مات صهيب.. طفل ليبي قتله المرض وإهمال وفساد المسؤولين

0
314

اختفت الإنسانية في ليبيا، وأصبحت أرواح أبنائها أبسط ما يمكن التفريط فيه، بمجتمع طغت عليه الصراعات السياسية والفساد، وتولى مسؤوليتها من هم ليسوا أهلا لذلك والطامعين في السلطة، فنسوا مهامهم الأساسية وأهملوا فيها، وأصبح المواطن آخر همهم، وباتت حقوقه الطبيعية عبئا عليهم.

وفاة الطفل صهيب، كانت كاشفة للوضع البائس في ليبيا، مات صهيب ضحية الفساد والإهمال والصراعات التي لم تنتهي، وقد لا تنتهي قريبا، قَتله المسؤولين المهملين ممن يصارعون على المناصب، ومن تحركهم أجندات خارجية، ويبحثون عن التحالفات السياسية فقط، مات صهيب وذنبه في أعناق الجميع.

خرج والد الطفل صهيب، عبر صفحته على “فيسبوك”، يعلن وفاة نجله باكيا بحُرقة وألم، فولده الذي كان يعاني من مرض مؤلم احتاج على إثره زراعة نخاع شوكي، فبعد أن ضاقت به السبل في ليبيا، وبعد أن تفاقمت حالة نجله نتيجة ضعف منظومة الصحة في البلاد وعدم قدرتها على حماية ابنه من الموت، طرق أبواب كل المسؤولين من أجل علاجه بالخارج، لكن لا حياة لمن تنادي.

فبعيداً عن الإجراءات الرسمية التي اتخذها والد صهيب، من أجل الحصول على مساعدة من الدولة لعلاج نجله بالخارج، خرج في أكثر من فيديو قبل فيديو إعلان الوفاة عبر صفحته، وطالب فيه المسؤولين بسرعة الاستجابة، خاصة وأن ابنه حالته تسوء يوما بعد يوم.

والد صهيب مواطن ليبي، دفعته الأحوال إلى اللجوء علنا لطلب المساعدة، فهو غير قادر على مصروفات العلاج بالخارج أو حتى دفع الأموال للمصحات والمستشفيات الخاصة، فهو من أبناء الشعب الكادح المحروم من الخدمات، ورغم تحركه رسميا وعبر منصات التواصل الاجتماعي لتوفير الرعاية الصحية لنجله، لم يرد عليه أحد، ولم يستجب له شخص واحد من المسؤولين، حتى مات ولده.

 قاتل صعيب معروف ومعلوم للجميع، فالمرض بريء من تلك التهمة، والمتهم الرئيسي هو المهمل والفاسد الذي لم يهتم لأمره من الأساس، قتلة صهيب هم المسؤولين الطامعين في السلطة والمال، هم الفسدة الذي لا يهتمون لأمر أحد إلا أمرهم وأمر من يوجههم ويأتمرون بأمره.

حكومة الوحدة الوطنية التي انتهت ولايتها برئاسة عبد الحميد دبيبة، أحد المتهمين بقتل صهيب، فرئيس تلك الحكومة وعد مرارا وتكرارا في كل خطاب أو حديث له يتحسين الأوضاع الصحية بالبلاد، ولكنها مجرد كلمات غير محسوبة خرجت من فمه، والتفت بعدها لصراعه للبقاء في منصبه.

أحد قتلة صهيب هم مسؤولي وزارة الصحة والمكاتب التي مر عليها والد صهيب بشكل يوم لتسهيل مهمة علاج نجله، فلم يعيروا له اهتمام.

اشترك أيضا محافظ المصرف المركزي الليبي الصديق الكبير، في قتل صهيب، فهو أحد المتسببين في الوضع البائس الذي تمر به ليبيا الآن، هو من أخرج الاعتمادات المالية لمجهولين ودون سند قانوني، بدلا من توجيه تلك المليارات إلى تقوية البنية التحتية والخدمات المقدمة للمواطنين.