يعيش القطاع الطبي في ليبيا حالة كبيرة من التدهور في المرافق والخدمات، حيث تفتقر المستشفيات لأبسط الاحتياجات مثل الحقن القفازات.
وزير الصحة بالحكومة الليبية المكلفة، الدكتور عثمان عبد الجليل، قال إن سوء الإدارة واستشراء الفساد الذي يجري في أروقة جهاز الامداد الطبي في طرابلس قد بلغ حداً لا يمكن السكوت عليه لأنه يسبب ضرراً كبيراً بمصلحة الوطن وصحة المواطن.
وحسب الرد الذي وجهه مصرف ليبيا المركزي لوزير الصحة المؤرخ في 22 فبراير 2023، ذكر فيه بأن ما تم تنفيذه من اعتمادات في 2021-2022 قد بلغ مليار دولار أي ما يقارب 5.3 مليار دينار بالإضافة إلى 397 مليون دولار أي ما يعادل 1.7 مليار وسبعمئة دينار.
وأشار الوزير إلى أنه بذلك تكون القيمة المصروفة على الإمداد الطبي وهو المختص باستجلاب الأدوية حوالي 7 مليار دينار في حين نجد أن جميع المستشفيات تعاني من عدم توفر أبسط المستلزمات الطبية المتمثلة في الحقن والقفازات ناهيك عن النقص الحاد في الأدوية المنقذة للحياة والأدوية التخصصية.
وتابع في بيان له، أن المصابين بمختلف الأمراض مثل داء السكري والأورام وغيرهم يعانون بشكل مضني في الحصول على الدواء ويلجأون في معظم الأحيان إلى شراء احتياجاتهم من الأدوية الضرورية على حسابهم الخاص، وهذا أمر غير مقبول على الإطلاق، خاصة وأن القانون الصحي رقم 106 يضمن مجانية العلاج لكل المواطنين ويكفل توفير الدواء لهم.
ولفت إلى أن استراتيجية الوزارة لإنقاذ القطاع الصحي من الانهيار ستكون بالتوجه إلى استخدام التقنية والعمل على تنفيذ مشروع نظام إدارة معلومات موحد (التحول الرقمي) وهو نظام سيعمل على ربط جميع المؤسسات الصحية من مستشفيات ومراكز تخصصية وصيدليات ومختبرات تحاليل ومراكز تشخيص سواء كانت تتبع للقطاع العام أو الخاص وكذلك منظومات الشراء في هذه المرافق وجهاز الامداد الطبي في داخل ليبيا في منظومة واحدة يسهل من خلالها توفير كل الاحتياجات بسلاسة والحد من الفساد المستشري الآن.
وأفاد الوزير أن هذا النظام يعتمد على إصدار واستخدام بطاقة صحية إلكترونية لكل مواطن تحمل تاريخه الصحي، وكل ما يتم بخصوصه من كشوفات وتحاليل ووصفات طبية بدقة كبيرة مما يسهل تبادل معلومات المرضى بين المرافق الصحية الأمر الذي سيمكن المريض من الحصول على الخدمة الصحية المطلوبة ومتابعة حالته الصحية وحصوله على الأدوية والرعاية اللازمة بأيسر الطرق ويمهد الطريق أمام تطبيق نظام التأمين الصحي الشامل.
وأردف الدكتور عبد الجليل أن أحد المشاكل الكبرى التي تواجه الوزارة هو غياب سيطرة الدولة على شراء ونقل وتخزين وتوزيع واستهلاك الأدوية في البلاد، الأمر الذي يسبب في غياب جودة الدواء في كثير من الأحيان وأن الوزارة تعمل على وضع حلول جذرية لهذا الأمر وذلك من خلال إنشاء الصيدلية المركزية وجعلها القناة الوحيدة التي من خلالها وتحت إشرافها يتم توريد الدواء داخل البلاد بالمشاركة مع القطاع الخاص.
واستطرد أن ليبيا ربما هي الدولة الوحيدة التي لا تسيطر على استيراد وتخزين وتوزيع واستهلاك الأدوية، وأن الدولة قامت في عام 2006 بالسماح للشركات الخاصة بتوريد الأدوية وهناك شركات لديها وكالات لشركات عالمية موثوقة، ولكن في المقابل يوجد شركات صغيرة غير حريصة على جودة الدواء أو ما يعرف بـ”شركات الشنطة” والمواطن لا يعلم ظروف نقلها وتخزينها.
وأكد عبدالجليل على أن حجم الاستهتار بصحة المواطن وصل إلى وجود أسواق جملة لبيع الأدوية في العديد من المدن الليبية دون رقيب ولا حسيب، وكأنها محال لبيع الخضروات والسلع الغذائية وهذا ما زاد الطين بِلة وأظهر اختلال قاعدة الخدمات الصحية وجودتها ومتابعتها بشكل صحيح.
وأكد وجود تقصير من مركز الرقابة على الأدوية كونها الجهة المختصة بمتابعة وتقييم جودة الدواء مع احترام مجهوداتهم، ولكن لم نسمع عن حملات تفتيشية قد قاموا بها على الصيدليات أو إجراء تحاليل للأدوية المعروضة في الصيدليات.
وأضاف عبدالجليل أن الدولة ستنتهج تنظيم توريد الأدوية وستكون المسؤولة عن الاستيراد والتخزين والنقل بمشاركة شركات القطاع الخاص الوكيلة لشركات عالمية تحت رقابة الدولة وعن طريق “الصيدلية المركزية” التي سيتم انشاؤها وستكون الجهة الوحيدة المخولة بتوريد الأدوية وتوزيعها بطرق صحيحة سواء على القطاعين العام والخاص.
ولفت إلى أنه سيتم تحديد شروط محددة لمصانع الأدوية التي سيتم التعامل معها وتوريد الدواء فقط من المصانع التي تكون لها شهائد جودة معتمدة دولياً وإعطاء الشركات الخاصة فرصة المشاركة في هذه المناقصات بمعايير وشروط صارمة.