10 سنوات على “17 فبراير”.. الأتراك دخلوا ليبيا فأفسدوها

0
202
رجب أردوغان - التدخل التركي في ليبيا
رجب أردوغان - التدخل التركي في ليبيا

“الوجود العسكري التركي في ليبيا سيظل قائماً طالما استمرت مذكرة التفاهم الموقعة مع حكومة السراج”.. كثيراً ما تتردد تلك العبارة على لسان المسؤولين الأتراك، طالما شعروا بوجود أي تحرك دولي من شأنه خروج أنقرة عن المشهد في ليبيا.

والمؤكد أن تركيا التي وجدت في حلفاءها بليبيا ضالتها، حين شرعنوا لها احتلالها باتفاقية تم توقيعها في نوفمبر من العام الماضي 2019، لن تقبل بنقض تلك الاتفاقية، فعبر سنوات 10 حاولت بكافة الطرق وضع قدم لها في ليبيا، التي أنهكها الصراع منذ 17 فبراير 2011.

اقرأ أيضاً.. 10 سنوات على أحداث 17 فبراير: سوداء تلك الليالي التي طالت علينا

وتسعى تركيا من وراء تواجدها إلى السيطرة على ملف إعادة الإعمار ونهب الثروات، وهو ما صرح به قالين، قال: “ليبيا بلد غني بثرواته النفطية وما يملكه من سواحل شاسعة على المتوسط، إلا أن الشعب لا يستفيد من هذه الثروات، وفي حال قامت تركيا بإدارة لتلك المصادر فستتحقق الرفاهية للشعب الليبي خلال فترة قصيرة”.

وفي ظل الفوضى التي عاشتها ليبيا، وخاصة في السنوات الأولى من رحيل القذافي، وجدت تركيا موضع قدم مستغلة علاقاتها القوية بالتنظيمات المسلحة والميليشيات ذات الأيدلوجية الدينية، المدعومة من صديقتها قطر، وجماعة الإخوان المسلمين.

وفتحت تركيا خطوط دعم مباشرة مع رجال جماعة الإخوان، وقادة الجماعة الليبية المقاتلة، فآوت أمراء الحرب وعالجتهم في مستشفياتها، بل جعلت من أراضيها منبراً لقنوات الإخوان وكل ما من شأنه زعزعة الاستقرار الليبي.

رجب أردوغان وفايز السراج
رجب أردوغان وفايز السراج

كذلك جعلت من موانئها نقطة انطلاق للمقاتلين وقادة تنظيم القاعدة، وسفن السلاح، رغم الحظر الأممي، الذي أقره مجلس الأمن الدولي بقراره رقم 1970، في مارس 2011، بحظر بيع أو توريد الأسلحة إلى ليبيا، إلا أن تدفق الأسلحة بات مستمراً، كل ذلك ليعطيها الفرصة لخلق حالة من الفراغ الأمني والمؤسسي يتيح لها نهب الثروات الليبية وتعويض خسائر شركاتها في عهد القذافي.

وكثيراً رصدت تقارير دولية، ضبط سفن محملة بالأسلحة قادمة من تركيا في طريقها إلى ليبيا، في ديسمبر 2014، اعترضت السلطات الليبية باخرةً كورية كانت في طريقها إلى مدينة مصراتة الساحلية، منطلقةً من تركيا.

اقرأ أيضاً.. كيف استغلت جماعة الإخوان “فبراير” لسرقة السلطة في ليبيا؟

وكانت السفينة محملةً بحاويات الأسلحة والذخائر في طريقها للميليشيات المسلحة، ناهيك عن فتح مستشفياتها من جهة أخرى لقادة تلك الميليشيات، وهو ما تأكد في يناير 2015 ، حين أكّدت أنصار الشريعة، التابعة لتنظيم “القاعدة”، مصرع قائدها، محمد الزهاوي، بمستشفى تركية، بعد إصابته في معارك ضد الجيش الليبي في بنغازي، وأرسلت تركيا جسده بطائرة عسكرية ليدفن في مصراته.

وفي فبراير 2015، اتهم رئيس الحكومة الليبية عبد الله الثني، تركيا، رسمياً بإرسال أسلحة للميليشيات وعناصرها الذين استولوا على العاصمة الليبية، طرابلس، بعد عملية فجر ليبيا في 2014.

مدرعات تركية في ليبيا
مدرعات تركية في ليبيا

 

وقتها قال الثني، إن تركيا بلدٌ لا يتعامل بصدقٍ معنا، إنها تصدر أسلحة لنا يقتل بها الليبيون بعضهم البعض، وهي لم تحاول إخفاء دعمها لإسلاميي البلاد بعد سقوط القذافي في 2011، وتتواصل علنًا مع حكومة فجر ليبيا، التي أعلنت عن نفسها في طرابلس.

