معركة متجددة بين الإفتاء والأوقاف في ليبيا حول كيفية إخراج زكاة الفطر.. فمن على حق؟

0
477

اندلع خلاف بين الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية في ليبيا وبين دار الإفتاء الليبية حول إخراج زكاة الفطر.

وأفتت هيئة الأوقاف في طرابلس بعدم جواز إخراج زكاة الفطر نقداً بالمطلق وإخراجها حصراً على شكل طعام، فيما أفتت دار الإفتاء بجواز إخراجها بجانب الطعام نقداً عندما تكون هناك مصلحة للفقير وحددت قيمتها هذا الغام بـ 7.5 دينار.

وأصدرت دار الإفتاء الليبية، أمس الأربعاء، بيانا حددت فيه قيمة زكاة الفطر للعام 1444 هجري – 2023 ميلادي، والتي قدرتها بـ7.5 دينار نقدا، و2.25 كليوغرام من القمح، و2 كليوغرام من الأرز.

وأكدت دار الإفتاء أن بعض أهل العلم أجازوا إخراج زكاة الفطر نقدا، عندما تكون هناك مصلحة للفقير، وهم ممن يقتدى به مِن أئمة الهدى من أعلام الأمة، منهم عمر بن عبدالعزيز وأبو حنيفة والبخاري وابن تيمية رحمهم الله جميعا، وهو قول متأخري المالكية.

وبعد الجدل الذي دار حول زكاة الفطر، أصدرت اللجنة العلمية في هيئة الأوقاف بيان للرد على أدلة من يذهبون إلى جواز إخراج زكاة الفطر قيمة نقدية.

وقالت الأوقاف في البيان إن المجيزون بإخراج زكاة الفطر قيمة نقدية يستندون على عدة أدلة من بينها ما ينسب إلى معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أنه يقول بجواز إخراج زكاة الفطر نقدا، فهل هذا صحيح؟ وإن صحَّ عنه ذلك فهل هو دليل على الجواز؟

وذكرت أنه لم يرِدْ في الأثر بإقرار القائلين بالنقد أنفسهم، أن معاوية رضي الله عنه قال بالمال، وإنما قال بجواز إخراجِ نصف صاع من قمح الشام عوضاً عن صاعٍ من التمر، إذاً هو طعامٌ بطعام، وليس نقدا، وعليه فلا يصح أن يُقال: قال معاويةُ بالنقد، قال عياض بن سعد لأبي سعيد: “أَوْ مُدَّيْنِ مِنْ قَمْحٍ؟ فَقَالَ: لَا، تِلْكَ قِيمَةُ مُعَاوِيَةَ، لَا أَقْبَلُهَا، وَلَا أَعْمَلُ بِهَا) رواه الحاكم (1495).

ولفتت إلى أنه لو صح ذلك عنه، أي: التصريحُ بإجزاء النقد، فهل قولُ الصحابيِّ حجة؟

وقول الصحابيِّ الذي لا يُخالِفُ نصا، وسَلِمَ من معارضة غيرِه من الصحابة – مختَلَفٌ في حُجِّيتِه واعتباره دليلا، فكيف وقد خالفَ هذا الأثرُ أحاديثَ صحيحة، كما أنَّه خُولِفَ من قِبَلِ الصحابة؟! فعَنْ عِيَاضِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: “ذَكَرْتُ لِأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ؟ فَقَالَ لَا أُخْرِجُ إلَّا مَا كُنْتُ أُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعَ زَبِيبٍ، أَوْ صَاعَ أَقِطٍ، فَقِيلَ لَهُ: أَوْ مُدَّيْنِ مِنْ قَمْحٍ؟ فَقَالَ: لَا، تِلْكَ قِيمَةُ مُعَاوِيَةَ، لَا أَقْبَلُهَا، وَلَا أَعْمَلُ بِهَا) رواه الحاكم (1495).

وأشارت إلى أنه يصح حملُ ما قام به معاويةُ رضي الله عنه – من إخراج نصف الصاع من القمح بدلا من صاع التمر، على الأخذ بالنص، وذلك أنه جاءت آثارٌ في أنَّ مقدار الزكاة من كل صنف صاع، إلا القمح، فإنه يُجزئُ فيه الصاع، وبذلك ينتفي الاستدلال به على القيمة أصلا، قالت أسماءُ بنتُ أبي بكر رضي الله عنها: (كنا نؤدي زكاة الفطر على عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مُدين من قمح بالمُدِّ الذي تقتاتون به) رواه أحمد (26396)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (2 / 43).