لارتكابها جرائم قتل وخطف واغتصاب.. منظمة العفو الدولية تطالب السلطات الليبية بمحاسبة ميليشيا دعم الاستقرار

0
415

طالبت منظمة العفو الدولية، في بيان اليوم الأربعاء، السلطات الليبية بمحاسبة ميليشيا جهاز دعم الاستقرار، التي يقودها عبد الغني الككلي، المعروف بـ “غنيوة”، لارتكابها جرائم ضد المدنيين الليبيين والمهاجرين واللاجئين.

وقالت المنظمة في بيانها، إن ترسُّخ الإفلات من العقاب في ليبيا قد شجَّع ميليشيا جهاز دعم الاستقرار، التي تُموّلها الدولة، على ارتكاب عمليات قتل غير مشروع، واحتجاز الأفراد تعسفيًا، واعتراض طرق المهاجرين واللاجئين واحتجازهم تعسفيًا بعد ذلك، وممارسة التعذيب وفرض العمل القسري وغير ذلك من الانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان وجرائم مشمولة في القانون الدولي.

وأشارت المنظمة إلى أن عبد الغني الككلي، يتولى قيادة ميليشيا جهاز دعم الاستقرار، التي أُنشِئت بموجب قرار حكومي في يناير 2021، على الرغم من تاريخٍ حافل بجرائم مشمولة في القانون الدولي وغيرها من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان ارتكبتها الميليشيات تحت قيادته، ووُثِّقت على نحو وافٍ.

وقالت نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى منظمة العفو الدولية، ديانا الطحاوي، إنّ “تأكيد شرعية قادة الميليشيات الذي يرتكبون الانتهاكات وتقليدهم مناصب في الدولة من دون طرح أي تساؤلات بشأنهم يمكّنهم من مُواصلة سحقهم لحقوق المزيد من الأفراد، وسط إفلات تامّ من العقاب؛ لذا، لا يفاجئنا تورّط ميليشيا عبد الغني الككلي الجديدة مُجددًا في جرائم شنيعة، سواء كانت بحق المهاجرين واللاجئين أو الليبيين”.

وأضافت الطحاوي، أن “الميليشيات تحت قيادة الككلي قد دأبت على إرهاب الأفراد في حي أبوسليم بطرابلس لأكثر من عقد، بممارسة الإخفاء القسري والتعذيب وتنفيذ عمليات القتل غير المشروع وغيرها من الجرائم المشمولة في القانون الدولي. ولذلك، يجب إجراء التحقيقات بشأنه، ومقاضاته في إطار محاكمة عادلة، إذا توفرت أدلة كافية مقبولة”.

وذكرت منظمة العفو الدولية أنها راسلت السلطات الليبية بشأن البلاغات التي تلقتها ضد عبد الغني الككلي ونائبه السابق لطفي الحراري في 19 أبريل 2022، مُطالبة السلطات بإقالتهما من منصبَيْهما حيث يمكنهما ارتكاب انتهاكات أخرى، أو التدخُل في التحقيقات، أو يتمتّعان بحصانة إلى حين انتهاء التحقيقات. ولم تتلقَ المنظمة أي رد من السلطات حتى لحظة نشر هذا البيان.

ولفتت إلى أن وفد من منظمة العفو الدولية أجرى زيارة إلى ليبيا في فبراير 2022 وتحدث إلى تسعة أشخاص أفادوا بتعرُّضهم لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان على أيدي عناصر ميليشيا جهاز دعم الاستقرار، وكذلك ثمانية من أفراد أسرهم وثلاثة نشطاء.

وقالت إن ممثلو وزارة الداخلية في طرابلس أكدوا لمنظمة العفو الدولية أن أفراد جهاز دعم الاستقرار يعترضون سبيل اللاجئين والمهاجرين في عرض البحر ويقتادونهم إلى مراكز احتجاز تحت سيطرة الجهاز.

وقال الممثلون إن عمليات جهاز دعم الاستقرار لا تخضع لإشراف الوزارة، إذ أنه يتبع إداريًا لرئيس الحكومة، لا لوزير الداخلية. وحينما سُئِلوا عن الأساس القانوني الذي استند إليه الجهاز للانخراط في عمليات اعتراض سبيل الأفراد، نفى ممثلو وزارة الداخلية علمهم بالسند القانوني لهذه العمليات.

وذكرت منظمة العفو الدولية في تقريرها أن ثلاثة مهاجرين أخبروها بأنهم كانوا يُحتجَزون مع مئات الأشخاص الآخرين في فبراير 2022 بمركز احتجاز الماية المُكتَظ والذي يفتقر إلى التهوية الكافية ويقع تحت سيطرة جهاز دعم الاستقرار. وحصلوا على كميات قليلة من الطعام والمياه، ما اضطرهم إلى الشرب من مياه المرحاض.

وأفادوا للمنظمة بأنهم رأوا الحُرَّاس يعتدون بصورة منتظمة على المهاجرين واللاجئين المُحتجَزين بالضرب، ويُجبِرونهم على العمل القسري، ويغتصبونهم ويمارسون بحقهم ضروبًا أخرى من العنف الجنسي، بما في ذلك البغاء القسري.

