فوضى السلاح في ليبيا ومنطقة دول الساحل والصحراء.. متى تنتهي؟

0
385

أربكت الحالة الأمنية التي تعيشها ليبيا منذ أكثر من عقد من الزمان منطقتي شمال أفريقيا والساحل والصحراء، بسبب فوضى السلاح التي تشهدها المنطقة.

البداية كانت بسقوط نظام الرئيس السابق معمر القذافي في 2011، بعد صدام استمر لأشهر مع ميليشيات مسلحة وكتائب مدعومة خارجياً، بضربات من حلف شمال الأطلسي “ناتو”.

الأمم المتحدة في تقرير لها خلصت إلى أن حالة الفوضى التي غرقت فيها ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011 أدت إلى تدفق الأسلحة من الدولة الواقعة في شمال القارة إلى دول الساحل الواقعة جنوبها.

الباحثة فاطمة زمام، قالت في ورقة بحثية، بعنوان: “فوضى السلاح في ليبيا وانتشارها نحو دول الساحل”، إن ليبيا شهدت بعد أزمة فبراير 2011، مواجهات بين قوات القذافي والجماعات المتحاربة، إذ مع اشتداد المواجهة فتح القذافي مخازن الأسلحة التي كان يخصص لها ميزانيات ضخمة تقدر بنسبة 5,1% من مجموع الميزانية العامة، أي ما يقدر مليار ونصف دولار، إضافة للدعم الذي تلقاه الجماعات المحاربة و الميليشيات المتعددة من خارج ليبيا.

الورقة البحثية -اطلعت عليها صحيفة الشاهد الليبية- نشرتها المجلة الجزائرية للعلوم السياسية والعلاقات الدولية في ديسمبر 2018، استطردت: “وهو الذي أدى إلى سقوط نظام الزعيم معمر القذافي نتيجة التحالف الدولي و دخول ليبيا بعد ذلك في مرحلة فوضى عارمة تميزها تعدد الميليشيات المسلحة ومختلف أشكال العنف من تفجيرات واعتقالات، فالسلاح الليبي عرف انتشار واسع سواء داخل ليبيا”.

ولم تكن عمليات الانتشار داخل ليبيا فقط، فوفق الدراسة، عرفت عمليات انتشار السلاح الليبي نحو دول الساحل من خلال المعاملات التجارية، وهي صفقات التبادل التي يقوم بها المرتزقة ورجال الصحراء كونهم عارفين بتضاريس المنطقة، وهذا من أجل تسهيل نشاطات الجماعات الإرهابية، فكان امتداد السلاح الليبي عبر طول الشريط الحدودي لليبيا على مستوى 12 دولة، منها مالي، والجزائر.

يقول مكتب الأمم المتحدة المعني بمكافحة المخدرات والجريمة إن كل الجماعات المعنية تحتاج إلى أسلحة نارية وذخيرة، ومع تزايد أعدادها، تتزايد الفرص التجارية لمهربي الأسلحة في دول الساحل.

ولفت التقرير إلى أنه إذا كان جزء من هذه الأسلحة يأتي من أماكن بعيدة، بما في ذلك على متن طائرات من فرنسا أو تركيا عبر نيجيريا، فإن القسم الأكبر يأتي من القارة الأفريقية نفسها.

رئيس الأبحاث في المكتب الأممي فرانسوا باتويل، أوضح خلال عرضه التقرير أن كميات أخرى من الأسلحة والذخيرة جرى تهريبها إلى دول الساحل من ليبيريا وسيراليون اللتين دارت فيهما حتى مطلع القرن الحادي والعشرين رحى حروب أهلية طاحنة.

ولفت إلى أنه بدأت أخيراً أسلحة حديثة تصل إلى منطقة الساحل من ليبيا، في انتهاك لحظر الأسلحة المفروض على هذا البلد، لكنّ المصدر الأول اليوم للأسلحة المهرّبة في دول المنطقة، حسب التقرير، هو أسلحة القوات الحكومية التي يجرى الاستيلاء عليها خلال معارك أو هجمات، أو التي تسرقها عصابات، أو التي يبيعها عناصر فاسدون في هذه القوات الحكومية لتجار السلاح.

