لعبت الأمم المتحدة الدور الأساسي في تشكيل السلطة التنفيذية الجديدة في ليبيا، واختيار حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة برئاسة عبد الحميد دبيبة.
إلا أن الأمم المتحدة كما كانت الراعي الرئيسي لاتفاقيات الليبيين، كانت أيضاً سبب في عدم التزام عبد الحميد دبيبة، بخارطة الطريق الليبية، ومخالفة تعهداته والترشح في الانتخابات الرئاسية.
فبعد أن شكلت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا ملتقى الحوار الليبي، في أكتوبر 2020، الذي اختار السلطة التنفيذية بعد مشاورات ومداولات في فبراير الماضي، تعهد جميع شاغلي المناصب في السلطة التنفيذية بمن فيهم دبيبة، باحترام خارطة الطريق الليبية وعدم الترشح في انتخابات الرئاسة.
ولكن بعد اختيار السلطة التنفيذية حدثت مخالفات عديدة من عبد الحميد دبيبة، ظلت البعثة الأممية صامتة عنها، لتكون سبباً رئيساً في تماديه بالمخالفات إلى أن وصل به الحال بالتحريض ضد الانتخابات وانتقاد قوانينها بدلاً من مساندتها والعمل على الاستعداد لها.
ففي مارس الماضي كشفت تقرير فريق لجنة خبراء الأمم المتحدة عن تلقي أعضاء ملتقى الحوار الليبي رشاوي تتراوح ما بين 200 إلى 400 ألف دولار للتصويت لصالح عبد الحميد دبيبة بمنصب رئيس الحكومة.
تجاهلت البعثة الأممية تقرير لجنة الخبراء، ولم تحرك ساكناً تجاه عملية الفساد التي طالت ملتقى الحوار، وتحججت بأن فريق لجنة خبراء الأمم المتحدة كيان مستقل ومنفصل تماماً عن بعثة الأمم المتحدة، ويقدم تقاريره إلى لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن.
وبالطبع كان أداء عبد الحميد دبيبة، مشابهاً لعملية اختياره، فلم يعمل على توفير احتياجات المواطنين، أو توحيد المؤسسات الليبية، أو الاستعداد للانتخابات الليبية.
كما لم يستطع دبيبة، اعتماد ميزانية حكومته من البرلمان، وعمل على توريط ليبيا في العديد من الاتفاقيات الدولية تلزمها بدفع المليارات للدول بهدف كسب تأييد سياسي دولي له، ما دفع البرلمان في نهاية المطاف إلى سحب الثقة من حكومته واعتبارها كحكومة تسيير أعمال في سبتمبر الماضي.
وطمعاً في منصب رئيس ليبيا بدأ دبيبة، في مهاجمة الانتخابات المقرر إجراؤها في ديسمبر وقوانينها التي أقرها البرلمان لأنها تمنعه من الترشح.
وتنص المادة 12 من قانون الانتخابات الرئاسية على ضرورة أن يتوقف المترشح عن العمل أو ممارسة مهامه قبل 3 أشهر من إجراء الانتخابات وهو شرط لم يتحقق في عبد الحميد دبيبة.
وعلى الرغم من كل هذه الموانع تقدم دبيبة، بالترشح للرئاسة في الأيام القليلة الماضية، ولم تعترض البعثة الأممية أو تعلق على مخالفته للاتفاق السياسي الليبي.
بل والأدهى من ذلك تقدم رئيس البعثة الأممية في ليبيا، يان كوبيش، باستقالة مفاجئة، في خطوة فسر بعض المراقبون كمؤشر على فشل العملية السياسية في ليبيا واحتمال تأجيل انتخابات ديسمبر.