مشهد سياسي يشوشه الضباب في ليبيا، تَخفى معالمه، فلا يمكنك التكهن بمستقبله، ولا الجزم بتفاصيل كواليسه، حتى وإن ظهرت بارقة أمل تُحيي آمال الاستقرار والوصول لنقاط واضحة متعلقة بحوار جاد لحل الأزمة، يظهر من يربك المشهد بالكامل ويعيد الأمور لنقطة الصفر.
وهناك في تركيا، وبالتحديد في مدينة اسطنبول، المكان الذي استضاف جماعة الإخوان من مختلف البلدان بعدما جارت الدنيا عليهم وعاقبتهم على أفعالهم، عادت تلك المدينة من جديد لاستضافتهم، ولكن في وضع وظروف مختلفة، فهم الآن هناك بداعي الوصول لحل للأزمة الليبية.
أكثر من 50 شخصية تتبع جماعة الإخوان والجماعة الليبية المقاتلة، ممن كانوا سببا رئيسيا لما وصلت إليه ليبيا الآن، اجتمعوا في مدينة إسطنبول التركية، لوضع شروط ومعايير اختيار رئيس البلاد، ورئيس السلطة التنفيذية، وكتابة ميثاق وطني يقدم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.
ادعى هؤلاء أن الهدف من اجتماعهم في تركيا، توحيد الجهود الوطنية في إطار حوار وطني صريح وشامل، يسعى القائمون عليه بأن يكون من نتائجه توحيد القوى الوطنية من مختلف التيارات الفكرية والسياسية والمجتمعية للوصول إلى نواة مشروع وطني يجد القبول من جميع شرائح المجتمع.
كما ادعوا أن الاجتماع يرمي إلى العمل على مسودة للمشروع الوطني، والإعداد للحوارات القادمة بهدف اختيار حكومة تلبي مطالب وتطلعات الشعب، والاتفاق على آلية للخروج من حالة الانسداد السياسي في البلاد والوصول للانتخابات وتحقيق الاستقرار والمصالحة الوطنية وخروج جميع القوات الأجنبية من البلاد.
المجتمعون في اللقاء التشاوري، الذي نظمه علي الصلابي القيادي في تنظيم جماعة الإخوان والمقيم في تركيا، بمدينة إسطنبول، اتفقوا على عقد لقاء وطني لحل الأزمة الليبية.
مشهد عبثي، يعكس حجم المأساة التي تعاني منها ليبيا الآن، فهؤلاء هم من أضاعوا البلاد وأدخلوها في نفق مظلم منذ سنوات، كما أنهم الآن يعرقلون كل خطوة نحو الاستقرار وإجراء الانتخابات، حتى هذا اللقاء الذي عقد في تركيا، هدفه المعلن، هو ما أدعوه، أما الهدف الأساسي هو إثارة البلبلة وتشويش المشهد.
وأبرز من حضروا هذا الاجتماع وعلى رأسهم، القيادي بجماعة الإخوان وصاحب الأراء السياسية المحرضة ووجهات النظر الدينية الداعية للدم والفرقة وأخذت البلاد لحرب أهلية، وهو أحد المحركات الرئيسية لأنصار الإسلام السياسي والمتشددين دينيا، كما أنه صاحب الأراء المتناقضة بعد أن امتدح النظام الليبي السابق، ثم حرض ضده.
كما أن أبرز من حضروا هذا الاجتماع، عبد الحكيم بلحاج، القيادي بالجماعة الليبية المقاتلة، وأحد مؤسسيها، وقدم بصفة قائد المجلس العسكري طرابلس بعد إسقاط نظام القذافي، وتحول سريعاً إلى ملياردير وقائد عسكري وسياسي بحكم دعمه لتيار الإخوان وانتمائه للجماعات المتطرفة، حيث ترأس حزب الوطن، هو أيضا يبت في أمر ليبيا بعد أن ساهم في تخريبها.