حصاد ليبيا 2025.. عام التحولات الكبرى والأزمات المفتوحة

0
127

شهدت ليبيا خلال عام 2025 عددًا من الأحداث التي برزت على السطح بين اشتباكات واغتيالات وارتكاب جرائم وحالات قبض واعتقال في غرب ليبيا بينما لم تغب الفعاليات السياسية عن المشهد في عام كان مليئًا أيضًا بالقرارات العسكرية المهمة في الشرق الليبي.

وبدأ العام بتطور أمني وقضائي لافت، تمثل في اعتقال أسامة نجيم في إيطاليا يوم 19 يناير، تنفيذًا لمذكرة توقيف صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية، على خلفية اتهامات تتعلق بارتكاب انتهاكات جسيمة بحق مهاجرين داخل مراكز احتجاز غير قانونية. وجاءت هذه الخطوة في إطار التعاون القضائي الدولي، لتعيد إلى الواجهة ملف الجرائم المرتبطة بالهجرة غير الشرعية في ليبيا.

وفي 7 فبراير، صُدم الرأي العام الليبي والدولي باكتشاف مقبرة جماعية في مدينة الكفرة تضم 55 جثة لمهاجرين غير نظاميين، في واقعة كشفت حجم الجرائم التي تنفذها شبكات تهريب البشر في الجنوب الليبي. وأظهرت التحقيقات الأولية تعرض الضحايا للتعذيب والقتل، ما سلط الضوء مجددًا على هشاشة الوضع الأمني في المناطق الجنوبية واتساع نشاط العصابات الإجرامية.

سياسيًا، شهد 23 فبراير إعلان اتفاق بين أعضاء من مجلسي النواب والدولة خلال اجتماعات في القاهرة، تم خلاله التوافق على تشكيل حكومة موحدة كخطوة لإنهاء الانقسام السياسي. ورغم الترحيب الحذر بالاتفاق، إلا أنه سرعان ما اصطدم بخلافات حول توزيع المناصب السيادية وآليات التنفيذ، ما حال دون تطبيقه فعليًا على الأرض.

وفي 20 مارس، عاد ملف تفجير طائرة لوكربي إلى الواجهة، عقب اعتقال سمير شقوارة لحيازته وثائق قيل إنها تكشف معلومات حساسة تتعلق بالقضية وتورط أجهزة استخباراتية. وأثار هذا التطور جدلًا واسعًا بشأن إعادة فتح أحد أكثر الملفات تعقيدًا في التاريخ الليبي، وسط مطالبات بكشف الحقيقة كاملة.

وتفاقمت التداعيات الإنسانية في 4 أبريل، بعد إعلان 10 منظمات إنسانية دولية تعليق عملها في ليبيا، بسبب تدهور الأوضاع الأمنية وقيود إدارية متزايدة. القرار انعكس مباشرة على الخدمات الصحية والإغاثية، خاصة في المناطق التي تعتمد بشكل أساسي على الدعم الدولي.

وكان شهر مايو من أكثر أشهر العام دموية، إذ شهدت العاصمة طرابلس في 12 مايو اشتباكات عنيفة عقب مقتل عبد الغني الككلي، قائد جهاز دعم الاستقرار، ما أدى إلى سقوط ضحايا مدنيين وأضرار واسعة في الأحياء السكنية، وانتهى بتفكيك الجهاز فعليًا. وأعادت هذه الأحداث طرح ملف الميليشيات بقوة، وسط احتجاجات شعبية حمّلت حكومة الوحدة الوطنية مسؤولية تدهور الوضع الأمني.

وفي تطور قانوني بارز، أعلنت ليبيا في 15 مايو منح المحكمة الجنائية الدولية الاختصاص القضائي على الجرائم المرتكبة خلال الفترة من 2011 إلى 2027، في خطوة وُصفت بالتاريخية، لكنها أثارت جدلًا داخليًا حول السيادة والعدالة الانتقالية.

دوليًا، فرضت الولايات المتحدة في 4 يونيو حظرًا جزئيًا على دخول الليبيين إلى أراضيها ضمن قرار شمل مواطني عددًا من الدول، ما أثار ردود فعل غاضبة، واعتُبر قرارًا يزيد من عزلة المواطنين الليبيين، خاصة الطلبة والمرضى.

وفي الشرق الليبي، شهد عام 2025 قرارات عسكرية مفصلية، أبرزها تعيين الفريق أول صدام حفتر نائبًا للقائد العام للجيش الوطني الليبي في 12 أغسطس، ثم تعيين الفريق أول خالد حفتر رئيسًا للأركان العامة في 19 من الشهر نفسه، في إطار إعادة هيكلة القيادة العسكرية وتعزيز استقرار المؤسسة العسكرية.

وعلى الصعيد الانتخابي، انطلقت في 16 أغسطس المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية، تلتها مرحلة ثانية في 18 أكتوبر، في محاولة للحفاظ على حد أدنى من المسار الديمقراطي، رغم تأجيل الانتخابات في بعض البلديات بسبب مخاوف أمنية وتدخلات سياسية.

أمنيًا، تعرض محيط مقر بعثة الأمم المتحدة في طرابلس لهجوم صاروخي في 21 أغسطس، دون تسجيل إصابات، في رسالة اعتُبرت تهديدًا مباشرًا للمسار الأممي، وأعادت التساؤلات حول أمن العاصمة واستقرارها.

ومع اقتراب نهاية العام، شهدت البلاد في 28 نوفمبر مظاهرات واسعة في عدد من المدن، طالبت بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية عاجلة، في تعبير واضح عن تصاعد الغضب الشعبي من استمرار المرحلة الانتقالية وتعطيل الاستحقاق الانتخابي.

وفي 1 ديسمبر، أعلنت السلطات تسليم خالد الهيشري إلى المحكمة الجنائية الدولية، في خطوة عززت مسار التعاون القضائي الدولي، قبل أن تشهد مدينة صبراتة في 12 ديسمبر مقتل أحمد الدباشي المعروف بـ“العمو”، أحد أبرز قادة الميليشيات وشبكات تهريب البشر، خلال اشتباكات مسلحة أنهت نفوذ شخصية جدلية في غرب البلاد.

واختُتم عام 2025 بحدث مأساوي في 23 ديسمبر، تمثل في تحطم طائرة في أنقرة، أسفر عن مقتل رئيس أركان حكومة الوحدة الوطنية محمد الحداد وأربعة آخرين، في حادث صدم الشارع الليبي وفتح باب التساؤلات حول تداعياته السياسية والعسكرية.

بهذا، عكس عام 2025 صورة مركبة للمشهد الليبي، بين انفلات أمني وصراعات مسلحة في الغرب، ومحاولات لترسيخ الاستقرار المؤسسي والعسكري في الشرق، مقابل حراك سياسي وانتخابي محدود لم ينجح في إنهاء حالة الانقسام، ما جعل العام محطة حاسمة في مسار الأزمة الليبية الممتدة.