئيس مؤسسة النفط فرحات بن قدارة بشأن توزيع الثروة على المواطنين والأقاليم، على أن تتولى اللجنة وضع تصور لإعادة هيكلة الميزانية العامة للدولة، يضمن تمتع كل أفراد الشعب الليبي من موارد بلادهم، ويحقق رقابة فعالة وشفافة على الإيرادات بمختلف مصادرها، والنفقات بجميع أوجهها، لخلق توازن اقتصادي واجتماعي على الأراضي الليبية، يعود بالرفاهية والتنمية على أفراد المجتمع، مع ضمان حق الأجيال القادمة في ثروة وطنهم. 

وكشف تقرير هيئة الرقابة الإدارية في ليبيا عام 2022 فساد بالجملة داخل المؤسسات الليبية، وكان أبرزها استمرار عمل الحكومة دون خطة عمل سنوية. 

وأشار التقرير، إلى مخالفات بالجملة ومنها تخصيص الحكومة مبالغ مالية من نفقات الطوارئ بالمخالفة للقانون، ومنح شركة الكهرباء 77.7 مليون يورو بدون موافقة مجلس الوزراء. كما لفت إلى تخصيص مبلغ 1.689 مليار دينار لتطوير مطار طرابلس الدولي دون إقرار مجلس الوزراء، وتخصيص 34 مليار دينار للمؤسسة الوطنية للنفط دون إقرار مجلس الوزراء.

وأكد التقرير وقوع مخالفات أخرى، ومنها تخصيص 6 مليون دينار للقنصلية الليبية في مانشستر دون إقرار مجلس الوزراء، وتخصيص 25 مليون دينار للتعليم العالي لتغطية ملحقيات بالخارج دون إقرار مجلس الوزراء.

كما أشار التقرير إلى تخصيص مبلغ 57 مليون دينار لشراء أضاحي العيد دون إقرار مجلس الوزراء، ومنح شركة الكهرباء 1.056 مليار دينار للتعاقد بالتكليف المباشر دون إقرار مجلس الوزراء، وتخصيص 200 مليون دينار للهيئة العامة لشؤون الحج والعمرة متضمنا بيانات مخالفة، علاوة على شراء مجلس الوزراء سيارات بمبلغ 40.5 مليون دينار من باب التنمية.

ومن بين وقائع الفساد، إيفاد وزارة التعليم العالي بحكومة الوحدة الوطنية، لـ 1895 طالبا لتلقي تعليمهم بالخارج، وبالتحديد في تركيا، شملت أسماء أقارب وزير التعليم العالي عمران القيب، ومسنة عمرها 74 سنة لدراسة الكومبيوتر بمنحة قيمتها 2750 دولار شهرياً، وطالبة عمرها 19 سنة لدراسة الماجستير في الطب.

كما ضمت القوائم على اسم أماني الشركسي، شقيقة أحمد الشركسي، صهر رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد دبيبة، براتب 7 آلاف يورو، ومحمود الطرابلسي، شقيق وزير الداخلية المكلف بحكومة الوحدة عماد الطرابلسي، بشهادة ثانوية وبراتب حوالي 15 الف دينار شهرياً.

كما ضمت القوائم اسم “العابد مفتاح العابد” ابن عم عضو مجلس النواب عن حي الأندلس مصعب العابد مواليد 2001، براتب 7 آلاف يورو لاستكمال مرحلة التعليم الثانوي، و “فاطمة الككلي” شقيقة الميليشياوي غنيوة الككلي آمر جهاز الدعم و الاستقرار، والتي يبلغ عمرها 70 عام، براتب 7 آلاف يورو.

وقالت وزارة التعليم العالي في بيان لها، إن هذه القوائم رشحت من قبل مكتب رئيس مجلس الوزراء عبد الحميد دبيبة، وأرسلت إلى الوزارة عبر وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء محمد جمعة، ولم تكن أبداً من ترشيح الوزارة التي كانت حريصة كل الحرص على إضافة عدد محدود من المتفوقين فقط.

ودفعت هذه الوقائع النيابة العامة الليبية، لاتخاذ قرار بإيقاف أي إجراءات تتعلق بالتفويضات المالية المعتمدة لـ1895 موفدا في تركيا بقيمة 14 مليونا و16 ألفا و771 يورو.