في وقت تتسارع فيه التطورات السياسية على الساحة الليبية، يسابق وزير داخلية الوفاق فتحي باشاغا الزمن، لتقديم نفسه رئيساً للحكومة الانتقالية في الفترة المقبلة، ولو استلزم ذلك تقديم تنازلات عدة داخلية وخارجية للبقاء على رأس المرشحين.
وبدأ باشاغا في سلسلة جولات مكوكية لدول مختلفة منذ العام الماضي، لتقديم نفسه بديلاً لفايز السراج، فبعد أن أجرى زيارات عدة إلى لقطر وتركيا وتونس، خاض زيارتين على التوالي لمصر وفرنسا، في خطوة اعتبرها مراقبون ترويج لنفسه رئيساً للحكومة الانتقالية المقبلة، على خلفية محاولته الحصول على دعم الدولتين للصعود إلى هرم السلطة بطرابلس.
وكشفت تحركات باشاغا الداخلية الأخيرة رغبته في تقديم تنازلات من أجل تحسين صورته فقط، في وقت يدرك الليبيون أنه السبب الرئيسي في انتشار الفوضى والسلاح والفساد في ليبيا، بعدم التزامه كوزير للداخلية بتنفيذ القانون.
وتشهد العاصمة الليبية طرابلس والمدن المحيطة بها في الغرب الليبي فوضى أمنية إذ تسيطر الميليشيات والمرتزقة السوريين الموالين لتركيا على الوضع أمنيا، فضلا عن انتشار عصابات التهريب والاتجار بالبشر، وسط تجاهل من جانب وزارة داخلية الوفاق المسؤول عنها باشاغا في تطبيق الأمن وفرض الاستقرار مستمراً في التغاضي عن انتهاكات قادة الميليشيات بسبب علاقاته شديدة الترابط معهم.
ويربط باشاغا علاقات وطيدة بقادة الميليشيات خاصة المتواجدة في مدينة مصراته، حيث تورط باشاغا في الدفع بهم لجبهات القتال، بالتزامن مع استجداء التدخل التركي إلى ليبيا، وضرورة الدفع بقوات لصد ضربات الجيش الليبي ضد الميليشيات المتطرفة، التي زادت من الأوضاع الأمنية سوءاً في العاصمة.
ووقف فتحي باشاغا وما يعرف برجل الميليشيات الأول في الغرب الليبي لسنوات عديدة ماضية، نداً لرئيس حكومته فايز السراج، بسبب ارتباطه الوثيق بميليشيات مصراته مستنداً على الأتراك الداعمين له طوال تلك المدة، فكان يتخذ القرارات دون الرجوع للسراج أو لأي شخص غيره من حكومة الوفاق.
وظهرت قوة باشاغا خلال شهر سبتمبر الماضي، عندما عاد إلى عمله كوزير لداخلية الوفاق، بعد أيام قليله من توقيفه على خلفية دوره في قمع المظاهرات الشعبية التي شهدتها العاصمة الليبية طرابلس، إلا أن زيارته لفرنسا في محاولة منه للحصول على دعم باريس؛ لكي يتولى منصب رئيس الوزراء أشعلت الخلاف مع تركيا التي عبرت في الغرف المغلقة عن تحفظها الشديد لهذه التحركات، بسبب خلافها الشديد مع فرنسا في عدة ملفات على رأسها الملف الليبي.
ولكن باشاغا عاد للواجهة مرة أخرى مؤخراً، مع الحديث عن دعم داخلية حكومة الوفاق وبعض المسؤولين في المجلس الرئاسي للميليشيات والمرتزقة المدعومين من تركيا لبث الفوضى في جنوب ليبيا، حيث تشير التقارير أن هناك دعم عسكري قد يقدمه فتحي باشاغا للمسلحين المتطرفين في جنوب البلاد إذا تطلب الأمر ذلك.
وكان مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الوطني الليبي خالد المحجوب أن هناك محاولات لتحريك مرتزقة في جنوب ليبيا، وأوضح أن القوات وجهت ضربات قوية للمنظمات الإرهابية في مدينة سبها، مؤكدا أن تركيا صاحبة المصلحة في استمرار حالة عدم الاستقرار في ليبيا.
وقبل أيام أوضح المتحدث الرسمي باسم الجيش الوطني الليبي اللواء أحمد المسماري أن وحدات من منطقة سبها العسكرية تصدت لعناصر تخريبية، وتمكنت من السيطرة على مقرها في المدينة، مؤكدا أن تلك المجموعات تتلقى أوامرها مباشرةً من المخابرات التركية التي تقود عمليات دعم تنظيم الإخوان والمجموعات المتطرفة في ليبيا.