عقد للنسيان مرت به ليبيا، شهدت خلاله كل أنواع الانتهاكات، سواء من بعض أبنائها المارقين والخونة والمُغرر بهم، أو بالتدخلات الخارجية الطاعمة في ثروات ليبيا وموقعها الاستراتيجي الهام والمطل على البحر المتوسط، مُستغلين في ذلك الطامعين في السلطة.
11 عام مروا على ليبيا، وهي تعاني الأمرين، حاولت فيه الجماعات المتطرفة والإرهابية فرض سيطرتها على البلاد وجعلها مقراً لهم في شمال إفريقيا بعدما فشلت محاولاتهم في مصر وتونس والدول التي شهدت أحداث ما سُمي بـ”الربيع العربي”، فما رأت منه ليبيا سوى خريف قاسٍ وأعقبه شتاء قارس تضرر منه الأخضر واليابس.
كانت ومازالت جماعة الإخوان المسلمين، هي مدخل الخراب إلى ليبيا، فلم تترك فرصة متاحة لأي حلول للأزمة طوال تلك المدة، فلم تكتفي بما أحدثته في البلاد قبل وأثناء أحداث فبراير، فاستمرت إلى الآن في تعطيل خطوات الانطلاق لمرحلة سياسية جديدة بعد سنوات الحرب والدمار التي شهدتها البلاد.
بثت خلال جماعة الإخوان في ليبيا سمومها، وأشعلت الفتنة الخاملة على مدار أشهر قبل اندلاع أحداث 17 فبراير، وبعد أن نجح مخطط الجماعة المُحكم، وخرجت المظاهرات من المدن الليبية ضد حكم العقيد معمر القذافي، انسدت عناصرها ببين المتظاهرين.
وما كان همساً في السابق أصبح صياحاً منذ اليوم الأول من اندلاع الأحداث، فخرج أنصار وأتباع الجماعة من جحورهم التي مكثوا فيها لعشرات السنوات، عملوا في العلن لتنفيذ مخططهم على الوجه الأكمل.
حب السلطة والجاه، أوقع جماعة الإخوان المسلمين في شراك الخيانة، فباعوا وطنهم للغرباء، وفتحوا بوابة ليبيا الغربية أمام الغزاة وغربانهم، ورغم حملهم لشرف الجنسية الليبية التي جاهد من أجلها أجدادهم، إلا أن خيانتهم لطخت جبين هذا الوطن.
دعم أعضاء وأنصار جماعة الإخوان، الضربة الجوية الدولية التي استهدفت ليبيا، أو بالأحرى استهدفت المدنيين والأبرياء في ليبيا، بل وساهموا في التنسيق مع حلف الناتو لاستهداف أماكن ومناطق بعينها، فسقط مئات الضحايا ممن لا علاقة لهم بذلك الصراع الداميز.
بدأ الإسلام السياسي في الانتشار والتوسع في محاولة للاستحواذ على السلطة في البلاد، إلا أن الشعب الذي أثقلته العثرات بخبرات عميقة، كشف ما يرمون إليه، ففقدوا شعبيتهم في الشارع الليبي، فلجأوا إلى استخدام العنف لإرغام كل من يرفضهم ويرفض وجودهم على طاعتهم والانصياع لأوامرهم.
ظهرت العديد من الميليشيات في ليبيا، ممن يحاربون ويقتلون ويسبون باسم الدين، وعلى رأسم ظهرت ميليشيات فجر ليبيا وهي إحدى الحركات المتطرفة المسلحة، التي طغت في ليبيا، وكانت جماعة الإخوان، على علاقة وطيدة معهم، خاصة وأن فجر ليبيا كانت تخدم مصالحهم.
لجوء الإخوان للعنف لم يكن حلهم الأخير لنيل السلطة، بل وجدوا حليف جديد يعلمون طمعه الشديد في ثروات بلادهم، ولكنهم رغبوا في الاتفاق معه، فيعطوا ما يريد، مقابل أن يساعدهم في الحصول على يريديون، فكانت تركيا النموذج المثالي بالنسبة لهم، فرئيسا يسعى لأمجاد الإمبراطورية العثمانية ولديه مطامع توسعية تدفعه لاحتلال ليبيا وتعيين والي ليبي عليها.
أرسلت تركيا آلاف المرتزقة السوريين وبقايا الجماعات المتطرفة في مناطق النزاع بالوطن العربي، مقابل منحهم مبالغ مالية شهرياً، بل ووصل الدعم التركي للإخوان، بتمويل وتسليح ميليشياتهم، ودعم حكومة الوفاق ممثل الإخوان في السلطة
وحتى هذا اليوم، تقف جماعة الإخوان حائلاً أمام أي محاولة من محاولات الإصلاح والمصالحة في البلاد، ولا يعلم أحد أين ومتى سينتهي هذا الصراع في ظل وجود هؤلاء بين ثنايا السلطة في ليبيا.