الإخوان المسلمين.. الآكلة يتكالبون على القصعة الليبية

0
300
الإخوان المسلمين في ليبيا
الإخوان المسلمين في ليبيا

على مدار سنوات عكفت جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا على استغلال كل فرصة لنهب جزء الكعكة السياسية، حتى باتت تتحكم في الجزء الأكبر منها، وسيطرت على مفاصل الدولة بحكومة ذات شرعية منقوصة ورئاسة المناصب السيادية.


التحركات الإخوانية بدأت مبكراً قبل سقوط نظام معمر القذافي بالتقرب لنجله سيف الإسلام بمصالحة مجتمعية مزعومة، ودعم مخطط التوريث، لتزداد وتيرة التصعيد الإخواني لإتمام تحالفات مع ميليشيات عسكرية والجماعة الليبية المقاتلة وتأسيس أيضاً لتحقيق مكاسب على الأرض.


ومع مرور العام الأول على أحداث 11 فبراير، وتحديداً في مارس أعلنت جماعة الإخوان المسلمين تأسيس حزب سياسي باسم “العدالة والبناء”، كذراع سياسي، مستفيدة من خبرات التنظيم الدولي للجماعة المدان بالإرهاب في عدد كبير من الدول العربية، والاستشارات الكبيرة التي تلقاها منه ليسيطر على الساحة الخالية.


الحالة السياسية الليبية كانت منفردة في المنطقة، فلم تعرف ليبيا على مدى تاريخها السياسي الأحزاب ولا الحياة السياسية التعددية، بسبب الحظر الحزبي الذي فرضه النظام الملكي بزعامة الملك الراحل إدريس السنوسي (1951-1961)، ونظام معمر القذافي الشمولي (1969-2011).

الإخوان المسلمين والتوغل في ليبيا
كل ذلك جعل من الحالة السياسية في ليبيا، مناخاً رطباً للإخوان في ظل فوضى عارمة بعد سقوط القذافي، وهو ما استغلته الجماعة بامتياز، التي استغلت التجارب الخارجية واستجلبت عناصرها المهاجرة من الدول الراعية للإخوان (قطر وتركيا) وعودتهم لليبيا مجدداً، لركوب الموجة.


بينما يرى مراقبون أن التمهيد لظهور الإخوان كان لنظام القذافي يد فيه، بعد منحه الجماعة عن طريق سيف الإسلام تنازلات ذهبية، لضمان دعمهم في ظل موجة تغيير بدأت مع سقوط نظام صدام حسين في العراق، لتيكون لقمة سائغة للجماعة التي كانت اول من طعن النظام الماضي.


ومن جملة التنازلات كان التمكين في المؤسسات السياسية والاقتصادية، لتكون فرصتها قوية في التغلغل الكامل داخل المؤسسات بعد 2011، ناهيك عن تمكين الجماعة من الخطاب الديني في الشارع الليبي، عبر: علي الصلابي والصادق الغرياني وغيرهم.


وزاد التمكين الإخواني، استغلال أول تجربة انتخابية في ليبيا، حين ضغطت الجماعة لسنّ قوانين انتخابية خطيرة، ظهرت نتائجها في ما بعد، منها أول قانون انتخابي، حين نص على منح 40 % من المقاعد فقط للقوائم (الأحزاب)، في مقابل 60 % للأفراد المستقلين، بما يعني أنه من أصل 200 مقعد في المؤتمر الوطني العام، كان 80 مقعداً فقط مخصصاً للأحزاب، بينما 120 مقعداً حجزت للمستقلين.


ولسهولة الاستغلال الكامل للوضع في ليبيا، كان من الواجب تفتيت الخصوم، لذا خاضت جماعة الإخوان حرباً شرسة ضد تحالف القوى الوطنية، الذي كان يقوده المرحوم محمود جبريل في الانتخابات، بعد نيله 39 مقعداً في البرلمان، في مقابل 17 مقعداً فقط لحزب العدالة والبناء الإخواني، الذي يقوده محمد صوان، لذا أبرمت تحالفات مع تيار الإسلام السياسي من المستقلين، مما دفعه إلى تجميد نشاطه في البرلمان والحكومة في 2013 “.


ومع خروج جبريل من المشهد، كانت الفرصة للإخوان سانحة، لعدم وجود أحزاب ليبية مؤثرة أخرى قادرة على الثبات في المواجهة أمام خبراتهم ودعمهم الخارجي الكبير، وكسبهم لولاء أمراء الحرب البارزين، خصوصاً غرب ليبيا.

الإخوان المسلمين يخشون الجيش الليبي
واستمر الحال هكذا لسنوات، فبعدما كان الإخوان قريبين من مغادرة المشهد السياسي بقوة السلاح، في المعركة مع الجيش الوطني في العاصمة طرابلس، بعد انقلابهم على نتائج الانتخابات البرلمانية الثانية، التي خسروها خسارة فادحة عام 2014.

واستغلوا مرة أخرى القدرات التي يملكها التنظيم الدولي الذي يتبعونه، بتدخل تركيا في اللحظات الأخيرة، وإنقاذهم وفرض استمرارهم في المشهد، على رغم الرفض الشعبي لهم، والذي عبرت عنه نتائج الانتخابات المشار إليها.