تاريخ الليبيون في خطر.. ما الذي يحدث لمركز جهاد الليبيين؟

0
511

بعثت الهيئة العامة للأوقاف، التابعة لحكومة الوفاق، المركز الليبي للمحفوظات والدراسات التاريخية، وما كان يطلق عليه السابق “مركز جهاد الليبيين”، أمهلت مسؤوليه ثلاثة أيام فقط، لإخلاء مقره وتسليمه لها، وهو المقر الذي كانت قد صنفته منظمة اليونيسكو ضمن مؤسسات التراث الانساني في ليبيا.

وقالت الهيئة في خطابها، الموجه للمركز، إنه يجب عليه الخضوع لحكم صادر عن محكمة الاستئناف بطرابلس، بشأن تبعية الأرض المقام عليها مقر المركز للاوقاف.

الخطير في الأمر، أن مركز جهاد اللليبيين، الذي تأسس في عام 1977، يحتوي على أكثر من 27 مليون وثيقة ليبية تاريخية ، وذلك وفقا لإحصاء المركز نهاية العام المنصرم، وطوال 44 سنة من عمره، طبع مئات الكتب في مجال الدراسات التاريخية والاجتماعية والتوثيقية، وأصدر قرابة الخمسة دورات ومجلات بحثية،

كما أقام مئات الندوات والمؤتمرات الدولية التي شاركت فيها عديد الدول، ومثّل ليبيا في أكثر من بلد.

ووفقا لتقرير نشرته صحيفة المرصد الليبية، فإن مصادر محلية ومخابراتية ليبية متابعة للقضية في طرابلس، كشفت عن وقوف ظل تركي أمام تحريك الدعوى مجددا في العام 2012، ومتابعتها عبر شخصيات من التيار الإسلامي الموالي لأنقره، ومنه شخصيات في هيئة الاوقاف ومكاتبها التي يتزعمها محمد العباني، خصوصا مكتب حي بالخير.

والعباني شخصية مقربة من الإسلام السياسي بثوب “سلفي” كما يعرف نفسه، وقد شُنت عليه حملة خلال الفترات الماضية من قبل إسلاميين آخرين لإثبات ولائه لتركيا والوفاق.

ووفقا للتقرير، فإن وكالة “تيكا” التركية، التي يتواجد لها فرع في طرابلس، تمارس ضغوطا على المركز من أجل تكليف إدارة جديدة له تمكن “تيكا” من الاستيلاء على أرشيف دار المحفوظات التاريخية الليبي، الذي يعد أقدم أرشيف تاريخي لليبيا، كان تابعا لمصلحة الاثار قبل ان يتمكن المركز من نقله الى مقره الحالي.

وخلال السنوات الماضية اعتقلت مجموعة مسلحة تابعة للواء النواصي بطرابلس، رئيس المركز الدكتور محمد الطاهر الجراري، أكثر من مرتين، بالإضافة إلى عشرات الاستدعاءات للتحقيق معه بهدف التضييق وابتزازه.

وعادت الهيئة لتحريك القضية مجددا، لكسر إصرار إدارة مركز جهاد الليبيين واستمرارهم في البقاء ومقاومة الضغوط ومحاولات الابتزاز، استنادا لحكم قضائي صادر عام 2010 طعن فيه المركز أمام محكمة الاستئناف باثبات أن الارض التي اقيم عليها  تعرف بــ”مقبرة العرضاوي” بشهادة أهل المنطقة ومثقفي وأعيان طرابلس، وليست جزءا من مقبرة منيذر التابعة للأوقاف.

وفي عام 2017، داهمت قوة تتبع النواصي المركز، لإجبار إدارته على تسليم المقر أو تغيير إدارته، وبعد أن تم تداول الأمر إعلاميا وشعبيا، طالب هيئة الأوقاف بعدم تهويل الأمر.

وبعد أن هدأت الأمور، جددت هيئة الأوقاف القضية، استنادا على الحكم المطعون فيه، وبعد تدخلات من أعيان طرابلس ومثقفيها تم الاتفاق على أن يدفع المركز ايجارا للهيئة بواقع 2000 دينار، لكن الهيئة طلبت 100 الف دينار، وتم الاحتكام للرأي الأهلي الذي حدد المبلغ بــ 40 ألف دينار بموافقة المجلس الرئاسي الذي خاطب وزارة المالية بضرورة دفع المبلغ المقرر وفق اتفاق مبرم بين الأوقاف ووزارة المالية.

ويرجع السبب وراء وقوف “تيكا” وراء الضغوط التي تمارسها شخصيات مقربة منها في هيئة الأوقاف هو الاستيلاء على الأرشيف الوطني الليبي، الذي يحوي ملايين الوثائق الخاصة بليبيا، منذ العهد القرمانلي، ويعتبر أقدم مؤسسة ليبية إذ يبلغ عمره قرابة 300 سنة.

ويعتبر دار المحفوظات التاريخية، من ضمانات الأمن القومي الليبي، لاحتواءها على مستندات قانونية ووثائق تتعلق بحقوق الدولة الليبية، وكانت وثائقها مهمة في قضية “الجرف القاري” المتنازع عليه في البحر المتوسط ومستندا هاما لحكم محكمة العدل الدولية عام 1981م بأحقية ليبيا في ملكية ذلك الجرف.

وتسعى تركيا إلى السيطرة على الأرشيف، بهدف النيل من وثائق قانونية مهمة تنسف طموح العثمانية الجديدة، ومنها قضية الجرف القاري، التي تعتبر لها علاقة مباشرة بالاتفاق البحري الذي وقعته أنقرة مع السراج في نوفمبر 2019، والذي يحدد حدود ليبيا المائية، وسعت تركيا مؤخرا لعمل اتصالات مع مالطا في هذا الشأن، وحصلت على وعود من جانب حكومة الوفاق للاستفادة من جزء من الجرف القاري.

وقضية الجرف القاري، ليست هي القضية الوحيدة، التي تتوفر لها مستندات بدار المحفوظات بل أكثر منها مساعي متصلة بشخصيات ليبية من أصول تركية أعلنت عام 2012 عن انشاء ما يعرف بــ “جمعية الصداقة الليبية التركية”، والتي نادت بضرورة أحقية شرائح ليبية من أصول تركية في تمثيل سياسي كغيرها من الأقليات الثقافية، وهي دعوة كررتها “مجلة أفكار” والتي أشارت إلى توفر الأرشيف الليبي إلى وثائق تثبت أولوية أسر من أصول تركية في المشاركة السياسية وتولي وظائف بارزة في الدولة.