أيقظ الصراع المستمر على السلطة في العاصمة الليبية طرابلس، خلافاً حاداً في الفترة الأخيرة بين رئيس حكومة الوفاق فايز السراج ووزير داخليته المفوض فتحي باشاغا، ما أدى إلى تصاعد التنافس بين التيارات المسلحة في الغرب الليبي.
ولا يمكن تجاهل أن تركيا تعد أحد الأسباب الرئيسية في اختلاق الخلاف القائم بين السراج وباشاغا وتداعياته، على خلفية رفضها لزيارة باشاغا إلى باريس منتصف الشهر الماضي والتي استمرت 3 أيام، استقبل خلالها المسؤولين الفرنسيين.
واستغل رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج هذا الامتعاض التركي من تحركات باشاغا، لتجديد ولاءه للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عبر إصدار قرار جديد بنقل “قوة الردع” لتبعيته المباشرة بدلا من “باشاغا”، ما يعكس الرغبة في تقليص صلاحيات وزير الداخلية المفوض.
ووفقا لقرار السراج الذي يكشف تصاعد الصراع على السلطة في طرابلس، فإنه سيعيد تنظيم جهاز قوة الردع الخاصة، بقيادة عبدالرؤوف كاره، ليصبح تابعاً له بشكل مباشر، على أن تكون له ذمة مالية مستقلة، بعيدا عن وزارة الداخلية التي يترأسها فتحي باشاغا.
ويعاد تنظيم جهاز الردع لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب بحيث يسمى “جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة”، على أن تكون له الشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة؛ ويتبع المجلس الرئاسي، ويكون المقر الرئيسي للجهاز بمدينة طرابلس ويجوز إنشاء فروع له بقرار ويصدر من رئيس المجلس الرئاسي.
ووقف فتحي باشاغا وما يعرف برجل الميليشيات الأول في الغرب الليبي لأشهر عديدة ماضية، نداً لرئيس حكومته فايز السراج، بسبب ارتباطه الوثيق بميليشيات مصراته مستنداً على الأتراك الداعمين له طوال تلك المدة، فكان يتخذ القرارات دون الرجوع للسراج أو لأي شخص غيره من حكومة الوفاق.
وظهرت قوة باشاغا خلال شهر سبتمبر الماضي، عندما عاد إلى عمله كوزير لداخلية الوفاق، بعد أيام قليله من توقيفه على خلفية دوره في قمع المظاهرات الشعبية التي شهدتها العاصمة الليبية طرابلس.
إلا أن زيارة باشاغا لفرنسا في محاولة منه للحصول على دعم باريس؛ لكي يتولى منصب رئيس الوزراء للمرحلة الانتقالية، أشعلت الخلاف مع تركيا التي عبرت في الغرف المغلقة عن تحفظها الشديد لهذه التحركات، بسبب خلافها الشديد مع فرنسا في عدة ملفات على رأسها الملف الليبي.
ويرى مراقبون أن رغبة باشاغا التوجه إلى فرنسا كان للحصول على دعمها للصعود إلى هرم السلطة بطرابلس، وجاءت بعد الاستغناء عن الدعم التركي بسبب فشله في الترويج لوزير داخلية الوفاق كرئيس وزراء مقبل، فضلا عن رغبه فرنسا في إثبات وجودها استراتيجيا على الساحة الليبية.