الجمعة، 22 أكتوبر، أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، عن توقيع وقف إطلاق النار الدائم بين طرفا النزاع الليبي، واللذان انخرطا في اجتماعات الجولة الخامسة للجنة العسكرية (5+5)، بعد محادثات استمرت لـ 5 أيام في مقر الأمم المتحدة بجنيف.
لم تنتظر تركيا كثيراً للإعلان عن رفضها للاتفاق وقف إطلاق النار الدائم، ليخرج الرئيس التركي رجب أردوغان، معلناً عن تشاؤمه إزاء الاتفاق، واصفاً إياه بـ “ضعيف المصداقية”.
وهزى أردوغان قائلاً: “اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا ليس اتفاقا على أعلى مستوى والأيام ستظهر مدى صموده”، مستطرداً: “الجانب التركي لا يعلم مدى صحة التوافق بين طرفي النزاع على انسحاب كافة المرتزقة والقوات الأجنبية من البلاد في غضون 3 أشهر”.
بعد ساعات من توقيع الاتفاق ومع تزايد الترحيب الدولي، نشرت تركيا تدريبات عسكرية لميليشيات حكومة الوفاق في معسكراتها، في إشارة إلى استمرار انتهاكاتها لخرق الاتفاق الدولي الجديد، ومخرجات مؤتمر برلين –انعقد في يناير الماضي- الذي يقضي بوقف التدخل الأجنبي في ليبيا ومنع تصدير السلاح إلى البلاد.
وجاء التحرك التركي نكاية في تم الاتفاق عليه في جنيف بين الليبيين، حيث نص الاتفاق على تجميد العمل بالاتفاقيات العسكرية الخاصة بالتدريب في الداخل الليبي وإخراج أطقم التدريب الأجنبية إلى حين استلام الحكومة الجديدة الموحدة لأعمالها.
كما نص الاتفاق أيضاً على إخلاء كافة خطوط التماس من الوحدات العسكرية والمجموعات المسلحة بإعادتها إلى معسكراتها بالتزامن مع خروج جميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب من الأراضي الليبية براً وبحراً وجواً في مدة أقصاها 3 أشهر من تاريخ التوقيع على وقف إطلاق النار، وتكليف الغرفة الأمنية المشكلة بموجب هذا الاتفاق باقتراح وتنفيذ ترتيبات أمنية خاصة تكفل تأمين المناطق التي تم إخلاؤها من الوحدات العسكرية والتشكيلات المسلحة.
واعتبر المجتمع الدولي الاتفاق حاسم في تاريخ الأزمة الليبية، حيث تبدأ على الفور عملية حصر وتصنيف المجموعات والكيانات المسلحة بجميع مسمياتها على كامل التراب الليبي سواء التي تم ضمها للدولة أو التي لم يتم ضمها، ومن ثم إعداد موقف عنها من حي (قادتها، عدد أفرادها، تسليحها، أماكن تواجدها) وتفكيكها ووضع آلية وشروط إعادة دمج أفرادها وبشكل فردي إلى مؤسسات الدولة ممن تنطبق عليه الشروط والمواصفات المطلوبة لكل مؤسسة وبحسب الحاجة الفعلية لتلك المؤسسات أو إيجاد فرص وحلول لمن لا تنطبق عليه الشروط أو لمن لا يرغب بهذا الدمج، من خلال لجنة فرعية مشتركة بدعم ومشاركة البعثة.
وتعني تلك البنود إخراج تركيا خارج اللعبة السياسية تماماً، وتحجيم التدخلات الخارجية، بالإضافة إلى كون الاتفاق ضربة قوية للمساعي التركية لاحتلال ليبيا وسرقة ثرواتها.
وهناك بند أخر في الاتفاق، يعني أنه في حال رفض تركيا سحب مرتزقتها من ليبيا، فإنها باتت تحت مرمى نيران القوات المسلحة، حيث لا يسري وقف إطلاق النار على المجموعات الإرهابية المصنفة من قبل الأمم المتحدة على كافة الأراضي الليبية، وفق المادة رقم (11) من الاتفاق.
وأكد الاتحاد الأوروبي أن اتفاق وقف إطلاق النار بليبيا الموقع في جنيف يعد خطوة حاسمة جاءت نتيجة أشهر من الجهود الإقليمية والدولية، موضحاً أن الاتفاقية تتضمن أيضاً تدابير مهمة أخرى، لا سيما استئناف اتصالات النقل بين مختلف مناطق ليبيا وتدابير بناء الثقة الأخرى، مثل عملية شاملة لنزع السلاح والتسريح والتي تعتبر ضرورية لعودة الأمن والاستقرار في ليبيا، لا سيما انسحاب جميع المقاتلين والمرتزقة الأجانب خلال 90 يوماً.
وأشار إلى أن “كل تدخل أجنبي غير مقبول: وأن الاتحاد الأوروبي على أهبة الاستعداد لدعم تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بإجراءات ملموسة، وفقًا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، مذكراً بقراره السابق بفرض عقوبات على المخربين المحتملين.
وعلق المبعوث الأممي السابق لدى ليبيا، غسان سلامة على المخاوف الدولية من عدم امتثال القوى الخارجية لاتفاق وقف الحرب، قائلاً: ما هو مهم أن الليبيين قد قرروا انهاء التقاتل، مؤكداً أنهم سيقومون بأنفسهم بإبلاغ قرارهم إلى الدول التي تدعمهم في الخارج، مستطرداً: “ليس هناك من مخرج للأزمة في يوم واحد، فقد وضعت هندسة لثلاثة مسارات اقتصادية وعسكرية وسياسية، هذا الأخير الذي سيجتمع أطرافه افتراضيا في 26 أكتوبر وبطريقة مباشرة في شهر نوفمبر، والاتفاق ملزم وساري المفعول، حتى قبل صدور قرار أممي جديد، لأنه يأتي تنفيذا لمخرجات برلين وقرار الأمم المتحدة”.