ودعا التقرير حكومات دول منطقة الساحل إلى مضاعفة جهودها لمنع عمليات تهريب الأسلحة وضبطها، وناشدها كذلك التشدد في تعقب أسلحة قواتها الأمنية والعسكرية ومكافحة مصنعي الأسلحة المنزلية الصنع.

واستعرضت ورقة بحثية للباحث الجزائري سيلية أمغار، بعنوان: “تأثير السلاح الليبي على الأمن في منطقة الساحل” نشرتها المجلة الجزائرية للعلوم السياسية والعلاقات الدولية، في ديسمبر 2018، – طالعتها صحيفة الشاهد الليبية –  التداعيات الأمنية لفوضى السلاح، وجاء فيها: “إنه بعد الثورة الشعبية التي أطاحت بنظام معمر القذافي وبعد التدخل المباشر لقوات الحلف الأطلسي تحولت المنطقة إلى خزان بارود، تتداول فيه المجموعات الإرهابية وعصابات المخدرات، والجماعات المتمردة وميليشيات على النظام وعلى مختلف أنواع الأسلحة”.

وتابعت أن هناك تدفق للسلاح الليبي عبر الأراضي الصحراوية الجنوبية إلى شمال مالي والنيجر، وكذا أكثر من ذلك هناك مجموعة من الدلائل تجزم أن إمارة الصحراء التابعة لتنظيم القاعدة لبلاد المغرب أرسلا في بداية الصراع لليبيا عناصر تابعين لها للقتال ضد القذافي، لكنها سرعان ما عدلت عن القتال إلى جانب الثوار بعد تدخل حلف شمال الأطلسي، فإعلان الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية دعمها لهم، فتحولت مهمة عناصر التنظيم إلى جمع الأسلحة عبر شرائها ونهبها من المخازن وتهريبها إلى الصحراء.

وفي أغسطس 2022، حذر تقرير أمني من أن تهريب الأسلحة من ليبيا إلى مناطق العنف في دول الساحل والصحراء بوسط وغرب إفريقيا يشهد تزايداً كبيراً عبر المثلث الحدودي بين ليبيا والنيجر والجزائر.

ويوضح تقرير معهد الدراسات الأمنية “ISS” أن الأسلحة تتدفق بقوة من ليبيا إلى يد الجماعات المسلحة على طول الحدود الجزائرية والنيجيرية، عبر أغاديز وتاهوا وتيلابيري في النيجر، لتصل إلى مالي من خلال منطقة الحدود بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو وحوض بحيرة تشاد عبر ديفا في النيجر.

ورصدت مؤسسة “سلفيوم” للدراسات والأبحاث أسلحة جديدة غير متعارف عليها في ليبيا وجاراتها، قادمة من تركيا، عقب ضبط الجيش الليبي لها في عملية ضد الإرهابيين في أوباري جنوبي ليبيا.

وفي يناير الماضي، ضبطت قوات الدعم السريع السودانية المنتشرة بين السودان ومصر وليبيا وتشاد 3638 طلقة مدفع رشاش “جرونوف” و357 طلقة “دوشكا” على متن عربة للمهربين.

وضبط الجيش النيجيري في وقت سابق أسلحة في طريقها لجماعة “بوكو حرام”، تضمنت الصواريخ المضادة للأدرع والطائرات، يقول معهد “iss”، إن ممر “السلفادور” على الحدود الجزائرية النيجيرية مع ليبيا هو أخطر مسارات التهريب، والمركبات تحمل أسلحة مخبأة تحت البضائع عبر ممر متجه نحو أغاديز، أو تاسارا، أو تشين تابارادين، وصولا إلى مالي.

أما نقل الأسلحة إلى نيجيريا فيتبع طريقا يتجه شرقا عبر “ديرك” إلى ديفا أو تاسكر (منطقة زيندر)، وآخر يتجه للمركز عبر أغاديز.