يعاني المهاجرين واللاجئين في غرب ليبيا من بطش الميليشيات المسلحة وانتشار الفوضى واستغلالهم في اتجار البشر والدفع بهم النزاعات المسلحة، واغتصاب النساء أو إجبارهن على ممارسة الجنس مقابل الخدمات.
وتروي حليمة مختار التي هربت مع مجموعة مهاجرين من مركز احتجاز في العاصمة الليبية طرابلس، والتي أودعت مع آلاف غيرها بعدما ألقي القبض عليهم خلال حملة أمنية نفذتها السلطات الليبية السبت الماضي، عن معاناتها ورغبتها العارمة بالمغادرة إلى غير رجعة.
وتقول طالبة اللجوء السودانية حليمة مختار: “اعتدوا علينا وأذلونا وأصيب الكثير منا”، مضيفة: “نشعر بتعب شديد، وحالياً موجودون في الشارع، حتى مفوضية (اللاجئين التابعة للأمم المتحدة) ترفض فتح الأبواب لنا”.
بدأت حليمة برفقة مئات آخرين اعتصاما أمام مبنى المكتب المحلي للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الذي علق نشاطه مؤقتا هذا الأسبوع بسبب تزايد ضغط المهاجرين عليه.
ينام أمام مبنى المفوضية عشرات المهاجرين واللاجئين بينهم أطفال على الأرض منذ عدة أيام في غياب أي مقومات صحية وخدمية، على أمل أن يتم الاعتناء بهم.
ورفع المعتصمون لافتات كتب عليها شعارات من بينها “نحن المهاجرون بدولة ليبيا نطالب المنظمة والجهات المسؤولة عن اللاجئين بإجلائنا عن هذا البلد لأنه غير آمن”، و”إجلاء فوري، أنا لاجئ، أنا إنسان”.
فر عدد كبير من المهاجرين من النيجر والسودان وإريتريا من بلدانهم التي تشهد نزاعات وفقرا وفسادا لمحاولة عبور البحر المتوسط من ليبيا إلى أوروبا في رحلات محفوفة بالمخاطر على متن قوارب مطاطية ومتداعية.
من فشلوا في المغادرة علقوا في البلد الذي يعيش حالة من الفوضى منذ عام 2011 وتنتقده منظمات إنسانية باستمرار لسوء معاملة المهاجرين واللاجئين.
وشنت السلطات الليبية حملة نهاية الأسبوع الماضي في ضاحية فقيرة في العاصمة طرابلس حيث تقيم غالبية من المهاجرين وطالبي اللجوء، ما أسفر عن مقتل شخص وإصابة 15 على الأقل، وفق الأمم المتحدة.
وبحسب العديد من المنظمات غير الحكومية، تم اعتقال واحتجاز ما يقرب من 5 آلاف مهاجر خلال العملية التي أعلِن رسميا أن هدفها مكافحة تجارة المخدرات.
تقول حليمة “كنا 39 شخصا نعيش في شقة واحدة. أنا وأطفالي الثلاثة الوحيدون الذين تجنبنا التوقيف”.
لكن بعد “الاختباء لثلاثة أيام”، أوقفت برفقة أطفالها وأودعوا مركز “المباني”.
ونجح نحو ألفي مهاجر ولاجئ الجمعة في الهروب من هذا المركز، في حين قُتل ستة آخرون برصاص حراس ليبيين، وفق منظمة الهجرة الدولية التي دانت الظروف “الرهيبة” في المركز المكتظ.
ونفت وزارة الداخلية الليبية السبت أي استعمال للقوة المفرطة إثر فرار مهاجرين، مؤكدة في بيان “الحرص على احترام حقوق الإنسان”.
يقول إسماعيل دراب الذي نجح في الهروب “كان المكان مكتظا إلى درجة لم تسمح لنا بالنوم. لم يكن يوجد مكان للتمدد”.
وأضاف طالب اللجوء الذي دفعه الفقر المدقع للهجرة “نريد فقط مغادرة هذا البلد”.
بدوره، يقول طالب اللجوء وفاغ إدريس (31 عاما) “أطلب الإجلاء من ليبيا لأنها ليست بلدا آمنا”.
وأكد أن السلطات الليبية استهدفت خلال حملة “مكافحة تجارة المخدرات” المهاجرين “بناء على لون بشرتهم. الوضع في طرابلس لا يطاق بالنسبة للسود”.
وتابع الشاب السوداني “نحن معرضون لكل الأخطار. حياتنا مهددة”.
قبل ساعات من الفرار الجماعي الجمعة، جددت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين دعوة السلطات الليبية إلى “السماح باستئناف الرحلات الجوية الإنسانية إلى خارج البلاد، المعلقة منذ عام تقريبا”.
وبدأت عمليات الهجرة نحو أوروبا عبر السواحل الإيطالية التي تبعد نحو 300 كيلومتر، في عهد الرئيس الراحل معمر القذافي الذي قتل عام 2011 في خضم انتفاضة شعبية.
لكنها ازدادت بشكل كبير في العشرية الأخيرة التي سادتها فوضى ازداد في خضمها تهريب وتجارة البشر.