استراتيجية مختلفة يريد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تطبيقها في الأراضي الليبية، بعد أن تغيرت المعطيات في الآونة الأخيرة، خاصة بعد أن شهدت الأيام الماضية مباحثات متعلقة بالتوافق بين القوى المتنازعة في ليبيا، بوساطة الأمم المتحدة وعدد من الدول الكبرى الفاعلة في الأزمة الليبية.
وأعلن رئيس حكومة الوفاق، فائز السراج، أمس الأربعاء، عن رغبته في تسليم السلطة في موعد أقصاه أكتوبر المقبل، ويبدو أن تلك الرغبة لما تتولد لدى السراج لأي سبب إلا برغبة وضغط من الأتراك، تمهيدا لتسليم السلطة في غرب ليبيا إلى أحد رجال أردوغان المخلصين، ولم يجد الرئيس التركي أنسب من وزير داخلية الوفاق فتحي باشاغا لإدارة تلك الحكومة الباطلة.
فتحي باشاغا، رجل الميليشيات الأول في ليبيا، كان يقف نداً لرئيس حكومته فائز السراج على مدار الأشهر الماضية، مستقوياً بميليشيات مصراته الداعمة له قلباً وقالباً، ومُستنداً على الأتراك الداعمين له طوال تلك المدة، فكان يتخذ القرارات دون الرجوع للسراج أو لأي شخص غيره من حكومة الوفاق.
وكان التحقيق مع باشاغا بشأن التعدي على متظاهري طرابلس المحتجين على سياساته وقمعه، هي أخر الحوادث التي وقعت بينهما، فقد استعرض قوته حين عودته من تركيا برتل عسكري شارك فيه عشرات السيارات المدججة بالسلاح ومئات من المرتزقة التابعين له، فكانت رسالته التحذيرية الأخيرة للسراج بدعم واضح من الأتراك.
وخلال الفترة الماضية، أرسل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، وزير الداخلية المفوض، فتحي باشاغا، ليحل محل السراج في المفاوضات التي ستجرى في باريس، ومن المعروف أن ذلك المجلس لا يتلقى أوامره وتوجيهاته إلا من الأتراك، وهو ما يؤكد التقارير التي تم تداولها حول تجهيز باشاغا لاستلام السلطة في غرب ليبيا من السراج.
وبات من الواضح أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يرغب في استخدام رجله الأقوى في غرب ليبيا للسيطرة والإحكام على ثروات ومقدرات الشعب الليبي، بعدما وجد أن فائز السراج أصبح بلا فائدة وأن شخصيته الضعيفة لا تتناسب مع طموحه غير المحدود في الأراضي الليبية، فكان لزاما عليه استبداله.
ويرى مراقبون أنه في حالة تنصيب فتحي باشاغا ذراع أردوغان في ليبيا منصب رئيس حكومة الغرب، ستكون مهمته إعطاء الشركات التركية امتيازات كبيرة في ليبيا دون توقيع اتفاقيات علنية لعدم إحداث بلبلة في الإعلام الليبي والتركي، كما حدث في فترة السراج، وهو أحد الأسباب التي عجلت بالإطاحة بفائز السراج.