ضرب الفساد منظومة التعليم العالي في ليبيا، ليلحق بباقي القطاعات التي طالها الفساد، على مدار العقد المنقضي، وليصيب جيلا قادما كان من المفترض أن يحمل لواء الإصلاح، بالإحباط والخذلان، بعدما أُخذ مكانهم عنوة باستخدام السلطة والنفوذ.
وزارة التعليم العالي بحكومة الوحدة الوطنية، أوفدت 1895 طالبا لتلقي تعليمهم بالخارج، وبالتحديد في تركيا، والباحث والتقصي، تم الكشف عن مهزلة بكل المقاييس، وكارثة تهدد أحلام جيلا كاملا، فبعد أن كُشفت أسماء الموفدين وبياناتهم، تبين أنهم من أقارب مسؤولي حكومة الوحدة، ومن بينهم رئيس حكومة الوحدة نفسه، عبد الحميد دبيبة.
قوائم الموفدين شملت أسماء أقارب وزير التعليم العالي عمران القيب أيضا، ومسنة عمرها 74 سنة لدراسة الكومبيوتر بمنحة قيمتها 2750 دولار شهرياً، وطالبة عمرها 19 سنة لدراسة الماجستير في الطب.
كما ضمت القوائم على اسم أماني الشركسي، شقيقة أحمد الشركسي، صهر رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد دبيبة، براتب 7 آلاف يورو، ومحمود الطرابلسي، شقيق وزير الداخلية المكلف بحكومة الوحدة عماد الطرابلسي، بشهادة ثانوية وبراتب حوالي 15 الف دينار شهرياً.
كما ضمت القوائم اسم “العابد مفتاح العابد” ابن عم عضو مجلس النواب عن حي الأندلس مصعب العابد مواليد 2001، براتب 7 آلاف يورو لاستكمال مرحلة التعليم الثانوي، و “فاطمة الككلي” شقيقة الميليشياوي غنيوة الككلي آمر جهاز الدعم و الاستقرار، والتي يبلغ عمرها 70 عام، براتب 7 آلاف يورو.
ومن بين الأسماء أيضا، أحمد خالد أحمد، نجل ديوان المحاسبة الليبي، بمنحة 6400 يورو، وإبراهيم محمد أبو جناح شقيق نائب رئيس الوزراء بمنحة قيمتها 6400، وعامر جمعة عامر، شقيق وزير الدولة بالحكومة بمنحة قيمتها 8250 يورو.
وزير التعليم العالي أكد ألا علاقة له بذلك الإيفاد، على الرغم من كونه المسؤول الأول عن الموافقة عليها.
وقالت وزارة التعليم العالي في بيان لها، إن هذه القوائم رشحت من قبل مكتب رئيس مجلس الوزراء عبد الحميد دبيبة، وأرسلت إلى الوزارة عبر وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء محمد جمعة، ولم تكن أبداً من ترشيح الوزارة التي كانت حريصة كل الحرص على إضافة عدد محدود من المتفوقين فقط.
كما أدعت الوزارة أن هناك حملة إعلامية تهدف لتشويه سمعة وزير التعليم العالي عمران القيب، وأن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لا تملك صلاحية الرفض لتعليمات رئيس الحكومة، مشيرة إلى أن المعيدين تم توفير لهم تخصصات الدراسات العليا بالداخل.
هذا الفساد الواضح والصريح والجلي للجميع، أثار موجة غضب عارمة في المجتمع الليبي، وهاجم عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي حكومة الوحدة، وطالبوا بضرورة وجود جهات رقابية تنظر في أفعال تلك الحكومة.
موجة الغضب الشعبية الكبيرة، دفعت النيابة العامة الليبية، لاتخاذ قرار بإيقاف أي إجراءات تتعلق بالتفويضات المالية المعتمدة لـ1895 موفدا في تركيا بقيمة 14 مليونا و16 ألفا و771 يورو.
وقالت في بيان لها، إن ذلك الإجراء، جاء في إطار تقصي النيابة وقائع تجاوز مبدأ المساواة بين المواطنين والإخلال بحق الأولوية في الحصول على المنافع، مؤكدة أنها ستنفذ مراجعة جنائية تهدف إلى استجلاء عدالة الإجراءات الإدارية والمالية المتعلقة بتلك المخصصات المالية.