لماذا تسعى واشنطن لفرض الاستقرار في ليبيا؟.. فتش عن سوق الطاقة

0
511

تحركات دبلوماسية متزايدة، تتخذها الإدارة الأمريكية في محاولة منها لحل الأزمة الليبية، فما بين اتصالات ولقاءات يجريها المبعوث الأمريكي مع مسؤولين وتصريحات لوزارة الخارجية. 

وتركز التحركات الأمريكية على ضرورة وقف التصعيد العسكري بين الأطراف الليبية ودعمها للحل السلمي، كونها تدرك خطورة ذلك، لما ستكون له من تداعيات واسعة على المنطقة ككل. 

وتسير الأوضاع في العاصمة الليبية طرابلس نحو الأسوأ في ظل تمسك حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها بالسلطة ورفضها تسليمها للحكومة المكلفة من قبل مجلس النواب. 

وأصدرت الإدارة الأمريكية بياناً عبر وزارة الخارجية قالت فيه إنها قلقة للغاية بسبب التهديدات الجديدة بوقوع اشتباكات عنيفة في طرابلس، ودعت إلى وقف التصعيد الفوري من قبل جميع الأطراف. 

ويتمثل القلق الأمريكي من تداعيات نشوب حرب جديدة في طرابلس، وهو بالطبع ما يؤثر على سوق الطاقة، مع عودة قطاع النفط للتعافي مرة أخرى. 

وبحسب بيانات النشرة اليومية لمؤسسة النفط الليبية فإن حجم إنتاج الخام من النفط تجاوز 1.2 مليون برميل يومياً.

وترى واشنطن أن عودة ليبيا بكامل قدراتها إلى سوق النفط العالمي سيخفف من تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية على سوق الطاقة العالمي، ولذلك ترحب بأي خطوة تساعد في دمج ليبيا في الاقتصاد الإقليمي. 

وفي 10 أغسطس الجاري، اعتبرت واشنطن، الأربعاء، أن استئناف الرحلات الجوية بين مصر وطرابلس الليبية، بمثابة “إعادة اندماج ليبيا في الاقتصاد الإقليمي”. 

يقول موقع “ديكود 39” الإيطالي، إن واشنطن قلقة في ظل تزايد الانقسامات الداخلية في ليبيا، وتدرك أن المأزق المؤسسي يهدد بانحراف عنيف، لذلك تطالب بنزع فتيل الأزمة أيضاً عبر الأمم المتحدة والتزام الحلفاء. 

وأوضح التقرير الذي اطلعت عليه صحيفة الشاهد الليبية، أن واشنطن تهتم بالاستقرار وخفض التصعيد في ليبيا، لأن ما يحدث في ليبيا يمكن أن يكون له تداعيات أوسع، سواء فيما يخص الديناميكيات الإقليمية أو المرتبطة بعالم الطاقة.

ويحاول البيت الأبيض الحفاظ على استمرار ضخ النفط الليبي، ففي خضم اضطراب السوق على خلفية الحرب الروسية في أوكرانيا، فإن المليون برميل المحتمل الذي يمكن أن تنتجه طرابلس في اليوم له وزن أكبر.

ونقل الموقع، عن الزميل الأول في صندوق مارشال الألماني، داريو كريستياني، قوله إن ليبيا تعد مسؤولية عبر المحيط الأطلسي حيث تبحث الولايات المتحدة عن شكل من أشكال تقاسم الأعباء. 

وشددت واشنطن، في الإعلان، على مسألة المدنيين وتحقيق الاستقرار في البلاد لدفع التنمية الليبية لتجنب الانجرافات العنيفة والتي قد تؤدي أيضاً إلى مناخ عام من الانفراج بين الجهات الخارجية في المنطقة تماماً.

ودعت واشنطن إلى وقف التصعيد الفوري من قبل جميع الأطراف، مشددة على أن الغالبية العظمى من الليبيين تسعى إلى اختيار قيادتهم بشكل سلمي من خلال الانتخابات.

وتابع التقرير، طرحت واشنطن بالفعل فرضية للتغلب على الجمود المؤسسي الحالي بسبب وجود حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد دبيبة والحكومة المكلفة من مجلس النواب برئاسة فتحي باشاغا. 

وقدم سفير الولايات المتحدة ومبعوثها إلى ليبيا، ريتشارد نورلاند، شرحا لآلية “مستفيد” التي طرحها أخيرا لإدارة الإنفاق الحكومي في ليبيا، مؤكداً أن الأخذ بهذه الآلية يعود إلى السلطات الليبية.

وأوضح السفير الأمريكي، أن “مستفيد” لا تعني مدلولها باللغة العربية، بل اختصار للحروف الأولى من كلمات إنجليزية (mstfeed)، تعني أنها آلية اعتمادية قصيرة المدى في الجوانب المالية والاقتصادية والطاقة. 

وهذه الآلية تأتي على غرار الفرضيات التي يتم تداولها أيضًا بين المستشارين الآخرين، كما كتب الخبير الإيطالي دانييلي روفينيتي (من مؤسسة ميد أور)، ويمكن أن توفر وظيفة حكومية زائفة على المدى القصير حتى إجراء الانتخابات، بحسب الموقع الإيطالي. 

وقالت واشنطن أيضاً في البيان إن حالة عدم الاستقرار المستمر هو تذكير بالحاجة الملحة لتعيين ممثل خاص جديد للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا لاستئناف جهود الوساطة، بدعم موحد من المجتمع الدولي.

وذكرت وحدة المعلومات الاقتصادية التابعة لمجلة “الإيكونوميست” (Economist)‏ أن للحرب الروسية على أوكرانيا تأثيراً مهماً على التوقعات الاقتصادية الأمريكية فيما بقي من العام الجاري.

وقالت إن استمرار الحرب سيؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية العالمية، مما يغذي التضخم ويؤثر على النمو الاقتصادي الأمريكي، كما نتج عن فرض عقوبات واسعة على قطاع الطاقة الروسية بشقيه، الغاز والنفط، زيادة الولايات المتحدة إنتاجها من الوقود الأحفوري، وعززت مكانتها كمصدر رئيسي للطاقة، وخاصة الغاز الطبيعي المسال، للمساعدة في تلبية الطلب في أوروبا. 

ويرى عضو مجلس النواب الليبي، عبد المنعم العرفي، أن التدخلات الأمريكية في الشأن الداخلي الليبي كلها تدخلات سافرة لا تسمن ولا تغني من جوع، والتصريحات الأخيرة للمبعوث الأمريكي ريتشارد نورلاند كلام غير عقلاني. 

وأردف العرفي أنه إذا كان هناك وزارة خارجية ليبية في دولة ذات سيادة لخاطبت الإدارة الأمريكية وطالبتها بسحب سفيرها بسبب تدخلاته في الشأن الليبي، وكان من المفترض على لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان مخاطبة الأمم المتحدة بسبب تدخلات السفير الأمريكي.