كخشبة المسرح، تحولت الساحة السياسية الليبية إلى مكان لعروض التمثيل وفنونه المُبهرة، يقف عليها من يمارسون السياسة والطامعين في السلطة، يستعرضون مهارتهم في التشخيص، وأمامهم الجماهير، شعب ليبيا، يرى ثم يَحكم، فبعد 11 عام من الألاعيب أصبح أكثر خبرة، ويمكنه التفريق بين الحقيقي والزائف.
حكومات عدة تعاقبت على حكم ليبيا في العقد الأخير من عمر دولة مَثلت جزءاً أصيلاً من تاريخ كفاح هذا العالم، كان لكل منهم طرقه في كسب تعاطف الجماهير، فاختلفت القصص والمغزى واحد، وتنوعت الحِيل والهدف ثابت، يريدون السلطة لا غير ذلك.
وأمس تداولت وسائل الإعلام خبراً عن محاول فاشلة لاغتيال رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد دبيبة، بعد أن تم تسريبه من بين ثنايا الحكومة نفسها، وما أن خرج الخبر إلى النور، إلا وتداولته كل وسائل الإعلام العربية وبعض الغربية، ولكن هل فعلا تعرض دبيبة لمحاولة اغتيال؟ ومن في غرب ليبيا الآن له مصلحة في ذلك؟
فعلى غِرار رجال المافيا، وكسُنة مُتبعة لحكومة الوفاق، انتهج عبد الحميد دبيبة نفس النهج في الاعتماد على الميليشيات المسلحة في تأمين موكبه في كل حركة يتحركها داخل البلاد، موكب كبير مُدجج بأعتى الأسلحة ويحرسه مئات الأشخاص من المُسلحين غير الشرعيين، ورغم ذلك، خرجت مزاعم الاغتيال إلى الصورة لغرض لا يعلمه سوى دبيبة وبعض رجاله.
ما زاد الأمر ريبة، هو أن الخبر بدأ في الانتشار من خلال القنوات التي يسيطر عليها وزير الدولة للاتصال، داعم الميليشيات، وليد اللافي، وبتنسيق مع جماعة الإخوان في ليبيا، وبعدها وبشكل سريع انتشر النبأ كالنار في الهشيم، في محاولة لتحويل دبيبة إلى بطل قومي يحارب الإرهاب وتطارده قوى خفية مجهولة.
وليد اللافي، رجل العروض المسرحية المشبوهة، خَطط بدقة، مُستغلاً سلاح الإعلام، الذي بات فتاكاً في دولة فككتها الميليشيات وأرهقتها التدخلات الخارجية، في محاولة منه لتجميل صورة دبيبة وكسب أكبر قدر من تعاطف المواطنين حوله، تمهيداً للاستمرار في السلطة، أو على الأقل كسب مؤيدين جُدد في المعترك الانتخابي المُنتظر.
فقبل نهاية العام السابق، وقبل موعد إجراء الانتخابات التي كان من المقرر إجراءها بنهاية شهر ديسمبر الماضي، كان لـ “اللافي” مواقف مُلفقة، حاول من خلالها تجميع أكبر قدر من المؤيدين حول عبد الحميد دبيبة، ولكن الإعلام كشفها بعد فحص وتدقيق، لينقلب السحر على الساحر، ويظهر كذب وإدعاء دبيبة ورجاله.
فكان اللافي يرتب اللقاءات الإنسانية التي أجرها دبيبة في تلك الفترة، كلقاءه بنزلاء دار المسنين، وذوي الاحتياجات الخاصة، وكلقاءه بأحد المواطنين في زيارة من زيارته الميدانية، ويتضح في نهاية الأمر أنه موظف بوزارة الشباب والرياضة واستغل مهارته في التمثيل ليظهر ويطلب من دبيبة عدة مطالب، وعلى الفور يستجيب له رئيس الحكومة.