بين أزمة الثقة ومخاوف التضخم.. مركزي ليبيا يواجه نقص السيولة بطباعة العملة

0
143
مصرف ليبيا المركزي
مصرف ليبيا المركزي

يواجه الاقتصاد الليبي واحدة من أكثر أزماته النقدية تعقيدًا، في ظل استمرار معاناة المواطنين من شح السيولة وازدحام المصارف، إلى جانب اتساع الفجوة بين السعر الرسمي للعملة وسعرها في السوق الموازية، وتضخم حجم الأموال المتداولة خارج الإطار المصرفي.

ومع لجوء مصرف ليبيا المركزي إلى إجراءات استثنائية للحد من تفاقم الأزمة، تتزايد المخاوف بشأن انعكاسات هذه الخطوات على الاستقرار النقدي، خصوصًا في ظل الانقسام السياسي القائم، واستمرار الإنفاق العام دون ضوابط واضحة، ما يحدّ من فعالية السياسة النقدية في احتواء الأزمة.

وفي هذا السياق، أوضح أيوب محمد الفارسي، عضو لجنة السياسة النقدية بمصرف ليبيا المركزي وأستاذ الاقتصاد بجامعة بنغازي، أن قرار طباعة 60 مليار دينار ليبي جاء كحل اضطراري ومؤقت لمعالجة أزمة السيولة، وليس معالجة جذرية للاختلالات النقدية القائمة، محذرًا من أن ضخ هذه الكتلة النقدية بشكل مفاجئ قد يؤدي إلى ضغوط تضخمية كبيرة ويزيد من الطلب على النقد الأجنبي في السوق الموازية.

وأشار الفارسي، في تصريحات صحفية، إلى أن جوهر الأزمة لا يرتبط بندرة النقد بقدر ما يرتبط بضعف الثقة بين المواطنين والمؤسسات المصرفية، وهو ما دفع شريحة واسعة من الليبيين إلى الاحتفاظ بأموالهم خارج المصارف، لتتحول الكتلة النقدية خارج النظام المصرفي إلى عامل مؤثر في أداء الاقتصاد.

وبيّن أن إحجام المواطنين عن الإيداع أسفر عن تراكم مبالغ كبيرة من السيولة خارج المصارف، لافتًا إلى أن الأموال التي تخرج من النظام المصرفي نادرًا ما تعود إليه، وغالبًا يكون ذلك لأغراض محدودة، مثل شراء النقد الأجنبي أو فتح الاعتمادات المستندية.

وأضاف أن هذه الكتلة النقدية المتداولة خارج المصارف لا تقتصر آثارها على تعميق أزمة السيولة داخل الجهاز المصرفي، بل تسهم كذلك في زيادة عرض النقود وارتفاع الطلب، ما يؤدي إلى صعود الأسعار وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين.

وكشف عضو لجنة السياسة النقدية أن مبلغ الـ60 مليار دينار لم يُطبع بالكامل حتى الآن، موضحًا أن الدفعة الأولى، والمقدرة بنحو 12 مليار دينار، وصلت بالفعل، ومن المقرر ضخها تدريجيًا على مدى ثلاثة أشهر.

وأكد أن المصرف المركزي يتبع سياسة الضخ المرحلي للسيولة بهدف ضمان توفر نسبي للنقد داخل المصارف، لا سيما في الفترة التي تسبق وخلال شهر رمضان، دون التسبب في صدمة نقدية قد تنعكس سلبًا على الاستقرار الاقتصادي وسعر الصرف.

وأوضح الفارسي أن طباعة العملة تأتي أيضًا ضمن خطة لسحب إصدارات نقدية ثبت أن حجمها المتداول يفوق الأرقام المسجلة رسميًا لدى المصرف المركزي، وهو ما كان يشكل تهديدًا مباشرًا للنظام النقدي في البلاد.