غرب ليبيا في 2025.. اشتباكات واغتيالات وفوضى أمنية

0
131
عبدالحميد الدبيبية - ميليشيات غرب ليبيا
عبدالحميد الدبيبية - ميليشيات غرب ليبيا

شهدت ليبيا خلال عام 2025 تصاعدًا لافتًا في وتيرة الاشتباكات المسلحة، لا سيما في مناطق غرب البلاد وفي مقدمتها العاصمة طرابلس، في ظل استمرار هشاشة الوضع الأمني وتعدد مراكز القوة المسلحة، وعجز حكومة الوحدة الوطنية عن فرض سيطرتها الكاملة على المشهد الأمني. وأسفرت هذه التطورات عن سقوط ضحايا مدنيين، وخسائر في الممتلكات العامة والخاصة، ونزوح عائلات، فضلًا عن تعطيل مرافق حيوية للدولة.

وكانت الاشتباكات التي اندلعت في طرابلس يوم 12 مايو 2025 الأبرز والأكثر تأثيرًا خلال العام، حيث دارت مواجهات عنيفة بين اللواء 444 مشاة وجهاز دعم الاستقرار، عقب الإعلان عن مقتل قائد الجهاز عبد الغني الككلي المعروف بـ“غنيوة”. وامتدت الاشتباكات إلى أحياء سكنية مكتظة، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، بينهم مدنيون، وحدوث أضرار واسعة في الممتلكات العامة والخاصة، إضافة إلى نزوح مئات العائلات خوفًا من اتساع رقعة القتال.

وأمام خطورة الأوضاع، تدخلت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ودعت إلى الوقف الفوري للأعمال العدائية، قبل أن يُعلن في 14 مايو عن وقف لإطلاق النار، أسهم في تهدئة الأوضاع نسبيًا، دون معالجة الأسباب الجذرية للصراع. ورغم توقف القتال المباشر، ظلت حالة التوتر قائمة، مع استمرار انتشار التشكيلات المسلحة داخل العاصمة.

ولم تقتصر الاشتباكات على طرابلس، إذ شهد شهر فبراير 2025 مواجهات متقطعة بين جماعات مسلحة متنافسة على خلفية صراعات نفوذ وسيطرة على الموارد، أسفرت عن مقتل نحو 10 أشخاص. وفي مايو من العام نفسه، تجددت الاشتباكات في مدينة الزاوية غرب طرابلس بين مجموعات مسلحة مرتبطة بحكومة الوحدة الوطنية، ما أدى إلى مقتل مدني وإصابة 22 آخرين. كما اندلعت في أغسطس 2025 مواجهات عنيفة في منطقة تاجوراء شرق طرابلس، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 9 أشخاص وإصابة آخرين، تلتها في سبتمبر توترات واشتباكات متقطعة جنوب العاصمة بسبب خلافات حول السيطرة على قاعدة معيتيقة الجوية ومرافق حيوية أخرى.

وكانت آخر الاشتباكات التي شهدها غرب ليبيا خلال عام 2025 في 12 ديسمبر، حيث قُتل أحمد الدباشي المعروف باسم “العمو”، قائد إحدى الميليشيات في مدينة صبراتة وأحد أبرز مهربي البشر في ليبيا، إثر اشتباكات مسلحة وقعت بين مجموعته وجهاز مكافحة التهديدات الأمنية بمدينة الزاوية، كما أُصيب عدد من عناصر مجموعته بإصابات وُصفت بالبليغة.

وأعقبت اشتباكات مايو في طرابلس مظاهرات شعبية غاضبة حمّلت حكومة الوحدة الوطنية مسؤولية تدهور الوضع الأمني، وطالبت بحل الميليشيات وإنهاء حالة الفوضى المسلحة. وأعادت هذه التحركات إلى الواجهة مطالبات متكررة بضرورة إعادة هيكلة المؤسسة الأمنية وبسط سلطة الدولة على السلاح.

وتعكس أحداث عام 2025 استمرار حالة الانفلات الأمني في غرب ليبيا، نتيجة تعدد التشكيلات المسلحة وتضارب الولاءات وغياب مشروع أمني موحد قادر على فرض النظام. ويرى مراقبون أن حكومة الوحدة الوطنية فشلت في إدارة الملف الأمني، واعتمدت على موازنة النفوذ بين الجماعات المسلحة بدلًا من تفكيكها أو دمجها ضمن مؤسسات نظامية، ما جعل العاصمة ومحيطها عرضة لانفجارات أمنية متكررة.

في المقابل، ساد الاستقرار مناطق الشرق والجنوب الليبي خلال العام نفسه، في ظل سيطرة الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر وبسطه الأمن على مساحات واسعة، وتأمين المرافق الحيوية والطرق الرئيسية، ما عزز حالة الاستقرار مقارنة بما تشهده مناطق الغرب.

وبينما يستمر المشهد الأمني المضطرب في غرب ليبيا، تؤكد أحداث عام 2025 أن غياب الحلول الجذرية وترك السلاح خارج إطار الدولة يهددان أي مسار سياسي مستقبلي. ويبقى الأمن شرطًا أساسيًا لتحقيق الاستقرار، في وقت تتزايد فيه مطالب الليبيين بإنهاء الفوضى وبناء دولة قادرة على حماية مواطنيها ومؤسساتها.