وفي مارس 2017، قال أحمد المسماري، الناطق باسم الجيش الوطني الليبي، إن قوات الجيش وجدت عملات تركية بكميات كبيرة لدى العناصر الإرهابية بعد القضاء عليهم بحي العمارات الـ12، بما يؤكد أن تركيا الراعي الرسمي للإرهاب في ليبيا.

وزاد الدعم التركي للميليشيات المتطرفة في ليبيا، مع تزايد انتصارات الجيش الوطني الليبي، وتحركاته بقيادة المشير خليفة حفتر لإنهاء حالة عدم الاستقرار منذ العام 2014، بعملية الكرامة، خاصة مع سقوط ظهيرها القوي في شرق ليبيا مجلسي شورى بنغازي ودرنة وأنصار الشريعة الإخواني.

اقرأ أيضاً.. عبدالحميد دبيبة حليف تركيا الجديد في ليبيا: ضمانة بقاء الإخوان

ومع تزايد انتصارات الجيش الوطني، وانطلاق عملية تحرير العاصمة الليبية طرابلس، تحركت تركيا لمنع سقوط الميليشيات، وأمام الضربات المتتالية دفعت تركيا بشحنات أسلحة إلى ميليشيات الوفاق.

وفي 18 مايو 2019، اعترفت ما تسمى “غرفة بركان الغضب” التابعة لقوات الوفاق، وصول إمدادات جديدة لقواتها متمثلة في مدرعات وذخائر وأسلحة نوعية- تبين لا حقاً أنها تركية الصنع- دون أن تلتفت إلى ما يمثله وصول هذه الأسلحة من خرق للحظر الدولي على توريد السلاح إلى ليبيا الذي يفرضه مجلس الأمن.

تركيا أيضاَ حولت الأراضي الليبية ميداناً لتجربة أسلحتها، ففي ظل الدعم المتواصل، دفعت بطائرات بدون طيار “بيرقدار تي بي 2″، درجة تفاخر بها عملائها، وعلى رأسهم رئيس المجلس الاستشاري خالد المشري.

ولم يقتصر الأمر على الإمداد بالسلاح، بل دفعت أنقرة بمقاتلين ومستشارين عسكريين إلى ليبيا، قبل توقيع اتفاقيتها “الباطلة” في نوفمبر 2019، وهو ما تأكد في عمليات الجيش في طرابلس، حين ألقى القبض على مقاتلين تركيَين اثنين في أبريل 2019.

ومطلع يونيو 2019، نشرت “شعبة الإعلام الحربي” التابعة للجيش الوطني الليبي، شريطًا مصورًا يظهر ضابطًا تركيًّا يدرب المسلحين على قيادة مدرعات تركية مشيرة إلى أنّ الفيديو عثر عليه في هاتف أحد المقبوض عليهم.

ومع تزايد انتصارات الجيش الليبي، دفعت تركيا بتعزيزات كبيرة، لذا لجأت لشرعنة احتلالها إلى ليبيا، فجلبت فايز السراج إلى أنقرة ووقعا اتفاقية ترسيم الحدود البحرية واتفاقية أخرى بالتنسيق الأمني.

اقرأ أيضاً.. هكذا فَتحت “فبراير” أبواب ليبيا للإرهاب والإرهابيين

وتصاعدت وتيرة التهديدات من المسؤولين الأتراك خاصة بعد طلب حكومة الوفاق التدخل التركي أمام عجزها ميدانيا أمام تقدم الجيش الليبي، وبالفعل دفعت بالآلاف من المرتزقة على مدار 2020، وحتى 2021، استجلبتهم من سوريا، وتدفع حكومة الوفاق رواتبهم من ميزانية الدولة.

وعلى مدار أشهر نفذت المدرعات التركية “لميس” وطائرات بيرقيدار مذابح في حق الليبيين، كذلك المرتزقة، الذين نفذوا إعدامات ميدانية بحق الأسرى الذين وقعوا في قبضتهم خلال تلك المعارك، وانتهاكات أخرى بحق المدنيين الليبيين.

المرتزقة السوريون في ليبيا
المرتزقة السوريون في ليبيا

ورويداً ظهرت الأطماع التركية في الأراضي الليبية، حين سيطرت في مايو الماضي على قاعدة الوطية التي حولتها لقاعدة تركية عسكرية، وكذلك مدن الغرب الليبي التي تحولت لنزهة ترعى فيها ماشية أردوغان بترحيب إخواني ودعم العملاء.