هل تنجح مبادرة المجلس الرئاسي في حل الأزمة الليبية؟

0
372
إخراج المرتزقة من ليبيا

في أرض المبادرات، أطلق المجلس الرئاسي الليبي، مبادرة جديدة، يستهدف من خلالها حل الأزمة الليبية، بعد أن استعصت عليها كل الحلول واللقاءات والمبادرات، عن طريق ما أسماه بـ”حوار دستوري” كأولوية، الهدف منه إنهاء المراحل الانتقالية وفض النزاع الدائر منذ سنوات.

المراحل الانتقالية في ليبيا، أشبه بلعبة “المتاهة”، فكل النتائج المعلنة لكل مبادرة تُطلق في تلك المراحل تؤدي إلى حل الأزمة الليبية، ولكن تلك اللعبة شديدة الصعوبة، بحيث تفشل كل طرق “المتاهة” في الوصول للحل، فكل ما يُعلن من نتائج على الورق فقط، لا يجد ما يطبقه، ويعود الصراع من جديد.

مبادرة المجلس الرئاسي الليبي الحالية، والتي حملت شعار “مقاربة المجلس الرئاسي لتجاوز الانسداد السياسي وتحقيق التوافق الوطني”، كغيرها من المبادرات، تحمل شعارا يُشرح القلوب ويطيب النفوس ويُبشر بحل وشيك للأزمة، إلا أن تطبيق مبادرات المجلس الرئاسي شديد الصعوبة، لكن لماذا؟

فمنذ اليوم الأول، لتولي رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، منصبه بعد الوصول لسلطة مؤقتة بعد توقيع الاتفاق السياسي، وتشكيل مجلسه، وهو يتواجد بشكل هامشي، وكأنه تولى منصب شرفي لا سلطة له، والمتحكم الأول والأخير في المشهد الليبي هو رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد دبيبة.

أما إذا تحدثنا عن الاتفاق السياسي نفسه، الذي جاء بمحمد المنفي رئيسا للمجلس الرئاسي، وحكومة عبد الحميد دبيبة، فكان كسابقيه، حامت حوله الشبهات، وجاء بمن لم يقدموا شيئا لليبيا، بل والأكثر أن حكومة الوحدة الوطنية ورئيسها، ورطوا ليبيا في اتفاقيات دولية غير قانونية، وساروا على درب هلاك الشعب بإهمال الخدمات عدا مصالحهم.

وبالعودة للوراء قليلاً، في عام 2015 بالتحديد، وبالتحديد في شهر ديسمبر من هذا العام، تم اتفاق الصخيرات بين الفرقاء الليبيين، وكان الهدف منه أيضا هو حل الأزمة الليبية، وإنهاء حالة الحرب الأهلية التي اجتاحت البلاد بعد أحداث 2011، ولكن ما الذي أسفر عنه هذا الاتفاق؟ وهل طُبق ما تم الاتفاق عليه بالكامل؟

نصت نتائج هذا الاتفاق على عدم التدخل في الشأن الليبي الداخلي، ولكن في حقيقة الأمر، فإن هذا الاتفاق تدخلت فيه البعثة الأممية لدى ليبيا بشكل سافر، وكل ما يحدث في البلاد الآن من تدخل خارجي، كانت نبتته السامة هذا الاتفاق غير المنصف.

نص هذا الاتفاق أيضا على احتكار الدولة القوة، وهذا النص، خُرق أو تم تحريفه، فحملت الميليشيات السلاح باسم الدولة، وأصبح الملاحقين قانونيا هم الآن أصحاب السلطة، والمتحكمين بشكل فعلي بالمشهد، بعدما استعانت بهم حكومة الوحدة الوطنية ومنحتهم المناصب دون رقيب وأعطتهم حرية حمل السلاح واستخدامه.

هذا الاتفاق، مع الأسف الشديد، حملت غالبية نصوص كلمة “التزام” وليس إلزام أو إجبار، مما جعلها ليست إلزامية بشكل قاطع، فعلى سبيل المثال، نص الاتفاق على الالتزام بإخلاء المناطق السكنية والمقرات المدنية والعسكرية من جميع التشكيلات، وكان هذا الأمر بمثابة إعادة تمركز لهذه الميليشيات وليس حلها أو تسريحها وجمع السلاح منها.

اتفاق الصخيرات أدى إلى خلط المسميات وتداخل الاختصصات، حيث أصبح رئيس المجلس الرئاسي هو رئيس مجلس الوزراء، على الرغم من اختلاف اختصصاهما ومهامهما، وهو ما أعطى لحكومة السراج وقتها صلاحيات، سمحت لها بفتح أبواب البلاد للمحتل الأجنبي وأعطى خيرات بلاده له، وهو الدرب الذي سار عليه عبد الحميد دبيبة.

هذا الاتفاق أيضا، جعل استمرار رئيس الحكومة والمجلس الرئاسي أبدي، أي أنه أعطى له الحق في الاستمرار بالمنصب حتى وفاته أو تقديم استقالته، وهو ما ما جعلها ليست حكومة انتقالية ولا تستهدف الوصول لحل.