تعاني ليبيا في الوقت الحالي من أوضاع مأساوية سواء على المستوى الاقتصادي أو على المستوى الأمني أو المستوى السياسي وهو ما انعكس على مدى جودة الحياة فيها.
وخرجت ليبيا من تصنيف مؤشر جودة الحياة لعام 2023 للبلدان الأفريقية الذي تصدره مجلة “يو أس نيوز” الأمريكية كل عام.
وتعتمد المجلة الأمريكية على دراسة 9 مؤشرات فرعية لتحديد وتصنيف مدى جودة الحياة في البلدان التي تشملها الدراسات والتي تضم (تكلفة العيش الميسرة، وسوق العمل الجيد، والاستقرار الاقتصادي، والاستقرار السياسي، والمساواة في الدخل، والنظام الصحي المتقدم، والنظام التعليمي الجيد، والظروف الجيدة لإنشاء الأسرة).
وتصدرت المغرب دول أفريقيا في التصنيف لتحافظ على صدارتها وفق نفس المؤشر العام الماضي، كما حافظت على نفس مركزها العالمي وجاءت في المرتبة الـ 85.
واحتلت مصر المرتبة الثانية أفريقياً والمرتبة الـ 54 عالمياً، وجنوب أفريقيا في المرتبة الثالثة والـ 60 عالميا، والرابعة تونس والـ 64 عالمياً، ثم غانا في المرتبة الخامسة والـ 65 عالمياً.
مؤشر جودة الحياة التي تنشره المجلة الأمريكية كل عام، تعتمد عليه العديد من المؤسسات والأفراد لاختيار الوجهات المفضلة للعيش، كما يعتمد عليه السياح من أجل زيارة البلدان التي تتميز بجودة حياة متقدمة.
ومنذ عام 2011 بعد سقوط النظام السابق، عانت ليبيا من سيطرت الميليشيات والتنظيمات المتطرفة، أبرزها جماعة الإخوان المسلمين، وتنظيم داعش.
ورغم انتفاضة الجيش الوطني الليبي في عام 2014 وتطهيره من خلال عملية الكرامة جنوب وشرق ليبيا من الجماعات والتنظيمات المتطرفة، لايزال غرب ليبيا يقع تحت سيطرة الميليشيات وجماعة الإخوان المسلمين.
وما زاد من سوء أوضاع غرب ليبيا، الاحتلال التركي الذي جلبته حكومة الوفاق السابقة، والذي جلب بدوره المرتزقة السوريين الذين لايزالون يتواجدون حتى اللحظة بالآلاف في طرابلس.
كما ازدادت شوكة الميليشيات وسيطرتها على الدولة في الآونة الأخيرة بغرب ليبيا، لاسيما بعد ما استعان بها رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد دبيبة، وقدم لها دعماً مالياً سخياً، مقابل حمايته للبقاء في السلطة بالقوة بعد ما أعلن مجلس النواب انتهاء ولاية حكومته.
وأصبحت الأوضاع في ليبيا الآن مأساوية فتكلفة العيش غير ميسرة في ظل ارتفاع الأسعار وشح المنتجات، وسوق العمل غير جيد وتنتشر البطالة، ولا يوجد استقرار اقتصادي خاصة بعد ارتفاع سعر الدولار أمام الدينار، ولا استقرار سياسي في ظل الصراع الحالي بين الحكومتين المتنافستين، بالإضافة إلى عدم التوافق على إجراء الانتخابات.
كما أن النظام الصحي ضعيف للغاية والليبيون يذهبون لدول الجوار لتلقي العلاج، والنظام التعليمي في أدنى مستوياته، وبالتالي لا توجد ظروف جيدة لإنشاء أسرة، فكان من الطبيعي أن تخرج من مؤشر جودة الحياة.
ويرى مراقبون أن ليبيا رغم أنها أغنى من كل الدول التي جاءت مقدمة الدول الأفريقية بمؤشر جودة الحياة بالنسبة لمواردها النفطية في مقابل عدد سكانها، إلا أن الحكومات المتتالية تسببت في انهيارها بسبب انشغالها في الصراعات السياسية وتحقيق المصالح الشخصية، وعدم عملها على توفير الخدمات للمواطنين أو القيام بأي إصلاحات لقطاعاتها المنهارة.
فحكومة الوحدة في غرب ليبيا أنفقت خلال العام الماضي فقط أكثر من 137 مليار دينار، إلا أن المواطن الليبي لا يشعر بأي تحسن بل ازداد سوء الأوضاع.