وأشارت المنظمة إلى أن جهاز دعم الاستقرار لا يفصح عن أي معلومات بشأن عدد المُحتجَزين لدى مركز احتجاز الماية، أو يتيح المجال أمام المنظمات المستقلة للوصول إلى المركز.

وذكرت أنه ومنذ سبتمبر 2021 وردتها أنباء حول ارتكاب أعمال عنف، خلال عمليات جهاز دعم الاستقرار لاعتراض اللاجئين والمهاجرين في عرض البحر، أودت بحياة أشخاص؛ فعلى سبيل المثال، وَرَد أنّ أفرادًا من ميليشيا الجهاز كانوا مسؤولين عن قتل رجل وإصابة آخرين، في 18 فبراير 2022، خلال اعتراض قاربٍ يحمل مهاجرين ولاجئين عبر البحر المتوسط.

وقالت ديانا الطحاوي إنّ “ما يتعرَّض له اللاجئون والمهاجرون من احتجاز جماعي تعسفي وتعذيب وعمل قسري واغتصاب وغير ذلك من انتهاكات شنيعة على أيدي أفراد ميليشيا جهاز دعم الاستقرار، يأتي بمثابة تذكير أليم بأنه لا ينبغي إعادة اللاجئين أو المهاجرين الذين يُعتَرضون في عرض البحر إلى ليبيا؛ فينبغي على الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء تعليق أي عمليات مشتركة مع ليبيا بشأن الهجرة ومراقبة الحدود على جناح السرعة. ويجب عليهم العمل على رهن أي تعاون مستقبلي مع ليبيا بإنهاء السلطات الليبية سياسة الاحتجاز التعسفي للمهاجرين واللاجئين، وإجراء تحقيقات فعَّالة بشأن الجرائم المُرتكَبة بحقهم”.

كما ذكرت منظمة العفو الدولية أنها وثقت جرائم اُرتُكِبَت مؤخرًا، من بينها حالات إخفاء قسري وأعمال قتل على أيدي أفراد ميليشيا جهاز دعم الاستقرار تحت قيادة “غنيوة”؛ فعلى سبيل المثال، عُثِر على جثة رجل يبلغ من العمر 34 عامًا، في أغسطس 2021، وظهرت عليها بوضوح علامات تعذيب. وكان اختطفه رجال ينتسبون إلى جهاز دعم الاستقرار قبل ذلك بأيام في طرابلس.

وذكرت أُسَر ثمانية رجال لمنظمة العفو الدولية اختطاف الأمن المركزي بأبوسليم لذويهم واحتجازهم بين عامَيْ 2017 و2022، بينما لا يزال عدم اليقين يحيط بمصير بعضهم حتى اليوم.

واُختُطِف أحد المُحتجَزين في 2017 بحي أبوسليم على أيدي رجال أفاد الشهود بأنهم يعملون لدى الأمن المركزي بالحي. ولجأت أسرته إلى النيابة طلبًا للمساعدة، وقالت الأسرة إن وكيل النيابة اتصل هاتفيًا بلطفي الحراري الذي أكّد احتجازه لدى الأمن، لكن حين قصدت أسرته مركز الاحتجاز، أنكرت عناصر الميليشيا في ستّ مناسبات احتجازه، وأفاد وكيل النيابة بأنه عاجز عن اتخاذ أي إجراء.

وقالت منظمة العفو الدولية، إنه ووفقًا للقانون الجنائي الدولي، يتحمل القادة العسكريون المسؤولية الجنائية الفردية، إذا عَلِموا أو توجَب عليهم العلم بأن تابعيهم يعتزمون ارتكاب أو كانوا يرتكبون جرائم، ولم يتخذوا جميع التدابير اللازمة والمعقولة في نطاق سلطتهم لمنع وقوعها، أو محاسبة الأشخاص المسؤولين في حالة ارتكاب هذه الجرائم بالفعل.

ويكلف جهاز دعم الاستقرار بحماية أمن المباني الحكومية والمسؤولين الحكوميين، والمشاركة في عمليات القتال، واعتقال المُشتبَه في ارتكابهم جرائم تمس الأمن الوطني، والتعاون مع هيئات أمنية أخرى.

وأُنشئِت ميليشيا جهاز دعم الاستقرار رسميًا بموجب قرار حكومي في يناير 2021. وخصصت الموازنة المُقترَحة لحكومة الوحدة الوطنية لعام 2021، 40 مليون دينار ليبي (8.9 مليون دولار أميركي) لجهاز دعم الاستقرار، ويشمل المبلغ 5 ملايين دينار ليبي (1.1 مليون دولار أميركي) لرواتب العاملين بالجهاز، إلى جانب المدفوعات الإضافية الخاصة؛ ففي فبراير 2022، وافق رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد دبيبة، على صرف 132 مليون دينار ليبي (حوالي 28 مليون دولار أميركي) إلى جهاز دعم الاستقرار.

ومنذ تأسيسها، وَسَّعَت ميليشيا الجهاز نطاق نفوذها بوتيرة متسارعة ليمتد خارج طرابلس إلى الزاوية وبلدات في غرب ليبيا.