رغم محاولات وزير الداخلية المفوض لحكومة الوفاق فتحي باشاغا تجميل صورته حول العالم، بادعاء سعيه لإنجاح الحوار بين الليبيين، إلا أن تحركاته ومواقفه وتصريحاته طيلة الشهور القليلة الماضية كانت خير شاهدا ودليلا على مدى كذبه وتضليله، بل وأثبتت بما لا يدع مجالا للشك أنه ليس سوى رجل يتحرك وفق أجندة تركية.
وكان باشاغا خرج أمس ليدعي في إحدى التغريدات بأن وزارته “تسخر كامل إمكاناتها لإنجاح أي مساعٍ لحقن الدماء” في إشارة إلى المفاوضات التي تجرى بين الأطراف الليبية في المغرب ومصر، مشيدًا بجهود البعثة الأممية في ليبيا، لجمع الفرقاء وإنهاء الأزمة السياسية، وفق قوله.
ولم يمكن تجاهل سياسات ومواقف وزير داخلية حكومة الوفاق عند الحديث حول صدق نيته من الحوار السياسي من عدمها، فالرجل الذي يعرف داخل العاصمة طرابلس بوزير المرتزقة يعد أحد أبرز رجال أردوغان في ليبيا، باعتباره ضمن الشخصيات التي دعت إلى ضرورة التدخل التركي في طرابلس تحت حجة الدفاع عن شرعية الحكومة التي لم تنل ثقة البرلمان، كما دعا إلى جلب المرتزقة السوريين واستقدام الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، وبدعم ميليشيات مصراته كان له دور بارز في توقيع اتفاقيتين أمنية وأخرى بحرية، وصفت بالمهينة مع الحكومة التركية في نوفمبر الماضي.
وتعددت زيارات وزير الداخلية المفوض لحكومة الوفاق إلى أنقرة، حتى وصل الأمر إلى وصفه بالسفير التركي في ليبيا أو المبعوث الخاص لأردوغان إلى طرابلس، في حين ربط البعض كثرة لقاءاته بالمسؤولين الأتراك بمدى التنسيق والدعم الذي يحصل عليه من جانب المرتزقة السوريين الذين نقلتهم تركيا إلى ليبيا للمشاركة ضمن ميليشيات حكومة الوفاق في عملياتها ضد الجيش الوطني الليبي بالعاصمة طرابلس.
الاتهامات التي وجهت لباشاغا بأنه يحتمي بالمرتزقة السوريين لتوسيع نفوذه داخل العاصمة ليصعد على رأس السلطة بمساعدات تركية، تزايد الحديث عنها بعدما ألقى أحد قيادات ميليشيات النواصى التابعة لحكومة الوفاق الضوء على كيفية استقدام وزير داخلية الوفاق المرتزقة الموالين لتركيا واستخدامهم في الحرب ضد أعدائه ومنافسيه من قادة الميليشيات الأخرى.
ولم يكن دعم المرتزقة السوريين لباشاغا بعيدا عن تحضيره للسلطة، ففي الآونة الأخيرة بدا واضحاً أنه يستخدم كل نفوذه وعلاقته بتركيا، من أجل أن يصعد إلى رأس الحكم، خاصة مع تزايد نكبات رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فايز السراج،وتعدد المطالبات الداعية إلى رحيله، فلم تجد أنقرة سوى باشاغا ليكون هو رجلها في المرحلة المقبلة داخل ليبيا لتنفيذ أجندتها والسيطرة على موارد البلاد النفطية والحصول على عقود الاستثمار المقبلة داخل البلاد.