في وقت تعيش في مدن الغرب الليبي حالة من الهدوء الحذر، بالتزامن مع تفاهمات سياسية واسعة لرأب الصدع بين المؤسسات الليبية، وتأكيد وقف إطلاق النار، تزايدت تخوفات من فشل كافة تلك التحركات، وعودة الصراع المسلح مجدداً.
والاثنين، اقتحمت عناصر إحدى الميليشيات المتطرفة في طرابلس، مقر المؤسسة الوطنية للنفط في العاصمة، وطوقت المكان بآلياتها الثقيلة، بالتزامن مع اقتحام مكتب البريد المركزي في منطقة شارع الزاوية.
تلك التحركات العسكرية، خلقت حالة من الذعر والقلق من فشل وقف إطلاق النار الدائم، خاصة لدى الأطراف الإقليمية الفاعلة، حيث عبرت واشنطن عن غضبها من الهجوم
على مقر المؤسسة الوطنية للنفط في العاصمة الليبية طرابلس.
وقالت السفارة الأمريكية في ليبيا، في بيان لها، إن محاولات المليشيات المسلحة أو الفصائل السياسية أو غيرها من المؤسسات الضغط على موظفي المؤسسة الوطنية للنفط أو إعاقة إدارة قطاع الطاقة في البلاد يتناقض تماما مع تطلعات الليبيين إلى مستقبل أكثر إشراقاً وازدهاراً.
وجددت السفارة الأمريكية دعم الولايات المتحدة للمؤسسة الوطنية للنفط لاستمرار عملها ولضمان إنتاج النفط في البلاد بدون عائق.
ووقعت محاولات اقتحام المؤسسة النفطية، في وقت تصاعد فيه الخلاف بين محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير ورئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله، بما يوحي وقوف الأول والمدعوم من تركيا بشكل واضح، وراء تلك المحاولة.
ووصلت تلك الخلافات ذروتها بعد إعلان المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، الأحد الماضي، تعليق توريد إيرادات النفط إلى المصرف المركزي بطرابلس، مطالبة بكشف مصير وآلية صرف 186 مليار دولار، حصيلة تفاصيل الإيرادات النفطية خلال السنوات التسع السابقة وعن الجهات التي استفادت منها.
في الوقت ذاته، تتزايد المحاولات التركية لتأليب الأوضاع في ليبيا، خاصة مع عزم الأطراف في الداخل والدول الفاعلة في الخارج على حل الأزمة، والتهديد بفرض عقوبات على معرقلي حل الأزمة.
وتواصل تركيا الدفع بمعدات عسكرية وأسلحة إلى الميليشيات المتطرفة والمرتزقة السوريين في غرب ليبيا، حتى بعد إتمام اتفاق جنيف وجهود اللجنة العسكرية الليبية المشتركة وهو ما تأكد مؤخرا، بإرسال سفينة تركية، اشتبهت فيها قوات ألمانية بحملها للأسلحة، واعترضت أنقرة.
ودفعت التحركات والاستفزازات التركية، بدول أوربية “فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وألمانيا” للتهديد بفرض عقوبات على الجهات التي تعرقل المفاوضات بين الفرقاء الليبيين، التي تهدف إلى إنشاء مؤسسات انتقالية إلى حين إجراء انتخابات، في ديسمبر 2021.
وتستمر ميليشيات حكومة الوفاق الليبية المدعومة من تركيا، في خرق اتفاق جنيف حول ليبيا، الموقع بين أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة المسماة بـ “10” في أكتوبر الماضي.
وكشفت تقارير وجود تحركات لميليشيا “قوة حماية الجنوب”، بقيادة علي كنة، التابعة لحكومة الوفاق، في مناطق مرزق وأم الأرانب في أقصى الجنوب الغربي من البلاد.
كما تواصل الميليشيات تلقي تدريبات عسكرية تركية على الأراضي الليبية بموجب اتفاق أمني وقعته الوفاق مع تركيا في نوفمبر من العام الماضي، تباهت وزارة دفاع الوفاق قبل أيام بتخريج أولى الدفعات.